مقالات دينية
سيرة الطوباوية الألمانية كاثرين إيميريخ
سيرة الطوباوية الألمانية كاثرين إيميريخ
إعداد / جورج حنا شكرو
قبل عشرين سنة بالتحديد، أيّ في 3 /10 /2004 أُعلِنَت الراهبة الألمانيّة المتصوّفة كاثرين إيْميريخ طوباويّة..
* نبوءتها وحياتها من كتابة الخوري غسان رعيدي، من كتاب:
إنتصار قلب مريم الطاهر – 2012..
طفولتها : إعتادَتْ هذهِ الطُوباويَّةُ أن تَرى مَلاكَها الحارِسَ بشكلِ طفلٍ يلعبُ معها في الحديقة. وكان يسوعُ الرَاعي الصَالِحُ يَظهَرُ لَها كرَاعٍ شابٍّ وهي تَرعى الخراف، ويُساعدُها. كذلك والدةُ اللهِ، ملكةُ السَماء، كانت تَظهرُ لَها ٱمرأةً كاملةَ الجمالِ واللُطفِ والعَظَمة، تَهَبُها الحنانَ والحمايةَ، وتَحمِلُ لَها الطِفلَ الإلَهيَّ ليكونَ رفيقَها. وكانَ كثيرٌ من القدِّيسينَ يأتُونَ إليها ليأخُذُوا منها أَكاليلَ الزَهْرِ الَّتي كانت تصنَعُها إكرامًا لَهم في ذِكْرَى أعيادِهم..
منذُ طُفولَتِها كانت تُمَيِّزُ بين الخيرِ والشَرِّ. وحينَ كان يَمُرُّ كاهنٌ حاملاً القربانَ المقَدَّسَ، كانت تَشعُرُ بٱنْجِذابٍ قَوِيٍّ نَحْوَهُ، فتُسرِعُ إلى لقائِهِ قَبلَ وُصُولِهِ إليها وتَركَعُ ساجِدَةً لتنالَ البركةَ. وكانت تَنجَذِبُ لذَخائرِ القدِّيسينَ كما الحديدُ إلى الْمَغناطيس. وحَظِيَتْ بنعمةِ التَواصُلِ معَ الأنفُسِ المطهريَّة. خَدَمَت، منذُ طُفولتِها، العجَزَةَ والفقراءَ والْمَرضَى. ولَمَّا كانت تقَعُ في هَفْوَةٍ صغيرةٍ، تتألَّمُ بشِدَّةٍ وتَمرَضُ إلى أن تَعتَرِفَ بِها وتَنالَ الْحِلَّةَ منها، فتُشفَى وتَنتعِشَ بالرُوحِ فَوْرًا.. وأُنعِمَ عليها برُوحِ النُبوءَةِ.
تعلَّمَت في حياتِها الكمالَ بعَيْشِ الألَمِ والإماتة. منذُ طُفولتها، كانت تتلقَّى أحلامًا رمزيَّةً مُتَتاليةً تكشِفُ لَها غايةَ وُجُودِها، وبواسطةِ الأَمثالِ كانت تعرِفُ السَبيلَ للوصولِ إلى هذه الغايةِ، وكانَتْ هذِهِ الأحلامُ تكشِفُ لَها عذاباتِها الْمُستقبَلِيَّةَ، والْمَخاطِرَ والْمَعارِكَ الَّتي سَتُوَاجِهُها.
