مقالات دينية

الموت هو تتويج لحياتنا الأرضية

الموت هو تتويج لحياتنا الأرضية

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( ليس لنا ههنا مدينة باقية ، نحن نطلب الآتية ) ” عب 14:13 “

   يعتقد الكثيرين بأن الموت هو الحد النهائي لحياة الإنسان ، لكن قيامة الرب يسوع من القبر أدحض ذلك الإعتقاد ، بل عل الإنسان المؤمن به أن يشاركه في القيامة . قيامة المسيح أعطت للمؤمنين اليقين ، بل القيامة هي حقيقة تجعل المائت خليقة جديدة مرتبطة بقيامة المسيح الذي قام . إذاً بعد الموت هناك قيامة ، ويأتي بعدها الدخول في حياة أخرى مع الله . لا موت للمؤمنين ، بل هناك إنتقال وبحسب قول الرب ( من آمن بي ، وإن مات فسيحيا . وكل من يحياً ويؤمن بي لن يموت للأبد .. ) ” يو 26:11″ .

   الموت للمؤمنين هو تتويج لحياتهم الأرضية ، وذلك لأن الموت سيحقق لهم أمور مهمة ،  ويضع حداً للتجربة والسقوط في الخطيئة والمرض والحزن والألم … إلخ ، لهذا لا يجوز تطويب أو إعلان قداسة لأي إنسان مهما كان باراً ويعمل المعجزات إلا بعد موته ، لأن الإنسان يبقى عرضة للتجربة والسقوط في أي لحظة قبل الموت . والموت سيحرره من جسده الفاسد الذي ينحل في تراب الأرض ، ويجب أن يفسد وينحل لأن الفساد لا يرث عدم الفساد . وأخيراً نقول ، الموت سينقل الإنسان من حالة إلى حالة أفضل منها ، وفي واقع جديد ومنير كان يشعر به في الحياة الزمنية إذا كان أيمانه ناضجاً ، بل كان يختبر تلك الحقيقة . والموت يعطي للراقد أموراً جديدة فتنفتح عيناه الروحية إلى واقع الحياة الجديدة التي لا يدركها عقل إنسان لأنه سينتقل إلى عالم النِعمة الإلهية . وكل مؤمن يعيش بالروح يريد أن يتحرر من الجسد ، وكان هذا طلب الكثير من القديسين كبولس الرسول الذي ثَمّنَ الموت بقوله ( الموت ربح لي ) . وفي العهد القديم أيضاً. يقول صاحب المزمور ( إخرج من الحبس نفسي ، لكي أشكر أسمك ) ” 7:14 ” . بعد خروج الإنسان من سجن الفساد الذي ظُلِمَ به سيتحرر من الخطيئة ليدخل عالم الراحة ليقيم هناك بسلام ، وإلى الفرح الدائم , فالإنسان الذي يؤمَن حياته  وهو في الجسد عليه أن يؤمن بالمسيح وقيامته ويعيش في النعمة والفضيلة إذا أكمل الوصايا في الصوم والصلاة والتقوى والنقاوة ، فالذي يسعى بهذه الطريقة لأقتناء نعمة الله . والذي لا يقتنيها ، فحياته بعد الموت تنتهي بالضياع . فالهدف من حياتنا في الجسد هو لكي يمتلىء بالنعمة . والمقصود بالنعمة هو إمتلائنا من الروح القدس ، فعلينا أن نطهر أجسادنا لتصبح سكنى لروح الله . وأهل هذا العالم لا يمكن أن يدرك أو يفقه هذا السر . أما الذين يعيشون في النعمة فلم آراء أخرى عن الموت بعد أن قاوموا أهواء الجسد ، ومحبة هذا العالم وما فيه ، لهذا ينتظرون الموت بفرح لكونه المعبرالوحيد إلى حياة التجدد . الإنسان لا يتوقف عند حدود القبر ، بل يعتبر الحياةالزمنية على الأرض مجرد أساس للإستعداد لحياة أخرى بعد الموت ، فالحياة الأرضية زمنية فلا بد أن تنتهي . إنها حياة ظلية ، أما الحياة الحقيقة فتأتي بعد الموت مباشرةً . الحياة الأرضية تبدأ بالتناقص منذ لحظة الولادة ، فالإنسان يولد لكي يموت ، وبعد الموت سينتقل من مجد إلى مجد ، ومن نور إلى نور ، وكذلك من فرح إلى أعظم ، وهذه الحقيقة أدركوها آبائنا القديسين لهذا عبّرَ عنها الرسول بكل وضوح ، فقال ( فلي رغبة في الذهاب لأكون مع المسيح وهذا الأفضل جداً جِداً  ) ” في 23:1 ” . وكلامي هذا يشير إلى أن نفضل حياة الأبدية التي فيها العشرة مع الله .

   نختم ونقول ، على الإنسان أن تكون حياته الحاضرة إستعداد لعبور باب الموت إلى الحياة الأبدية وذلك بالإيمان الفعلي الصادق بيسوع الذي مات من أجل الجميع ، وبموته كسر شوكة الموت ، وهو وحده محور حياة كل إنسان . فالمؤمن به يتحدى الموت ويقول ( إن عشنا ، فللرب نعيش . وإن متنا ، فللرب نموت ) ” رو 8:14 ” ، لهذا قيل للمؤمنين ( مجدوا الله في أجسادكم ، وفي أرواحكم التي هي لله ) ” 1 قور 20:6 ” . في فلك يسوع فقط يجب أن ندور لنمتد نحوه . كل شىء ينبغي أن نلتمسه منه حتى يعطي لكل ما نحيا على الأرض قيمة ومعنى لخلاصنا ( بالنعمة أنتم مخلصون ) ” أف 8:2 ” الموت يخلصنا من سجن الجسد الذي يحمل أفكارنا وأهوائنا لنخرج منه بالنعمة ، وبالنعمة المجانية فقط يكون خلاصنا . ويسوع هو الذي يعطينا النعمة لكي ننطلق إليه ، وعنده ند نور الله الذي يملأ الكون كله .

  التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1″

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!