مقالات دينية

علاقة ضمير الإنسان بخلاصه

الكاتب: وردا اسحاق

 

علاقة ضمير الإنسان بخلاصه

 بقلم / وردا اسحاق قلّو

شعر الإنسان بعد سقوط الأبوين في الخطيئة ، بأن للخطيئة ثقل كبير على الضمير الذي يشعر به الإنسان بالذنب فيدفعه إلى التفكير للوصول إلى ما هو أفضل . فالخطايا تعذب الضمير ، والضمير يعارض العمل الخاطىء ويؤنب فاعله فيدفعه إلى البحث عن الحلول التي تريح النفس .

منذ القدم هناك من لجأ إلى عبادة النجوم والأصنام وآلهة غريبة كثيرة معتمدون إليها من أجل الوصول إلى راحة الضمير . دون أن يعلمون بأن الله الواحد هو الذي وضع ناموس الضمير في ذات الإنسان . بعد السقوط في الخطيئة بدأ الإنسان بالشعور بأعماله الخاطئة بسبب الضمير  . فقوانين الناموس الذي وضعها الله في شريعة موسى كالق*ت*ل والزنى والسرقة وشهادة الزور كان الأقدمون يعرفونها جيداً ويعملون بها . فأول ج#ريم*ة ق*ت*ل حدثت في التاريخ كانت لقايين عندما ق*ت*ل أخيه هابيل فشعر في الحال بجريمته ، لهذا قال لله الذي سأله عن أخيه ( ذنبي أعظم من أن يحتمل ) ” تك 13:14 ” إنه ضميره ، فأعترف . وبحسب الضمير عاش يوسف الصديق أميناً لله فأجتنب خطيئة الزنى مع زوجة فوطيفار لأنه كان يشعر بأن في ذلك العمل شر وخطيئة تهين الله الخالق لهذا قال ( كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطىء إلى الله ) ” تك 9:39″ . فخطيئة الزنى أيضاً كانت معروفة قبل الناموس ، وكذلك الحال مع باقي الخطايا .

لا حجة للإنسان لأقتراف الخطيئة وحتى الذي لم تصله شريعة موسى ، أو بشارة العهد الجديد ، لأنه يمتلك الضمير ، والضمير هو الذي يقضي لكل إنسان ويشعره بالعمل الخاطىء قبل أن يرتكبه لكي يمنعه من ممارسته ، لهذا قال الرسول بولس ( إذن الأمم الذين ليس عندهم الناموس متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس ، فهؤلاء إذ ليس لهم الناموس هم ناموس لأنفسهم . الذين يطهرون عمل الناموس مكتوباً في قلوبهم شاهداً أيضاً ضميرهم وأفكارهم فيما بينهما مشتكية أو محتجة في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب لأنجيلي ، على يد يسوع المسيح ) ” رو 2: 14-16″ .

لهذا نقول ، على كل إنسان أن يشعر بأن الضمير الذي يشعره  بالذنب هو دليل وبرهان على وجود الله فيه والذي لا يقبل الخطيئة ، والله هو الذي وضع ذلك الإحساس في داخله لكي يشعر بالذنب ، والله سيحكم عليه من خلال ضميره امام الدينونة الأخيرة . الضمير يدفع الإنسان إلى محبة الجميع لكي لا يقترف الخطيئة ضد أخيه الإنسان ، فالدينونة تطالبه بالمحبة التي كان يحملها للآخرين . فالإنسان الذي لا يحب أخيه الإنسان الذي يراه، لا يستطيع أن يحب الله الذي لا يراه كما يقول الكتاب .

الضمير هو الشريعة أو ” الناموس ” لمن ليس له شريعة ، ، لكننا نقول أيضاً الخلاص بطريقة الشريعة صعب جداً لأن على الإنسان أن يكمل كل بنود الشريعة دون أن يتجاوز على واحدة منها لكي ينال الخلاص . تقول الآية ( لأن من حفظ كل الشريعة وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرماً في الكل ) ” يع 10:2″

يقول الكتاب ( أجرة الخطيئة هي الموت ) أي سفك الدم . فالذبائح الحيوانية التي كانت تذبح عن الخطايا المرتكبة ، دماء تلك الضحايا كانت فقط تغطي الخطيئة إلى حين دون أن تغفر كلياً ، فأول ذبيحة قدمت لله كانت لهابيل  والتي كانت من أبكار غنمه ” تك 4:4″ واستمر تقديم الذبائح التي كانت رمزاً لذبيحة الذبح العظيم ( ذبيحة المسيح على الصليب ) ، تلك الذبيحة التي رآها أبراهيم عندما أراد أن يذبح ابنه أسحق فرأى المسيح المذبوح على خشبة الصليب ، فكتب يوحنا في أنجيله قول المسيح  ( أبوكم أبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح ) ” 56:8″ . فطريق الخلاص هو الإيمان بتجسد المسيح وموته الكفاري على الصليب ، وهناك تم دفع ثمن الخطيئة فتمت المصالحة بين الله الخالق والمخلوق الخاطىء . فالإيمان بعمل الصليب ، وبموت ، وقبر ، وقيامة المصلوب من بين الأموات ، ينال الإنسان الخلاص مع الإلتزام بوصايا الفادي وأعماله المدونة في إنجيله المقدس .

المسيح تجسد ومات من أجل خلاص كل من يؤمن به ، وبحسب قول الرسول يوحنا ( كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله ) ” 1يو 1:5″ كذلك ( فلا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة ، بل الإيمان العامل بالمحبة ) ” غل 6:5″ أي الإيمان المقترن بالأعمال التي تبرهن صدق إيمان الإنسان ، فالإيمان المجرد من الأعمال فهو مَيّت ، والأعمال الصالحة تأتي من محبة المؤمن لأخيه الإنسان . ومن فيه المحبة ، فيه الله لأن ( الله محبة ) والله يحرر الإنسان ويعطي له الخلاص الأبدي .

ولألهنا القدير المجد دائماً  

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!