نالَتِ الطُوباويَّةُ كاثرين إيْميريخ سنةَ 1798، في الرَابعةِ والعشرينَ من عُمْرِها، نعمةَ ٱختبارِ عذاباتِ “هامَةِ” الرَبِّ يسوعَ المقدَّسَةِ حين كُلِّلَ بإكليلِ الشَوكِ، وذلك بآلامٍ فِعْليَّةٍ ومَنظُورةٍ. بينما كانت راكعةً أمامَ المصلوبِ في كنيسةِ اليسوعيِّينَ في كوسفيلد، عندَ السَاعةِ الثَانيةَ عَشْرَةَ ظهرًا تقريبًا، تتأمَّلُ بعُمْقٍ، شاهَدَتْ بِحَرارةٍ حيَّةٍ ولَطيفةٍ عَريسَها السَماويَّ آتيًا إليها من بيتِ القُربانِ وهو مُلتَحِفٌ بالنُورِ، في يَسارِهِ يَحمِلُ إكليلَ زَهْرٍ، وفي يَمينهِ إكليلاً من شَوْكٍ. خَيَّرَها الرَبُّ بين الإكليلَيْنِ، فٱختارَتْ هي إكليلَ الشَوْكِ وثَبَّتَتْهُ بيَدَيْها على رَأْسِها..هكَذا بدأت آلامُ رأسِها الَّتي ظَهَرَت للعيانِ في اليومِ الثاني..
قُبِلَتْ في عدادِ الرَاهباتِ الأَغوسطينيَّاتِ ودخَلَت مرحلةَ الإبتداءِ في 13 تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1802، وكان عمرُها 28 سنة. تَحمَّلَت عذاباتٍ كثيرةً وتوبيخاتٍ من غيرِ سببٍ، لأنَّها كانت تُظلَمُ بٱتِّهاماتٍ خارجةٍ عن الحقِّ. وعلى الرَغمِ من كلِّ ذلك، حافظَت على روحِ الطَاعةِ والمحبَّةِ والصَلاةِ في الكنيسةِ، باكيةً على خطاياها وعذاباتِ الكنيسة. وفي 13 تشرين الثاني سنةَ 1803، أبرَزَت نُذُورَها الرَهبانيَّةَ وأصبحَت عروسةَ المسيحِ يسوع.
قالَت في كتاباتِها إنَّها لَم تَكُن تَشعرُ بأنَّها وَحيدةٌ إلاَّ عندَما تكونُ برفقةِ البشرِ . وكان مَلاكُها الحارسُ يُلازِمُها دائمًا رَغْمَ هُجُومِ الشَيطانِ المتكرِّرِ.. وهكذا كان ملاكُها السَماويُّ يَحرسُها ويَمنعُ عنها الأذيَّة. كانت تَسجُدُ راكعةً باسطةً يَدَيها بشكلِ صليبٍ أمامَ القربانِ المقدَّسِ لأوقاتٍ طويلةٍ. كانت في معظمِ الأيَّامِ هزيلةَ الجسد. ولكنَّها عَوَّدَتْ نفسَها على الإماتاتِ والأصوامِ الْمُتواتِرَةِ والصَلَواتِ والسَهَرِ ليلاً مع الرَبِّ منذُ الطُفولةِ..
أُقفِلَ ديرُ الرَاهباتِ في 13 كانون الأوَّل/ديسمبر على يَدِ الحاكمِ جيرومَ بُونابَّرتْ وتشتَّتَتِ الرَاهباتُ ، أمَّا كاثرين إيْميريخ فبَقِيَتْ معَ خادمةٍ طيِّبةٍ في الدَيرِ ، وبقِيَ معَهُما كاهنٌ فرنسيٌّ مُهاجِرٌ يَحتفلُ بالقُدَّاسِ في الدَير . ولكنْ ، بعدَ أَشْهُرٍ ، ٱنتقَلَ الثلاثةُ الَّذينَ كانوا الأكثرَ فقرًا في الدَير ، إلى مَنْزِلٍ مُتواضِعٍ قَدَّمَ فيه الكاهنُ غرفةً لكاثرين في الطَابقِ الأَرضِيِّ لأنَّ مَرَضَها لا يسمحُ لَها بالتَنقُّلِ. في 28 آب/أغسطس، يومَ عيدِ القدِّيسِ أَغوسطينوسَ شفيعِ الرَهبنةِ، حصلَتْ على علامةِ الصَليبِ داخلَ صَدْرِها. ثُمَّ ٱنطبَعَت جراحاتُ المسيحِ على جسدِها في 29 كانون الأوَّل/ديسمبر سنة 1812. فبينما كانت تُصلِّي وتتأمَّلُ في جراحاتِ يسوعَ، رأَتْ نُورًا نازلاً عليها، ظَهَرَ في وسَطِهِ حبيبُها يسوعُ مُتألِّقًا وينبعِثُ من جراحاتِهِ نورٌ مُشِعٌّ. ثلاثةُ أَشِعَّةٍ تُضيءُ بِلَوْنِ الدَمِ ٱنبثَقَتْ كالسِهامِ من يَدَيهِ وقدَمَيْهِ وجَنْبِهِ، وٱختَرَقَتْ يَدَيْها وقَدَمَيْها وجَنْبَها الأيْمَنَ. فسالَت قطراتُ الدِماءِ من الْجِراحِ الَّتي تركَتْها هذهِ السِهامُ. فشَعَرَتْ كاثرين بأنَّ مَجْرَى الدَمِ في جَسَدِها حَوَّلَ دَوْرَتَهُ نحو الجراحات..
