مقالات دينية

“مريم” فرح كلّ المحزونين

 “مريم” فرح كلّ المحزونين
إعداد / جورج حنا شكرو 
" مريم" فرح كلّ المحزونين
حينما أريد أن أنظر إلى العذراء والدة الإله وأتأمّل فى شخصها، يبدو لي لأوّل وهلة أنّ صوتاً من الرّب يأتي صارخاً بقوّة في أذني: “لا تقترب إلى هنا. اخلع حذاءك من رجليك لأنّ الموضع الّذي أنت واقف عليه أرض مقدّسة.” (خر 5:3). (القديس ساويرس الأنطاكي ) . فشخص السّيّدة بهاء يلامس قلوبنا ويستفزّ عقولنا ويبهر عمق إنسانيّتنا. إنّها السّيّدة الّتي عرفت مسيرة الحرّيّة المخصّبة بالآلام والمؤدية إلى الحقّ والخير والجمال .
” مريم”، المرأة المثال، تعلّمنا في كلّ حين أنّ السّير على درب الرّبّ، يتطلّب الوعي الكامل والإرادة الحرّة والمحبّة المستمدّة من المسيح. كما أنّها تعلّمنا تثقيف عواطفنا وتحويلها إلى طاقة إيمانيّة تدخلنا في علاقة حبّ مع المسيح. فالعاطفة المثقّفة تنمّي المحبّة الصّادقة والواعية في النّفس الإنسانيّة، وتعرّفها الفرح الحقيقيّ في الرّب. وهي غير تلك الّتي تزرع في داخلنا الخوف والحزن والاضّطراب والاستعطاف، فيستحيل إيماننا هشّاً وسطحيّاً، يرتكز على محبّة ظاهريّة لا تدرك العمق الإلهي.
ونلاحظ في الإنجيل المقدّس حضور “مريم” الصّامت والفاعل في نفسها من جهة، والمؤثّر في اختبارنا الإيمانيّ من جهة أخرى. لم تتكلّم السّيّدة كثيراً لكنّها سمحت للصّمت المقدّس أن يجتاحها حتّى تفهم ذاتها ودورها انطلاقاً من الرّبّ. ” وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها.” ( لو 19:2). كما نلاحظ أنّها لم تكن في موقع المؤمن المتطلّب بل دخلت في صلب العلاقة مع الله حتّى تستزيد فهماً وإيماناً وثباتاً.
كما لا بدّ لنا ونحن نتأمّل السّيّدة والدة الإله أن نستنير بنور المسيح لنتمكّن من الإطلالة على شخصها ونبيّن عمقه الإنسانيّ الإيمانيّ الّذي استحقّ التّعظيم والإجلال لانتسابه إلى الله. ( المغبوط أغسطينس .)
لقد سارت ” مريم” درب الصّليب، أي درب المحبّة الكاملة بثبات وإيمان واعٍ، ينبغي أن نتعلّم منه الكثير، ونتمثّل به حتّى نصل إلى ملء قامة المسيح. إنّها فرح المحزونين، التّوّاقين إلى قلب الرّبّ، ونجمة في سماء الإنسانيّة تدلّهم على سيّد الكون.
مادونا عسكر

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!