مقالات دينية

 هكذا نكتشف سر الله بالقلب لا بالعقل والعلم

 هكذا نكتشف سر الله بالقلب لا بالعقل والعلم

بقلم / وردا إسحاق قلّو

 قال الرسول بولس ( ما أبعدَ غور غنى الله وحكمته وعلمهِ ! وما أعسر إدراك أحكامهِ وتبين طرقه ! فمن الذي عرفَ فكر الرب أو من الذي كان له مشيراً ؟ ) ” رو 11: 34: 33 “

    سبق وأن كتبت عن هذا الموضوع المهم للوصول إلى سر الله وكشف الخفايا الروحية ،  فالعلم يعتمد على العقل للوصول إلى حقائق تؤكد وجود الله فيستخدم علوم متنوعة لأكتشاف أسرار روحية كالفلسفة وعلم الإجتماع والباراسايكلوجي وغيرها ، وكل العلوم تهتمد على العقل ، والعقول مختلفة ، والفلسفات متناقضة ومتضاربة يبرز فيها الأختلاف والتضاد لأنها تعتمد على العقل المجردلهذا يتخبطون في ظلام الفكر البشري المحدود الذي ر يرتقي يوماً لمستوى كشف أسرار الله الغير المحدود . توصل بعض العالماء إلى أن العقل لم يعد هو المصدر الوحيد للمعرفة ، إنما صار القلب هو ذلك المصدر ، وبهذا لم نستثنى حتى اللاهوتيين الذين قاسو الإيمان بمقياس العقل البشري ، فخرجو عن الطريق القويم ليدخلوا في وحل الكفر والهرطقات كآريوس ومقدونيوس وآخرين كثيرين ، منهم لم يقبل فكرة ظهور الله في الجسد ، فنفوا لاهوت المسيح المتجسد . الإنسان لا يستطيع بعلمه وعقله المحدود لإكتشاف الله وأسراره ، بل الأمر يحتاج إلى إعلان سماوي عن طريق النعمة المجانية ، فالله هو الذي يشرق نورهِ في الإنسان ويكشف لنا عن أسراره وكما يقول الكتاب ( يا ليت الله يتكلم ويعلن لك خفيات الحكمة ) ” أي 11: 5-6 ” . فأسرار الله لا تكشف للعلماء المعتمدين على طاقاتهم الفكرية ، بل للضعفاء الذين يعتبرون أطفالاً قياساً بمن يحمل العلم وحكمة هذا العالم . لهذا قال يسوع ( أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال ) ” مت 25:11 ” وهذا يحدث بإشراف نعمة الله في قلب البسطاء الذي شبههم بولس بالأطفال . رسل المسيح كانوا من عامة الشعب ، قليلي الفهم والعلم ، لكنهم إستطاعوا أن يتحَدّوا العلماء والفهماء والفلاسفة بإيمانهم فكسبوا العالم كله وبهم غلب المسيح العالم . والله هو الذي كان يكشف لهم أسراره . فالله الآب هو الذي أعلن لبطرس بأن المسيح هو إبن الله المحي ، لهذا قال له يسوع ( طوبى لك يا سمعان بن يونا ، أن لحماً ودماً لم يعلن لك ، ولكن أبي الذي في السموات ) ” مت 13:16 ” . هناك من يعتبر قلب الإنسان مجرد عضو فعال لتنقية الدم ودفعه كمضخة إلى كل أنحاء الجسم ليس إلا . أي لا دور له في إتخاذ القرار ، بل كل الإيعازات تأتي فقط من العقل إلى كافة أنحاء الجسم . أي عكس ما يقوله الكتاب المقدس الذي يثبت بأن للقلب الدور الأساسي في إكتشاف الله .

   لايمكن تثبيت بعض الحقائق الإيمانية بالعقل والعلم كوجود الله والثالوث ووحدانيته وأزليتهِ وخلوده ، وخلود النفس الإنسانية . لا يمكن إدراك هذه الأمور بالعقل أو الفلسفة والعلم ، بل فقط عن طريق الوحي الإلهي المعطى للإنسان عن طريق النعمة الإلهية . لهذا كتب الرسول قائلاً ( فمن من الناس يعرف ما في الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيهِ . كذلك فإن ما في الله أيضاً لا يعرفهُ إلا روح الله . وأما نحن فقد نلنا لا روح العالم ، بل الروح الذي من الله ، لنعرف الأمور التي وهبت لنا من قبل الله ) ” 1 قور 2: 11-12 ” .

   الروح القدس الذي أرسله الرب يسوع إلى العالم يعمل بقوة في كل البشر لكي يكشف الرب ويتعرف عليهِ ويؤمن به . كثيرون كانوا أعداء المسيحية كشاول الطرسوسي ، صار رسولاً في المسيحية ، لكن لم يكتشف سر الله الموجود في المسيحية بعقله وقراره ، لكن الله هو الذي كشف له ذاته وأعطى له النعمة والحكمة ، ليس من هذا العالم وبحسب قوله ، قال ( لكننا نتكلم بحكمة ليست من هذا الدهر ، بل نتكلم بحكمة الله في سر الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا ! التي لم يعلمها أحد من عظماء هذا الدهر ) ”  1 قور 2: 7-8 ” .

  الإنسان الذي يعتمد على العقل وما جاء به العلم والأجهزة العلمية الحديثة لا يستطيع أن يكشف بها شىء ، بينما روح الله الساكن في المؤمن بالله . لأن علم هذا العالم عند الله جهالة ، لأن العلم لا يستطيع أن يجد براهين مقنعة عن الروح ، بل يحاول إيقاع المؤمنين في مستنقعه ، لهذا حذرنا الكتاب المقدس من أصحاب الفلسفات فقال ( إحذروا أن يوقعكم أحد فريسة بالفلسفة والغرور الباطل ، القائم على سُنة الناس وأركان العالم ، لا على المسيح ) ” قول 8:2 ” . أما الإنسان الروحي ، فالروح يكشف له أسرار الله التي لا يستطيع العقل أن يدركها ، لهذا كتب بولس ( فلنا كشفه الله بالروح ، لأن الروح يفحص عن كل شىء حتى عن أعماق الله ) ” 1 قور 10:2 ” فروح الله الساكن في المؤمن يكشف له عن أسرار الله التي لا تدرك .

 نصيحة الكتاب تقول : ينبغي أن يتحول الإنسان من طبيعته الروحية لكي يصل إلى الأسرار الخاصة بالله ، وخاصةً الذين يعيشون في ظلام الإلحاد ، أو في ظل الأديان والمعتقدات البعيدة كل البعد عن الله الحقيقي والمحب لكل البشر ، والذي يريد لجميع الناس أن يخلصون ، وإلى معرفة الحق يقبلون ( 1 تي 4:2 ) ، فعليهم أن يرفعوا الصلوات القلبية إلى الله الذي يريد أن نحبهُ من كل القلب أولاً لكي يكشف لهم ذاته ، وبعد الإيمان سيجذبهم الله القدير إليهِ ، وبحسب قول المسيح ( لا يقدر أحد أن يقبل إليَّ إن لم يجتذبهُ الآب ) ” يو 44:6″ . كما على الإنسان أن يبحث عن الحق لكي يحررهٌ ، فيقول ( إجذبني وراءك فنجري .. ) ” نش 4:1 ” .

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1″

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!