في شهرِ آذارَ/مارس سنةَ 1813، خضعَتْ للفُحوصِ الطِبِّيَّةِ من قِبَلِ طبيبِ المنطقةِ الَّذي ٱقتنَعَ بعدَ فَحْصِها بِحَقيقةِ ما رأى، وأصبحَ طبيبَها الخاصَّ وصديقَها، ولازَمَها حتَّى مَوْتِها. ودخلَت كاثرين من جديد، بعدَ إقفالِ الدَيرِ إلى رعايةِ الكنيسةِ المقدَّسةِ، إذ عَيَّنَتِ السُلطةُ الكنَسيَّةُ الأبَ دِين أوفربيرغ Dean Overberg، في 28 آذار سنة 1813، مُرشِدًا روحيًّا لَها (ص.32). ثُمَّ تَعَرَّفَ إليها كاتِبُ هذا الكتاب، ولازَمَها مع الْمُرشِدِ، وبإذْنِ المطرانِ سايلر وبِحُضُورِهِ في بعضِ الأوقاتِ، حتَّى سنة 1819 لَمَّا خَفَّ نَزْفُ الدَمِ وٱختفَى نِهائيًّا في 25 كانون الأوَّل من السَنةِ عينِها. وكان الكاتِبُ يُدوِّنُ كُلَّ ما يُلاحِظُهُ ويَختَبِرُهُ بتَجَرُّدٍ، وهو يشهَدُ على طلَبِها من الرَبِّ كي يُخفِيَ جراحاتِها الَّتي سبَّبَتْ بعضَ الْمَشاكِلِ والفُضُولِ عندَ الناس. بين 7 و29 آب/أغسطس من سنة 1819، وُضِعَت كاثرين وَحْدَها وخَضعَت لفُحُوصٍ طبِّيَّةٍ مكثَّفَةٍ ودقيقة، لأنَّ جِراحاتِها نزفَتْ بشكلٍ غيرِ مَسبُوقٍ..ثُمَّ سالَتِ الدِماءُ من كلِّ جِراحاتِها مُسبِّبةً لَها آلامًا رهيبةً خلالَ خَميسِ الأسرارِ ويومِ الجمعةِ العظيمة، في 27 و28 آذار/مارس من سنة 1823، وذلك عندما حَظِيَتْ برُؤَى آلامِ الْمُخلِّصِ. وقد شَهِدَ على ذلكَ صديقٌ كان حاضرًا في المكان، إذ إنَّها، وَسَطَ تلكَ الآلامِ والعذابات، وعلى الرَغمِ من ٱنْجِذابِها بالرُوحِ معَ آلامِ المسيح، كانت تُجيبُ على الأسئلةِ الَّتي تُطرَحُ عليها وتَهتَمُّ بأمورِ البيتِ وكأنَّها بِتَمَامِ الصِحَّةِ والقوَّة. وكانت تَفعلُ ذلكَ من دونِ تَشَكٍّ، معَ أنَّها أشرفَتْ على الموت. وكانت هذهِ الْمَرَّةَ الأخيرةَ الَّتي تَشهَدُ فيها، بِنَزْفِ دَمِها، على ٱتِّحادِ آلامِها بآلامِ الَّذي بذَلَ ذاتَهُ كَفَّارَةً عنَّا وعن خطايانا.
