مقالات دينية

القديسين الثلاثة من سوريا ( ثيوفيلوس وكورنيليوس الدمشقي وبروكلس السوري )

القديسين الثلاثة من سوريا ( ثيوفيلوس وكورنيليوس الدمشقي وبروكلس السوري )

1-القديس ثيوفيلوس أسقف إنطاكيا ( القرن الثاني )

إعداد/ وردا إسحاق قلّو

ملاحظة : هذه هي القائمة الأخيرة الخاصة بقديسي بلاد سوريا . وهذا هو الشهر الأخير من عام 2023 التي حصصناها لنشر قديسي هذا البلد ، ونظراً لكثرة قديسي سوريا نشرت في الأشهر الأخيرة سيرة مختصرة لأكثر من قديس في شهر واحد .

بدأنا بنشر سيرة القديسين قبل ستة سنوات ، الخمسة الأولى نشرنا قديسي ما بين النهرين فكنا ننشر سيرة قديس واحد في بداية كل شهر. في السنة القدامة 2024 بعون الرب سننشر قديسي لبنان ومن بعدها إن كرمنا الرب بعمر وصحة ننتقل إلى قديسي الأراضي المقدسة . سننشر أيضاً مع قديسي هذه البلدان قديسين من بلدان أخرى كالجزيرة العربية وقطر وإيران وغيرها ، وذلك لقلة قديسي تلك البلدان فعلينا نشرهم مع قوائم قديسي بلدان أخرى والرب يبارك مسعانا وينور بصيرة قرائنا.

   ثيوفيلوس هو أسقف إنطاكيا العظمى السادس أو السابع ، ولد لأبوين وثنيين ونشأ وثنياً . درس الفلسفات القديمة وبرع فيها . لم تفسدهُ الوثنية . كانت روحه روح إنسان حر تواق إلى الحقيقة اولاً . لم يقع في غواية المعرفة ولا إستكبر . شوقه إلى الحقيقة دفعه إلى البحث عنها بتواضع وإنفتاح قلب دون أحكام مسبقة . التأمل في الخليقة كان له نهجاً . وقد أفضت به تأملاته إلى إكتشاف خالق السماء والأرض وبالتالي إلى نبذ دين آبائهِ . قال فيما بعد ، أن عظمة صلاح الله في الخليقة مدهشة إلى حد أنه لا طاقة لأحد على وصف نظان الخليقة وترتيبها ولو تزود بالبلاغة السيّالة لألف لسان وإمتدت حياته إلى ألف عام . فلسفة القدامة لم تروه ، والوثنية بدت لناظريه منافية للعقل السليم . وفي بحثه الدؤوب عن الحقيقة قرأ الأناجيل والأنبياء فوجد فيها ضالته المنشودة وصار مسيحياً . مذ ذاك أدرك كم أن إسم المسيحي عزيز في عيني الله . ولا يحتقره إلا الجهلة والأشرار . كما أدرك ، وهو الفيلسوف المتمرس . أن المسيحية ليست فكراً ولا فلسفة بالمعنى الذي كان القدامى يتعاطون الفلسفة ، بل سيراً في دروب القداسة .

  أوتوليخوس الوثني الذي كان صديقاً لثيوفيلوس جادله بلا هوادة في شأن هدايته إلى المسيح . ماذا كان جواب ثيوفيلوس ؟

  لكل الناس عيون ومع ذلك فنور الشمس محجوب عن بعض الناس . ليس أن الشمس هي العلّة بل عماهم . على هذا المنوال يا صديقي تظلم الخطيئة الذهن وتبلد الفهم ، وكما لا يعكس الزجاج الصورة إذا اتسّخ ، كذلك لا يتلقى الذهن الختم إلإلهي إذا غمرته الخطيئة . هذه هي اللزاجة التي تحجب الرؤية إلى حد بعيد وتُعيق معاينة الشمس . من هنا يا صديقي ، أن إثمك هو الذي ينشر على قوى نفسك غيمة ويجعلك عاجزاً عن تقبل النور البهي .

   سنة 168م ، على ما يطن ، رقد إيروتوس ، أسقف إنطاكية العظمى ، فحل ثيوفيلوس محلهُ . وقد إهتم منذ توليه سدّة كرسي إنطاكية بالدفاع عن الإيمان القويم ضد الوثنية والهرطقات ، والحث على السلوك في حياة الفضيلة . وينتمي القديس ثيوفيلوس إلى فئة الآباء المدافعين عن الإيمان أمثال يوستينوس الشهيد وتاتيانوس وأثيناغوراس .

    الهرطقات والإنشقاقات بالنسبة لثيوفيلوس كانت بمثابة صخور خطرة من وقع عليها تعرض لخسران نفسه . وقد ردّ على هراطقة عصره أمثال مرقيونس وهرموجانيس . الكثير مما كتبه ثيوفيلوس ضاع . ولكن بقي له بعض المؤلفات كالكتب الثلاثة في الرد على أتزليخوس .

 وثيوفيلوس هو أول من استعمل لفظة ( ثالوث ) للتعبير عن معيّة الآب والإبن والروح القدس .

  عن الكنيسة والإيمان القويم قال : كما أنه توجد في البحر جزر مخصبة توفّر للبحارة موانىْ صالحة ، يلتجئون إليها ليأمنوا هياج العواصف ، كذلك وهب الله العالم الكنائس المقدسة ملاجىء آمنة يفر إليها المشتاقون إلى الحقيقة وطلاب الخلاص لينجوا من غضب الله الرهيب . وثمة جزر إخرى ينقصها الماء وهي مزروعة صخوراً جرداء ولا حياة فيها يلقى عليها البحارة حتفهم وتتحطم سفنهم . كذلك توجد عقائد فاسدة وهرطقات تدمّر الذين يغترون بها ويميلون إليها .

