مقالات دينية

ما هي البوذية وبماذا يؤمن البوذيون؟

مشرف

الكاتب: مشرف المنتدى الديني

 

 ما هي البوذية وبماذا يؤمن البوذيون؟

 

إعداد / جورج حنا شَكِرو

البوذية هي إحدى ديانات العالم الكبرى من ناحية عدد أتباعها وتوزيعهم الجغرافي وتأثيرهم الثقافي والإجتماعي . بينما البوذية هي ديانة “شرقية” إلى حد كبير إلا أن تأثيرها وإنتشارها آخذ في الإزدياد في العالم الغربي. إنها ديانة عالمية مميزة، إلا أنها تشترك مع الهندوسية في الإيمان بالكارما (أخلاقيات السبب والنتيجة)، والمايا (طبيعة العالم غير الواقعية)، والسامسارا (دورة الحياة وإعادة الحياة). يؤمن البوذيون أن الهدف الأسمى في الحياة هو الوصول الى “التنوير” كما يرونه.

ولد مؤسس البوذية ، سيدهارتا جواتاما في العائلة المالكة في الهند حوالى عام 600 قبل الميلاد. وكما تحكي القصة، عاش فى رخاء وتنعم، ولم يتعرض كثيراً للعالم الخارجي. فقد كان هدف والديه أن يبعدوه عن تأثير التدين ويحموه من الألم والمعاناة. ولكن لم يمض وقت طويل قبل أن يخترق مخبأه، ورأي رؤى عن رجل كبير السن، ورجل مريض، وجثة. وكانت الرؤيا الرابعة لراهب مسالم زاهد (شخص يرفض الرفاهية والراحة). وعندما رأى السلام الذي يغمر الراهب قرر أن يصبح هو أيضاً زاهداً. ترك حياة الغنى والجاه ليسعى وراء التنوير من خلال التقشف. وقد برع في هذا الشكل من إذلال الذات والتأمل العميق. كان قائداً في وسط زملائه. وفي النهاية وصلت جهوده إلى فعل نهائي. فقد “أمتع” نفسه بطبق من الأرز ثم جلس تحت شجرة تين (تسمى أيضاً شجرة بوذا) لكي يتأمل حتى يصل إلى “الإستنارة” أو يموت محاولاً الوصول إليها. بالرغم من التجارب والإغراءات، إلا أنه وصل إلى الإستنارة مع صباح اليوم التالي. وبهذا صار يعرف بأنه “الشخص المستنير” أو “بوذا”. أخذ بوذا ما وصل اليه من إدراك جديد وأخذ يعلم زملائه من الرهبان الذين كان قد أصبح له تأثير كبير في وسطهم. وأصبح خمسة من زملائه أول تلاميذ له.

ما الذي إكتشفه جواتاما؟ إكتشف أن الإستنارة تكون في “الطريق الوسط”، ليس في الإنغماس في الرفاهية وكذلك ليس في تعذيب الذات. وفوق هذا إكتشف ما عرف فيما بعد بـ “الحقائق الأربعة النبيلة”: 1- الحياة معاناة (دوكا) ؛ 2- المعاناة تأتي من الرغبات (تانها، أو “التعلق”)؛ 3- يمكن أن ينهي الإنسان كل معاناة بالتخلي عن كل ما يتعلق به؛ 4- هذا يتحقق باتباع الطريق الثماني النبيل. يتكون “الطريق الثماني” من أن يكون لدى الشخص: 1- نظرة صحيحة ؛ 2- نية صحيحة؛ 3- كلام صحيح ؛ 4- أعمال صحيحة ؛ 5- معيشة صحيحة (الرهبنة) ؛ 6- المجهود الصحيح (توجيه الطاقة بطريقة صحيحة) ؛ 7- التفكير بطريقة صحيحة (التأمل) ؛ 8- التركيز الصحيح. وقد تم تجميع تعاليم بوذا الى ما يسمى التريبيتاكا أو “السلال الثلاثة”.

ومن وراء هذه التعاليم المميزة توجد التعاليم المعروفة لدى الهندوسية وبالتحديد إعادة التجسد، الكارما، المايا، والإتجاه لفهم الحقيقة على أنها وحدوية في اتجاهها. تقدم البوذية مثل الهندوسية أيضاً مجالاً متسعاً من الآلهة والكائنات الممجدة . ولكنها مثل الهندوسية يصعب تحديد مفهومها عن الله . فيمكن أن توصف بعض فروع البوذية بأنها إلحادية بينما يمكن تسمية البعض الآخر بأنها موحدة، وفروع أخرى أيضاً بأنها تؤمن بوجود إله مثل بوذية الأرض الطاهرة. ولكن البوذية الكلاسيكية تميل لأن تكون صامتة تجاه حقيقة وجود كائن اسمى ومن هنا تعتبر إلحادية .

إن العقيدة البوذية اليوم متنوعة بقدر كبير. يمكن إجمالاً تقسيمها إلى قسمين أساسيين بصورة عامة وهي الثيرافادا (الإناء الصغير) والماهايانا (الإناء الكبير). الثيرافادا هي الشكل الرهباني الذي يجعل الإستنارة والنيرفانا قاصرة على الرهبان ، بينما البوذية الماهايانا توصل هذا الهدف من الإستنارة إلى العلمانيين أيضاً، أي من ليسو رهباناً. وفي داخل هذين القسمين نجد فروعاً متعددة بما فيها تنداي ، فاجرايانا ، نيشيرين ، شينجون ، بيور لاند ، زين، ورويبو وغيرها . لهذا فمن المهم بالنسبة للذين يحاولون أن يفهموا البوذية ألا يفترضوا أنهم يعرفون كل التفاصيل المتعلقة بمدرسة معينة من البوذية بينما يكون كل ما درسوه هو البوذية الكلاسيكية التاريخية .

لم يعتبر بوذا نفسه إلهاً أو مخلوقا سامياً. بل اعتبر نفسه “مرشدا للطريق” بالنسبة للآخرين. فقط بعد موته تم تمجيده كإله من جانب بعض أتباعه، رغم أنه لم ينظر إليه كل أتباعه على أنه إله. بينما في المسيحية يقول الكتاب المقدس بكل وضوح أن يسوع هو إبن الله (متى 3: 17: “وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ”)، وأنه هو والله واحد (يوحنا 10: 30). ولا يمكن أن يعتبر الإنسان نفسه مسيحياً بحق دون إعلان الإيمان بأن يسوع هو الله.

No photo description available.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!