مقالات

الصحافة والشفاهة

كتب الكبير الرائد د. عبد الرحيم العطري بحسابه الرسمي على منصة الفايسبوك مقالا حول ماضي وراهن مهنة صاحبة الجلالة.والحق يقال .إن المقال يستحق أن يكون درسا افتتاحيا إجباريا لطلبة الإعلام والتواصل وتقنيات مهن السمعي البصري في مختلف المعاهد والجامعات المغربية . مقال مكثف وعميق الدلالة رسم من خلاله السوسيولوجي والمفكر المستنير بمشرط الخبير الحدود الفاصلة بين الصحافة والشفاهة . لنقلْ عملية جراحية بخيط رفيع برع الطبيب في رتق تهتكات جانبية طرأت على جسد الصحافة العليل .وأفلح في تقطيب خدوش أخدودية ،لم تكتف اللعينة بمسخ شكل الصحافة وتشويه مظهرها ، بل خلد من خلالها الشفاهيون حماقاتهم انتسابا كيديا إن بالتصوير المباشر أو عبر توثيق مشاهد عارية لهم معها .
يقول الكبير الدكتور عبد الرحيم العطري : بالأمس البعيد كان المعنى المحتمل والأوحد لأن تكون صحافيا، هو أن تكون، وبالضرورة، كاتبا يجيد الكتابة ويبدع فيها، ولهذا لم تكن الصحافة تنفصل عن الكتابة والإبداع والنضال، لم يكن سهلا أن تنشر في العلم والمحرر والاتحاد الاشتراكي وأنوال وبيان اليوم والنشرة، ولم يكن غريبا أن تجد الكثير من الصحافيين أعضاء فاعلين في اتحاد كتاب المغرب والأحزاب والنقابات والجمعيات الحقوقية، وأن يكون في رصيدهم الإبداعي أكثر من مجموعة قصصية أو رواية أوكتاب بالمطلق. فأن تكون صحافيا، معناه أن تكون كاتبا ومبدعا ومناضلا في آن. عبد الجبار السحيمي،عبد الكريم غلاب، عبد الحميد اجماهري، محمد الأشعري، زكية داوود، محمد العربي المساري يونس مجاهد، عبد الله البقالي ….والكثير الكثير من الأسماء البهية التي زاوجت بين الكتابة والإبداع والنضال، واعتبرت الصحافة كتابة لا مشافهة، وأن الصحافة أثر دال لا يموت. سعيد عاهد كان يجيد كتابة كل الأجناس الصحفية، ويترجم وينشر الكتب، لحسن العسيبي أيضا كان في كل رمضان يختار موضوعا أنثروبولوجيا ويهدينا حلقات حوله، يصدرها بعدا في كتب جميلة كما سيرة الدمع وتاريخ الزواج. هذه هي الصحافة التي أعرف، الصحافة الكتابية وليس الشفاهية، صحافة القلم لا صحافة اللايف.
هذه هي الصحافة التي كانت تسهم في تكويننا، ونحن ننتظر الملاحق الثقافية، وسلاسل رمضان، في العلم والاتحاد الاشتراكي وأنوال وبيان اليوم والميثاق الوطني التي أدين لها بالكثير. يضيف صاحب مقدمة في سوسيولوجيا الحياة اليومية : من الرمزي إلى “التناص الاجتماعي”. اليوم الكل بات صحافيا، وإن لم يكن قادرا على كتابة مقال وحيد من 500 كلمة؟ يكفي أن تضغط على اللايف لكي تصير صحافيا، ولا يهم أن تكون متمكنا من قواعد النحو، ولا أن تكون مطالبا بالكتابة أصلا. ويستحضر الكاتب كيف أن الولوج إلى العلم أو أنوال أو الاتحاد الاشتراكي كان مشروطا بكتابة عشرات المقالات، والعمل كمراسل لسنوات، قبل أن يتحقق شرف الالتحاق بهيئة التحرير، أما الانتقال من قسم لآخر فتلك حكاية أخرى. هذه هي الصحافة التي أعرف، أما اليوم، فما يسود هو صوحافة الشفاهية لا غير. ”

وبرأي المفكر والأكاديمي عبد الله الدويب إن الصحافة بمفهومها السامي ، مسؤولية متعددة الأبعاد والبعد اللغوي من أهمها ، وهي ان احترمت في تحاليلها قواعد اللغة التي تكتب بها وحرصت على تجنب العبث بقواعدها ، لتستحق بذلك السمو إلى درجة “السلطة الرابعة” أو “صاحبة الجلالة” ، كما هو الشأن في كل الديمقراطيات العالمية العريقة.. ويسجل الأكاديمي ذاته استفحال ظاهرة الركاكة اللغوية والأخطاء النحوية والتعبيرية في صحافتنا ، الورقي منها والإلكتروني ، إلى درجة أن الخطأ لم يعد استثناء ، خصوصا بعد أن هجمت على المنابر الصحفية جحافل مِمَّن هب ودب ، لم يسبق أن اكتسبوا تجربة في الميدان ، ولا ولجوا أي معهد للتكوين في مجال الصحافة.. وينبه إلى ظاهرة مريبة تتعلق باختصار الطريق من قبل الكثيرين الذين دأبوا على الكتابة باللهجة الدارجة المبتذلة . داعيا إلى الرأفة ب”صاحبة الجلالة” وباللغة العربية”

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!