وكَشَفَت عن مَعنى آلامِها الَّتي ٱنتابَتْ كُلَّ أَعضاءِ جَسَدِها، وعن هَدَفِ هذِهِ الآلامِ، وذلك من خلالِ الرُؤيا التَاليةِ عن جَسَدِ المسيحِ السِرِّيِّ أي الكنيسةِ المقَدَّسة، بالإضافةِ إلى العملِ الَّذي يَدفعها إلى مُتابَعَةِ التَألُّمِ من أجلِ الآخَرِينَ..
كَتَبَتِ الطُوباويَّةُ كاثرين إيْميريخ ما يلي:
“رأيْتُ جِسْمًا بَشَرِيًّا عملاقًا مُشوَّهًا بشكلٍ مُخيفٍ ويَرتفعُ إلى السَماء.. يفتَقِدُ إلى أصابِعِ يدَيْهِ ورِجْلَيْهِ الْمَقطُوعَةِ؛ رأسُهُ مُغطًّى بِجُروحٍ مُرعِبَةٍ ؛ بعضُها جديدٌ ويَنْزِفُ ، وبعضُها الآخَرُ مُغطًّى بِلَحْمٍ مَيْتٍ أو مُخروطٌ بزَوائِدَ فطريَّةٍ. جانبٌ من جَسَدِهِ مُهتَرِئٌ وأَسْوَدُ وتأكلُهُ الغَرْغَرينا. عَلِمْتُ ما هو الرُعبُ في هذا المشهَدِ، وشعَرْتُ فعليًّا بكلِّ أَوجاعِهِ في جَسَدي، ثُمَّ قالَ لِي دَليلي السَماويُّ : هذا هو جَسَدُ الكنيسة، جَسَدُ جَميعِ البشرِ وجَسَدُكِ أنتِ.
وبينما كان يُرينِي الْجِراحَ كُلَّها، واحدًا فَواحِدًا، أَرانِي بإصبَعِهِ جُزءًا من العالَم؛ فرأيتُ بنِظرةٍ واحدة، وُصولاً إلى الأقطارِ البعيدةِ جدًّا، عَدَدًا لا مُتناهِيًا من البشرِ والشُعوبِ الَّذينَ ٱنفَصَلوا عن الكنيسة، كُلٌّ على طريقتِهِ، فشَعَرْتُ بآلامِ هذا الانفصالِ وكأنَّهم قُطِعُوا من جَسَدِي. عندَها، قالَ لي دَليلي السَماويُّ: إكتَسِبي فَهْمَ آلامِكِ وقَدِّميها للهِ معَ آلامِ يسوعَ لأجلِ الَّذين ٱنفصَلُوا. أَلا يَجِبُ على العُضْوِ الصَحيحِ أن يتألَّمَ من أجلِ شفاءِ العُضْوِ المريضِ وإعادتِهِ إلى مكانِهِ الصَحيحِ في الجسد؟ عندما تكونُ الأعضاءُ الأكثَرُ قُرْبًا هي الَّتي تُفْصَل (عن يسوع)، فالَّذي يُفصَل ما هو إلاَّ تلكَ الأعضاءُ الَّتي تَنسلِخُ من الصَدرِ حولَ القلب. إعتَقَدْتُ في البدءِ، لِبَساطَتِي، أنَّهم إخوةٌ وأَخَواتٌ لَيسُوا مُتَّحدِينَ معنا في الإيْمَانِ، لكنَّ دَليلي السَماويَّ تابعَ قائلاً: مَن هُم إخوَتِي؟ إنَّهم الَّذينَ يَحفظونَ وصايا أبي.. الأقرَبُ إلى القلبَ ليسُوا أُولئِكَ الَّذينَ يَنتسِبُونَ إلينا بِصِلَةِ قَرابةِ الدَمِ، ولكنْ هم أُولئِكَ الَّذينَ يَشتركونَ معنا في دَمِ المسيح، أولادُ الكنيسةِ الَّذينَ يَسقُطُون (الخطأة). ثُمَّ كشفَ لي عن أنَّ الجانِبَ الأسوَدَ والْمُهتَرِئَ من الجسدِ سيُشفَى قريبًا، واللَحْمَ الْمُتَعَفِّنَ حولَ الْجِراحِ يُمثِّلُ الْهَراطِقَةَ الَّذينَ يَزدادونَ ٱنقسامًا كلَّمَا تعاظَمُوا: اللحمُ الْمَيْتُ هو صورةٌ عنِ البشرِ الَّذينَ ماتُوا روحيًّا وفَقَدُوا كلَّ إحساسٍ، والأعضاءُ العَظْمِيَّةُ تُمثِّلُ البشرَ الْهَراطِقَةَ الْمُتَعنِّتينَ الْمُتحَجِّرينَ. ورأيتُ عندها وشعَرْتُ بكلِّ جرحٍ وفهِمْتُ مَعْنَاهُ. الجسدُ العملاقُ الَّذي يَصِلُ الأرضَ بالسَماء، كان جَسَدَ عَرُوسِ يسوعَ المسيحِ. كانت رؤيةُ هذا الْمَشْهَدِ مُؤلِمَةً جدًّا. بَكَيْتُ بِمَرارةٍ، ولكنْ، رَغْمَ الآلامِ الْمُمَزِّقَةِ والتَعاطُفِ الْمُوجِعِ، وَلَّدَ فِيَّ هذا الْمَشْهَدُ قوَّةً فتابَعْتُ عَمَلِي بكُلِّ قِوَايَ”..
الأشهُرُ الأخيرةُ من حياتِها حَمَّلَتْها آلامًا تكفيريَّةً عن نُفوسٍ كثيرةٍ، شَرَاكَةً مع آلامِ الرَبِّ الفادي، ومن أجلِ شِفَاءِ الخلايا الْمُهتَرِئةِ في جَسَدِهِ السِرِّيِّ، أي الكنيسةِ. قَبَّلَتْ كاثرين الصَليبَ في لَحظاتِ ٱحتضارِها بتَواضُعٍ، ثُمَّ صرَخَت: “يا ربِّ، أَعِنِّي؛ يا ربُّ، يا ربُّ، تعالَ إلَيَّ”. أخيرًا، حَمَّلَها الكاهنُ شَمعةً مُضاءَةً في يدِها، فتنَهَّدَت وسلَّمَت رُوحَها لِحبيبِها السَماويِّ لتنضَمَّ إلى مَصافِّ العذارى اللَواتِي يَتْبَعْنَ الحمَلَ دائمًا حيثُما يذهَبُ. وٱستراحَت في السَاعةِ الثامنةِ والنِصفِ مساءً، في التَاسعِ من شهرِ شباط/فبراير سنة 1824.
“بعدَ ستَّةِ أسابيعَ أو سبعةٍ من وفاةِ كاثرين إيْميريخ تقريبًا، ٱنتشَرَ خَبَرُ سرِقَةِ جُثمانِها، فنُبِشَ القبرُ وفُتِحَ النَعشُ بالسِرِّ وذلك بإذنٍ من السُلطةِ الكَنَسيَّةِ، وبِحُضورِ سبعةِ شُهودٍ. نَظَرُوا فرَأَوا بٱندِهاشٍ مَمزُوجٍ بالفرَح، أنَّ الفسادَ لَم يبلُغْ بَعدُ جَسَدَ البتولِ التَقيَّةِ. مَلامِحُ وَجهِها كانت باسِمَةً كأنَّها شَخْصٌ نائمٌ يَحلُمُ حُلمًا جَميلاً. بدَت وكأنَّها دُفِنَت في تلكَ اللحظةِ، ولَم تصدُرْ من جَسَدِها أيَّةُ رائحةٍ كتلكَ الَّتي تَصدُرُ من الْجُثَثِ”..صلاتها تكون معنا، آمين.