   ويقارن القديس بين إعتقادات الوثنيين وعقيدة المسيحيين فيرسم للمؤمنين في أيامه صورة بهية تتمثل فيها وداعتهم ومحبتهم لأعدائهم ، فهم مستعدون ان يحملوا وزر الإضطهاد ولا يكنّون لمضطهديهم إلا الخير ، مع ان هؤلاء يعاملونهم بفظاظة ووحشية .

 هذا وقد رقد القديس ثيوفيلوس قرابة العام 190 م بعد أسقفية مباركة دامت إثنين وعشرين عاماً . وقيل ثلاثة عشر .   

ملاحظة : لا تذكر السنسكارات اليونانية القديس ثيوفيلوس ، بل بعض السنسكارات السلافية . يعيد له اللاتين في 13 تشرين الأول .

2-القديس كورنيليوس الدمشقي

ورد ذكره في سيرة القديس ثيوذولوس الرهاوي ، لكننا أثرنا إيراده منفرداً للتعريف به . قال عنه البطريرك مكاريوس الزعيم أنه أرضى الله بأعمال حسنة وإنتقل إلى الرب بسلام .

  معلواتنا بشأنه تقيد أن القديس ثيوذولوس الرهاوي بعدما تقدم في نسكه على العمود سنوات ، قضّتهُ رغبة أن يعرف ما إذا كانت طريقة حياته مرضية لله أم لا . فرجى ربه أن يعرّفهُ بمن يشبهه في حياة الفضيلة . وإن هي سوى أيام حتى جاءه صوت من السماء أن يذهي إلى دمشق ، إلى رجل بار أسمه كورنيليوس ، فنزل عن عموده للحال وقصد دمشق ، فلما بلغها بحث عن الرجل فوجده لأن كورنيليوس كان معروفاً لتقواه . وإذ دخل إليه سجد لديه فعجب كورنيليوس منه . من هو ليسجد أمامه شيخ ناسك ؟ ! فسأله ثيوذولوس بإلحاح أن يعرفه بسيرته لمنفعة نفسهِ . وبالجهد أخبره كورنيليوس أنه لما كان في العالم إمتهن المسرح ، وعاشر المستهترين ، وسار سيرة ملتوية زماناً ليس بقليل . ثم فجأة أستبد به وخز الضمير عنيفاً فإرتعد من الدينونة العتيدة في اليوم الأخير . ثو عزم على التوبة ، وفيما هو متفكر في ما عساه يفعل بثروته ، كيف يوزّعها على الفقراء والمساكين ، إذ به إمرأة بارعة الجمال تستعطي ، كان على زوجها دين مقداره أربعمئة مثقال من الذهب . وإذ لم يكن لديه ما يوفيه ألقاه أصحاب الدين في السجن ، فهامت زوجته على وجهها حزينة بائسة . فلما عرف كورنيليوس بحالها رقّ لها وأعطاها . لتوه كل ما يملك . بما في ذلك ثيابه الثمينة . خشية أن يؤدي بها الحزن إلى اليأس فتُجرب ببيع جسدها لتوفي ما كان على زوجها من ديون وتستردّ بيتها . فقط سألها أن تصلي من أجلهِ . وعلى الأثر أنصرف إلى التوبة والنسك . فلما سمع ثيودولوس بسيرة هذا الأب المفضال شكر الله أنه دلهُ عليه وعاد إلى مقرهِ مكبراً متعزياً متثبتاً في ما خرج هو نفسه من أجلهِ . ويقال أن الأبوين ، كليهما أكملا سيرتهما مرضيين لله إلى أن أنتقلا إليه بسلام .

3- القديس بروكلس السوري

   ورد ذكره في بعض التقويات الغربية ، قيل أنه أرتحل إلى أيطاليا راهباً في القرن السادس . سيم كاهناً ، وقيل أسقفاً أيضاً . كانت سيرته مرضية لله إلأى حد أنه كان يسمع القداس السماوي كلما حلَّ الفصح . فلما ذاع خبره خشي البابا الرومي أقجانيوس أن يكون قد خرج عن طوره . بعث إليه برسل يعودون به إلى رومية ، فلما أتوه عاملوه بخشونة كما لو كان ضالاً مُضللاً وأبو أن يتناولوا من يده . أخذوه إلى رومية . في الطريق أستبد بالرسل العطش حتى كادوا يهلكون . في تلك الأثناء مَرَّت ظبية في الجوار فناداها بروكلوس فأتت فدنى بها من مرافقيه وسقاهم من لبنها .

أما البابا أفجانيوس فجاء إليه ملاك الرب أثناء النوم وجلده لتعرّضه لبروكلس وشكّه فيه ، فبادر البابا لتوه إلى إيفاد رسل آخرين يقول للأولين دعوا بروكلس وشأنهِ ولا تزعجوه . وقد قيل أنه وعظ في سبولاتي وبولونيا الإيطاليتين إلى أن ق*ت*له ثوثيلا الغوطي في هذه الأخيرة .

بشفاعة القديسين ثيوفيلوس و كورنيليوس الدمشقي و بروكلس السوري ، نقول ، أيها الرب إلهنا إرحمنا وخلصنا . آمين

المصادر / المجلدات الستة لسنسكار ( سير القديسين ) – الأرشنمديت الراهب توما ( بيطار) 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!