مقالات دينية

غلطة صيدلي

غلطة صيدلي
إعداد / الدكتورة الصيدلانية هدى سمعان
غلطة صيدلي
حاول أحد الشبان أن يُحدث صديقه الصيدلي عن المسيح المُخلصّ. فكان يفشل في كل مرة إذ كان الصيدلي يقابل حديثهُ بالأستهزاء والسخرية.
في يومٍ من الأيام قرر الشاب أن لا يفاتح الصيدلي في هذا الأمر. وقال له لن أزعُجكَ بكلامي عن المُخلصّ مرة أخرى حتى يأتي الوقت وتطلبُ أنت أن أتحدث إليك في هذا الموضوع. ولهذا ساتركُ معكَ جملةً من أقوال الله اخترتها لكَ من (المزمور 50) ونصها ، “وَادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي”، وأرجو أن لا تنساها ، وما كان من الصيدلي إلا أن ردّ عليهِ كالمعتاد بالسخرية والاستهزاء .
مرت الأيام على هذا الحديث كعادتها . وجاءت نوبة الصيدلي للخدمة الليلية . واستغرق في النوم . وفي هذا الأثناء إذ بطرقاتٍ شديدةٍ على الباب ايقظتهُ مذعور . فقام ليجد فتاة بيدها وصفة طبيب تطلب تحضير الدواء المبين بها لوالدتها التي في حالة خطرة . فأخدها الصيدلي وبدأ بتحضير الدواء ، إلا أنه كان مثقلاً بالنوم ، فقام بتحضير الدواء ووضعهُ في زجاجة ولصق عليها البطاقة المعتادة واعطاها للفتاة التي سرعان ما تلقتها منه وانطلقت تجري بأقصى سرعة .
بعد أن خرجت الفتاة . قام الصيدلي بإعادة الزجاجات التي ركب منها الدواء إلى أماكنها . وإذ بعلامات الرعب ترتسم على وجههِ لأنه اكتشف أنه اخطأ في تركيب الدواء ووضع مادة سامة بدل مادة مهدئة ، وازداد رعبهُ لما تيقن ان أقل كمية من هذه المادة السامة تكفي لق*ت*ل من يتناولها فوراً ، فتمثل أمامهُ ما ينتظرهُ من مصيرٍ مظلمٍ . ومما زاد الحالة سوءً أنه لم يَكن يعرف الفتاة ولا مكان سكناها . فاندفع خارج الصيدلية في ظلام الليل يتخبط في الشوارع . فتارةً يتجه إلى اليمين وأخرى يتجه إلى اليسار ، فلم يرىّ الفتاة ولا رأى أثرها كأن الظلام ابتلعها وهي تنطلق فيه بسرعة .
تخيلّ الصيدلي أن المريضة تناولت الدواء المميت . فابتدأ العرق البارد يتصبب من جبينه . وانهارت قواه . وتمثلت أمامه النهاية المحزنة . وماذا يفعل أمام القضاء ؟
وفجأت أضاءت في مخيلته المشتتة ، الجملة التي تركها صديقُ . “وَادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي”. فرجع إلى الصيدلية وألقى بنفسهِ على ركبتيه أمام الله وصلّى.
صلّى في هذه المرة ولم يكن يستهزء أو يسخر . صلّى وصرخ إلى الله وهو مرتعب ومرتعد وطلب الأنقاذ من هذه الورطة التي ستوقفه أمام المحاكم وتقضي على مستقبلهِ ، صلّى هذه المرة وهو على يقينٍ شديدٍ أن الله وحدهُ القادر أن يُنجيه وينقذهُ .
بعد أن صلّى جلس وإذ سمع بطرقاتٍ على الباب فخرج يستطلع الأمر . فعقدت الدهشة لسانه لأنه وجد نفس الفتاة واقفةً امامهُ تبكي بحرقة وتُمسك بيدها عنق الزجاجة وتقول : ( آهٍ يا سيدي انقذني ، لأني أثناء عودتي إلى البيت وأنا في  الطريق أركض بسرعة تعثرتُ وسقطتُ فانكسرت الزجاجة وسالّ الدواء على الأرض).
=======================
عزيزي القارئ:
تخيل معي مقدار الدهشة التي أُصيب بها الصيدلي ، وأن تحُسَ بأحساسهِ وهو يتناول وصفة الطبيب للمرة الثانية ويركب الدواء الصحيح .
أما كم كان شكرهُ القلبي لله فلا يستطيع أحد أن يقدرهُ إلا هو.
“حِبَالُ الْهَاوِيَةِ حَاقَتْ بِي. أَشْرَاكُ الْمَوْتِ انْتَشَبَتْ بِي.
فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ، وَإِلَى إِلهِي صَرَخْتُ، فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي، وَصُرَاخِي قُدَّامَهُ دَخَلَ أُذُنَيْهِ”. ( مز 18: 5-6″ .
“الله معكم”

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!