اخبار الكنيسة الكلدانية

القوش بلدة كلدانية

الشماس سمير زوري

أعرف أن هذه الصفحة مخصصة للتاريخ الكنسي بشكل عام، لكنني اليوم أكتب بدافع شخصي، لأنني كلداني، ولأنني لاحظت في الآونة الأخيرة تكرار الإساءات والتلميحات الجارحة التي تطال كنيستنا الكلدانية، وشعبنا، ولغتنا، وحتى تاريخ بلداتنا العريقة.

نعم، نحن الكلدان لا ندّعي الكمال، ولسنا في صراع مع أحد، لكن من غير المقبول أن يُحاول البعض إعادة كتابة هويتنا كما يشاؤون، أو فرض تسميات غريبة عنا وكأنها حقائق مسلّمة. بلداتنا الكلدانية، التي كانت على مدى قرون مركزًا للإيمان والثقافة، لا تحتاج إلى من يُعرّف بها، ولا تنتظر من يمنّ عليها باسمٍ مستورد أو بقراءة مشوهة للتاريخ.

وفي مقدّمة هذه البلدات، بلدة القوش، التي تتعرض اليوم لهجمة ممنهجة، لا تطال جغرافيتها فحسب، بل هويتها الكلدانية ورمزيتها التاريخية والكنسية. فالقوش لم تكن يومًا مجرد مكان، بل بقيت على مدى القرون قلبًا نابضًا للإيمان، وركيزة من ركائز البقاء الكلداني في هذا الشرق.

للأسف، من ساعد على انتشار هذه التسميات الجديدة هم الكلدان أنفسهم أحيانًا، بسبب طيبة قلوبهم وانفتاحهم على الآخرين. لكن أن يتحوّل هذا الانفتاح إلى فرصة للطعن فينا أو لتصفية حسابات طائفية أو شخصية، فهذا مرفوض. ومن غير المقبول أبدًا أن تُنقل تهم الخيانة أو العمالة من أفراد بعينهم إلى شعب بأكمله، وكأننا كبش فداء لمعارك لا علاقة لنا بها.

والمؤلم أكثر أن بعض الكلدان أصبحوا، بوعي أو دون وعي، أداة بيد من يريد الإساءة إلينا. نراهم يهاجمون كنيستهم، يسخرون من تاريخهم، ويكرّرون كلامًا لا يخدم إلا أجندات معروفة. ويتلقّون التصفيق من الصفحات التي تنتظر أي فرصة لضرب الكلدان، لا حبًا في الحقيقة، بل انتقامًا قديمًا أو طمعًا في إثبات وهمي.

ومن العبارات المؤلمة التي تتكرر على ألسنة البعض، أن “الكنيسة الكلدانية باعت نفسها للفاتيكان”. وكأن الوحدة خيانة، وكأن الشركة مع الكنيسة الجامعة عار!
لكن الحقيقة، أن كنيستنا الكلدانية لم تبع نفسها لأحد، بل عادت إلى كرم الرب. عادت إلى أصالة الإيمان، وإلى روح الوحدة التي طلبها المسيح نفسه:
“وأنا أعطيتهم المجد الذي أعطيتني، ليكونوا واحدًا كما نحن واحد” (يوحنا 17:22).
لم نتخلّ عن لغتنا ولا عن طقسنا، بل حملناهما بفخر، وجعلنا منهما جسرًا يربط الشرق بالكنيسة الجامعة، لا ذوبانًا ولا خنوعًا، بل شراكة في العمق، وأمانة للرسالة، ورسوخًا في الروحانية الشرقية الأصيلة.

أنا لا أكتب هذا الكلام لأحرّض أو أهاجم أحدًا، بل لأقول: كفى. كفى استهانةً بتاريخٍ طويل، وبشعبٍ دفع ثمن بقائه مرات ومرات. كفى استخدامًا للقوش وغيرها من بلداتنا كمادة للجدال العقيم.

أدعو العقلاء، من رجال الدين والسياسة وكل الغيورين، أن يوقفوا هذا الخطاب المستفز، وأن يوجّهوا من يختلف معنا إلى أن يختلف باحترام. لأننا في النهاية أبناء بيت واحد، لكن لكل بيت خصوصيته وكرامته.

نحن الكلدان لا ننتظر من أحد أن يُعرّفنا بهويتنا، فهويتنا واضحة، راسخة، وممتدة في التاريخ والأرض والضمير. ما مررنا به من صعوبات، وما قدّمناه — وما زلنا نقدّمه — لأشقائنا الصغار من محبة ومساندة، لا نمنّ به، بل نفعله بثبات الكبار وأخلاق الكنيسة. لكن هذا لا يعني أننا سنسكت عن الإساءة، أو نقبل بالتشكيك، أو نرضى بأن يُطعن في كرامتنا تحت أي ذريعة.
الاحترام ليس مطلبنا، بل هو موقف طبيعي تجاه من لم ينكسر، ولم يتنكر، وبقي وفيًا لأرضه وتاريخه وكنيسته.

الصورة :

البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني تومكا
(بطريرك الكنيسة الكلدانية 1900–1947)

رجل الإيمان والإنسانية في أحلك الظروف في مذبحة سميل 1933، عندما تعرّض الآثوريون للق*ت*ل والتشريد، وقف البطريرك صخرةً صلبةً أمام المأساة. بقلب الراعي وبإيمانه المسيحي الأصيل، فتح أبواب الأديرة والكنائس في القوش الكلدانية لإنقاذ الآلاف من النازحين، مؤمّنًا لهم المأوى والغذاء والحماية.

ملاحظة: هذا الخبر القوش بلدة كلدانية نشر أولاً على موقع (البطريركية الكلدانية) ولا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. يمكنك الإطلاع على تفاصيل الخبر كما ورد من (مصدر الخبر)

عرضنا لكم أعلاه تفاصيل ومعلومات عن خبر القوش بلدة كلدانية . نأمل أن نكون قد تمكنا من إمدادك بكل التفاصيل والمعلومات عن هذا الخبر الذي نشر في موقعنا في قسم أخبار مسيحية. ومن الجدير بالذكر بأن فريق التحرير قام بنقل الخبر وربما قام بالتعديل عليه أو الاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة تطورات هذا الخبر من المصدر.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!