مقالات دينية

في الصليب الحلقة الأولى

صليب

فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر. فأخذت من ثمرها وأكلت، وأعطت رجلها أيضا معها فأكل تكوين 3 : 6
لقد خلق الرب الإله تلك الجنة قديما ليوحي لكل المؤمنين ما سيكون عليه الملكوت السماوي فخلق فيها وغرس كل شجرة مثمرة شهية للأكل ورق قلبه لآدم لأنه يعيش وحيدا فخلق له حواء معينا نظيره .
حتى العشب الذي كان في الجنة يأكله الإنسان والحيوان على حد سواء ولم يكن هناك عشب ضار أو شوك وحسك حتى ما نسميها حيوانات مفترسة كانت تأكل العشب أيضا فسلام الرب مخيم على الجنة وساكنيها .
كانت الشركة كاملة بين الله وآدم وحواء وكان الرب ينتظر الوقت المناسب ليرث آدم ونسله هذه الجنة ويعيشون بسلام .
ربما كان آدم وحواء يمران من أمام شجرة معرفة الخير والشر كل يوم لكنهما لا يعيرانها اهتماما لأن الرب منعهما من الأكل منها بل حتى أن يمسوها وكانت أيضا شجرة الحياة مغروسة ربما لم يكونا يعرفانها لبراءتهما وعفتهما أيضا .
لكن عدو الخير هو للإنسان عدو من بدء الخليقة لا تحلو له حياة الإنسان متنعما بوجود الرب والشركة الدائمة له وعرف الشيطان منذ البدء أن حواء هي صيد سهل للإيقاع بها أكثر من آدم .
فحين أغوى الشيطان حواء حينها اكتشفت أن الشجرة منظر ثمارها شهي للعيون وشهية للأكل فانخدعت بسهولة وعصت الأمر الإلهي وناولت آدم فأكل .
فعلا كانت شهوة قوية أوصلتهما لعصيان الرب .
كانت في الجنة أيضا شجرة الحياة ولها ثمارها فمن يأكل من هذه الشجرة يحيا إلى الأبد ولا يموت فلننظر كيف صور الشيطان الشجرة المحرمة شهية للنظر دلهما عليها ولم يرهما شجرة الحياة ليحييا للأبد لأن الشيطان سياسته حتى اليوم هي جذب الإنسان للموت والبعد عن الله .
طُرد الجدان الأولان من الفردوس بغواية الشيطان فعاشا شقاء العمل والكد لكسب لقمة العيش وعاكستهما الطبيعة والأرض التي أصبحت بعد الطرد تنبت شوكا وحسكا والحياة خارج الشركة مع الله هي هكذا منعدمة السلام والطمأنينة والهدوء .
لكن الرب الذي أحب الإنسان إذ خلقه على صورته ومثاله لم يهمله بالرغم من ذلك هو أكل من العود المحرم فأوجد له عود الصليب يأكل منه الإنسان فلا يموت .
أصبح عود الصليب على الضد من الشجرة المحرمة فهو الذي أنضج العنقود الرائع الحاوي خمرة الحياة حين نتناول منه بإيمان وشوق ومحبة .
عود الصليب مرفوع في كل العالم ويحاول جذب الناس إليه لكن الناس مصابة بنفس شهوة حواء تتطلع لأشجار العالم وثمار ذلك الشجر شهية للأكل ومنظرها يبهر العيون فأدى ذلك لعمى بصائر الناس يملأون عيونهم من شجر العالم وثمر العالم ربما ينظرون لشجرة الصليب بلا مبالاة فعدو الخير الذي أغوى حواء قديما ما زال حتى اليوم يغري الناس بالثمر اللذيذ ويبعد بصائر الناس عن شجرة الصليب الحاملة الحياة بل هي المفتاح الذي سيفتح لهم الملكوت السماوي .
شجرة الصليب منصوبة في كل العالم وهي دوحة كبيرة تظلل المؤمنين وتغذيهم بخبز الحياة النازل من السماء يأكل منه الإنسان فلا يموت .
ما أحوجنا اليوم لظلال شجرة الصليب وتنفتح عيون قلوبنا للنظر لعنقوده الناضج الحامل الحياة .
الصليب لا يحتاجنا بل نحن بحاجة الصليب .
نحن بحاجة لنظرة إيمانية عميقة نحوه
نحن بحاجة للنظر نحو الصليب بنظرة عميقة لندرك سر الحب الإلهي الجارف للبشر .
لو تذوقنا حلاوة شجرة الصليب لكفرنا بشجر العالم ومغريات العالم .
لنحمل صليب الرب ونحضنه لصدورنا ولنرفعه في كل مكان طالبين شفاعته فينا ليخفف الرب آلامنا ويقوي ضعفنا فالصليب هو قوة الله للخلاص بحسب الرسول بولس .
شهر أيلول هو شهر الصليب فلنرفع صليب الرب مضيئين القناديل والشموع أمامه ولنطلب قوة الصليب للمضي في مشوار خلاصنا ونستمد منه العزم والقوة لمقارعة الأعداء غير المنظورين .
ولتكن بركة صليب الرب مع جميعكم .
آمين

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!