مقالات

هرقليزخان يتحدى البرلمان

خرج اعضاء البرلمان العراقي كلهم في بيان شديد اللهجة ضد مدير واحد فقط، اسمه (هرقليزخان) الحفيد السابع والسبعين لجنكيزخان. وكانت معهم دفاتر وملفات وأضابير وسجلات وأشرطة وكاسيتات تثبت تورطه بصفقات مشبوهة وعقود مريبة. ثم طالبوا في ختام بيانهم الثوري بسحب صلاحياته، وإعفاءه من منصبه والتحقيق معه ومع من يقف معه. .
لكنه خرج في اليوم التالي آمناً مطمئناً من دون ان تبدو عليه علامة الخوف والارتعاش من صواعق اعضاء البرلمان وصرخاتهم الثورية المدوية. فشتمهم كلهم، ونعتهم بالفساد والانحراف. ثم بصق بوجوههم، ومسح بهم الارض، واستخف بهم واهانهم. ذلك لأنه يرى نفسه فوق الشبهات، وفوق الوزارات كلها. فهو يعمل في عراق التناقضات المعلنة على رؤوس الأشهاد. وليشرب البرلمان من البحر. .
بات واضحا ان هذا الهرقليزخان اقوى منهم كلهم في شريعة المحاصصات السياسية. بل هو اقوى من الدولة نفسها في تقييم القوى الخارجية الداعمة له. فهو أول مدير تنفيذي يستصغر شأن البرلمان ولا يعترف بسلطاته. وسبق له ان رفض الاستجواب والاستضافة، ورفض ارسال مدراء الأقسام للإدلاء بشهاداتهم امام اللجان النيابية المختصة. .
لا ريب انكم شاهدتموه في مقاطع مصورة وهو يقف بوجه الدولة بسلطاتها التشريعية والرقابية والقضائية والتنفيذية من دون ان يمسّوا شعرة واحدة من رأسه. بينما تكرس الدولة قوتها كلها للإساءة إلى شيخ بسيط بلغ من العمر عتيا بقصد الانتقام منه لأنه مستقل، ولأنه لا يعمل في دكاكينهم. ولا ينتمي إلى مضاربهم. .
لقد تأكد للقاصي والداني ان القوة المعنوية التي يتمتع بها هذا المدير الخطير تتجاوز كل التصورات، وتدحض كل القواعد الإدارية المعتمدة في قيادة الدولة. فأصيب الشعب العراقي كله بالذهول والدهشة ازاء هذه الظاهرة التي كسرت القيود، وقفزت فوق الحدود، وووقفت بوجه الأعراف والقوانين والدساتير. .
فما نشاهده أمام أعيننا الآن شيء مخيف ويبعث على الشك والريبة، ويهشم روابط الثقة بين الدولة والمواطن. .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!