مقالات دينية

الوداعة والتواضع سورٌ لكل الفضائل

الكاتب: وردااسحاق

 

 

 
 

الوداعة والتواضع سورٌ لكل الفضائل
في الحياة الروحية مراحل كثيرة يبدأ بها المؤمن مسيرته نحو طريق القداسة والكمال . وطريق القداسة يبدا وينتهي بالمراحل الثلاث ن ذكرها الرسول بولس قائلاً ( الأيمان والرجاء والمحبة وأعظمهن المحبة ) “1قو 13:13 ” .
فهل بداية الطريق هو الأيمان ، أم الأيمان أيضاً يجب أن يؤسس على قواعد وفضائل أخرى ؟ الجواب هو أن الأيمان يجب أن يسبقه فضائل أخرى وهي الوداعة والأتضاع وعليها تؤسس كل الفضائل الأخرى . أي هما السور الذي يحمي كل الفضائل وجميع المواهب وتستمر مع المؤمن الى مرحلة الكمال المطلوب .
   لكي نفهم أهمية هذا الدرس علينا أن نتأمل ملياً في قول الرب لرسله الأطهار حينما أرادوا الأقتداء به ، فقال لهم ( … تتلمذوا على يدي ، لأني وديع ومتواضع القلب ، فتجدوا الراحة لنفوسكم ) ” مت 29:11 ” . لنسأل ونقول ، لماذا ركز الرب على الوداعة والتواضع ، ولماذا قال تجدوا الراحة في نفوسكم ؟ السبب يعود لأهميتها القصوى بين الفضائل . أي يمكن أن نعتبر الوداعة والتواضع معاً الفضيلة الأولى ، بل الخطوة الأولى في حياة الفرد الذي يريد أن يرتقي الى مرحلة الأيمان . أي هي اللبنة الأولى في الأساس وعليها تبنى كل الفضائل والتي تجلس في قمتها المحبة . فهذه الفضيلة ( الوداعة والتواضع ) هي نقطة الأنطلاق . لهذا نجد في عظة رب المجد على الجبل قد وضع هذه الفضيلة في مقدمة تطويباته ، فقال ( طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات . طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض ) ” مت 5: 3-5 ” . وصاحب المزامير يقول ( الرب يرفع الودعاء ويذل الخطاة الى الأرض ) ” 6:147 ” . أما القديس بولس فقد صنف الوداعة ضمن ثمار الروح ” غل 23:5″ . وهكذا يطلب من المؤمنين أن يسلكوا بالتواضع والوداعة ، قائلاً ( فأطلب اليكم ، أنا الأسير في الرب ، أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها . بكل تواضع ، ووداعة ، وبطول أناة ، محتملين بعضكم بعضاً في المحبة ) ” أف 1:4-2 ” لهذا فكل فضيلة خالية من الأتضاع فهي معرضة لأختطاف شيطان المجد الباطل الذي يحرض الأنسان الى الفخر والأعجاب بالنفس ومن ثم الكبرياء فيسقط في أوجاع كثيرة . فالتواضع ليس ضعفاً بل قوة ، لأن به تكمن قوة الله في المؤمن فتتحدى تلك القوّة مكائد المجرب فتغلبه لأنه لا يستطيع أن يتضع لأنه متكبر باستمرار وعنيد . وبسبب الكبرياء سقط من منزلته العالية الى الهاوية . فالكبرياء حقاً هي أول خطيئة عرفها العالم والتي بسببها سقط ملاكاً بهياً فحولته الى شيطان . فكتب لنا الوحي على لسان أشعيا النبي ، قائلاً ( وأنت قلت في قلبك : أصعد الى السموات . أرفعكرسيي فوق كواكب الله وأجلس على جبل الأجتماع في أقاصي الشمال . أصعد فوق فدمرتفعات السحاب . أصير مثل العلي . لكنك أنحدرت الى الهاوية ، الى أسافل الجب ) ” 14: 13-15 ” .
العالي الوحيد هو الله الذي يتنازل من علوه . هو الخالق لكل شىء وفوق كل شىء أما الباقون فهم من دونه . فمبدأ التواضع الحقيقي هو معرفة الأنسان لنفسه بأنه من تراب الأرض . بل التراب أقدم منه . فأن أراد الأنسان الذي خلق من التراب أن يغضب الله . فالتراب لم يغضب خالقه كما غضبه الأنسان بسبب خطاياه . إذاً على الأنسان أن لا يتعالى بل يفكر دائماً كيف يلوم نفسه ويتضع أمام الله . فطوبى لمن يرى خطاياه كل حين ويحسب كل الناس أفضل منه . فالأتضاع يغطي جميع الخطايا ويكسر فخاخ المجرب . الأنسان الوديع والمتضع لا يبحث عن الكرامة ولا يتأثر بالأهانة . أسرار الله ونعمهِ تعطى للمتواضعين لأن قلوبهم تكون في حالة الأنسحاق والله يكون قريباً منهم . ألأنسان المتضع بسبب نقائصه يهدي الآخرين الساخطين عليه فيهديهم الى طريق الصلاح .
   القديسين صاروا متواضعين وكتبوا لنا أختباراتهم لأنهم كانوا باستمرار ينظرون الى الكمال المطلوب منهم حسب قول الرب ( كونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل ) ” مت 48:5 ” وكذلك قوله ( كونوا قديسين لأني أنا قدوس ) ” 1بط 16:1 ” وبنظرتهم الى القداسة والكمال كانوا يرون إنهم لو وضعهم الرب على كفة ميزان فلا يزنزن شيئاً ” مز 9:62″ . فعلى كل إنسان أن يتذكر قول الله عنه في سفر دانيال النبي 27:5 ( .. وزنت بالموازين فوجدت ناقصاً ) .
نطلب من الرب فضيلة الوداعة والتواضع قائلين : يا يسوع الوديع والمتواضع القلب أجعل قلوبنا مثل قلبك الأقدس
بقلم
وردا أسحاق عيسى
وندزر – كندا    
  

..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!