الحوار الهاديء

سيدي الرئيس لا نجاح دون ثورة ادارية


خالد الناهي

شاب وفتاة احبا بعضهما، فجلسا يخططان لبيت المستقبل، واتفقا على كل شيء، حتى عدد الأطفال، وكيفية اتخاذ القرار في إدارة شؤون المنزل. عندما أرادوا ان يحققوا ما كانوا يحلمون به، اصطدم حلمهم بالعرف العشائري، من خلال اعتذار اهل البنت، لكون ابن عمها يريدها زوجة له” نهى عليها” .
تحطم حلمهم، وضاع من عمرهم سنوات يخططون للقادم، كانوا يرغبون بقضائه معا.
الجميع يتحدث عن حكومة تخلص العراق، من معاناة يعيشها الشعب، والجميع يقول ان هذه الحكومة اما ان تنجح، فتحيي امل الديمقراطية مرة ثانية، او تفشل ” لا سامح الله” فتتجه البلاد للمجهول.
رئيس الوزراء المكلف، يدعي انه يملك خططا للنهوض بالعراق” بشرطها وشروطها” في حين راحت جميع الكتل تدعي، ان لرئيس الوزراء الحرية الكاملة في إدارة البلد للمرحلة القادمة” بعضها يدعمه فعلا، وبعضها الاخر على الأقل امام الاعلام” لكن النتيجة الرجل مدعوم.
لكن طموحات رئيس الوزراء، ربما لن تتحقق، وستصدم بالبيروقراطية الإدارية، التي تجثم على صدور المواطنين، فالجميع يعلم، ان ابسط معاملة في العراق، تحتاج على اقل تقدير خمس اوراق، وعشرين توقيع، وكل مخول بالتوقيع يحتاج ان يقف المواطن في طابور طويل، او يدفع الأموال لتتجاوز معاملته الصف.
لذلك تجد مشروع كبير، ينتفع منه الاف المواطنين، يتوقف على توقيع شخص واحد، يعاني من عقدة اضطهاد زوجته له، فيعكسه على المواطنين.
لكي تنجح الحكومة القادمة، يجب ان تتجاوز تلك التعقيدات الإدارية، والتداخل بين الصلاحيات، سواء كان بين الوزرات، من خلال دمجها، او بين المركز والمحافظات، من خلال اللامركزية الإدارية.
لا سبيل للقضاء على الرشوة، الا بالقضاء على الطابور، وصحة الصدور الورقي، والمستمسكات الأربعة، وعدم ممانعة الوزارة الفلانية، والاستثناءات الخارجة عن الضوابط.
نسمع منذ سنين، بقاعدة تسهيل الإجراءات، لكن مجرد سمع، وما رأيناها على ارض الواقع، فربما يموت مريض، ولا يستطيع ان يحصل على جواز سفر، ليعالج خارج القطر، لأنه فقد بطاقة السكن، ولا يمكن اصدار الجواز من دونها، بالرغم من توفر ثلاث مستمسكات أخرى.
سيدي الرئيس، من الجميل ان تضع خطط لبناء البلد، وتحويل اقتصادنا من ريعي الى انتاجي، لكن هذا لا يمكن ان يتحقق، دون القيام بثورة إدارية حقيقة.
البيروقراطية الإدارية، هي أصعب المهام التي ستواجه الحكومة القادمة، لان الفاسدين سيحاولون منع واسقاط من يحاول القضاء عليها، فهي العباءة التي يتغطى بها الفاسدين، والمنفذ الذي يحاولون الهرب منه، كلما أراد أحد القضاء عليهم.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!