البابا فرنسيس يدعو الطلاب الإكليريكيين إلى أن يكونوا كهنة ذوي قلوب منفتحة وعطوفة وأيادٍ عاملة وسخية

انطلاقا من أعمال وكلمات البابا بيوس الحادي عشر، الذي يُحتفل بمرور ١٠٠ سنة على انتخابه، تحدث البابا فرنسيس اليوم الاثنين إلى طلاب الإكليريكية الحبرية التي كان هذا البابا من طلابها الأوائل. وتوقف البابا فرنسيس عند ضرورة التحلي بقلوب منفتحة وأيادٍ سخية، وأن يعملوا للقضاء على اللامساواة وعلى بناء الشركة.

استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الاثنين في القصر الرسولي جماعة إكليريكية القديسَين أمبروسيوس وشارل الحبرية في مقاطعة لومبارديا في شمال إيطاليا. وعقب ترحيبه بضيوفه وشكره عميد الإكليريكية على كلمته، ذكَّر الاب الأقدس بأن لقاء اليوم يأتي لمناسبة مرور 100 سنة على انتخاب البابا بيوس الحادي عشر، أحد الطلاب الأوائل في هذه الإكليريكية. وتابع أنه يريد الانطلاق من جذور الإكليريكية المرتبطة بهذا البابا لا بدافع من الحنين إلى الماضي، بل لتحديد العلامات النبوية لعمل الطلاب الإكليريكيين ورسالتهم وبشكل خاص في خدمة الكنيسة والشعب الإيطالي.
وبدأ البابا فرنسيس تأمله هذا مذكرا بأن البابا بيوس الحادي عشر أراد فور انتخابه أن يطل لا على داخل بازيليك القديس بطرس بل من الشرفة الخارجية، أراد هكذا أن تكون مباركته الأولى لمدينة روما والعالم بكامله، فعلٌ يذكِّرنا بضرورة الانفتاح وتوسيع آفاق الخدمة على أبعاد العالم وذلك للوصول إلى كل الأبناء الذين يريد الله معانقتهم بمحبته. ودعا البابا فرنسيس الطلاب بالتالي إلى عدم البقاء في السكريستيا وعدم تشكيل مجموعات صغيرة للعيش في هدوء، فهناك عالم ينتظر الإنجيل، ويريد الرب أن يقتدي به رعاته حاملين في قلوبهم وعلى أكتافهم تطلعات القطيع وأثقاله. تحدث الأب الأقدس بالتالي عن الحاجة إلى قلوب منفتحة، عطوفة ورحومة، وإلى أيادٍ عاملة وسخية تتسخ وتُجرح من أجل المحبة، كيدَي يسوع على الصليب. وهكذا تصبح الخدمة بركة من الله للعالم.   
وواصل قداسة البابا حديثه إلى الطلاب الإكليريكيين مشيرا إلى أن دراستهم وتعمقهم خلال سنوات الدراسة نعمة من الله، وشدد على ضرورة ألا تصبح معارفهم مجردة، منفصلة عن الحياة وعن التاريخ. وتابع قداسته أن كنيسة تقول الكثير إلا أن كلماتها تفتقر إلى المسحة ولا تلمس جسد الأشخاص لا تخدم الإنجيل. فمن أجل بلوغ كلمات حياة يجب إخضاع المعرفة للروح القدس عبر الصلاة، وسكن الأوضاع الملموسة للكنيسة وللعالم، هناك حاجة إلى شهادة حياة. ودعا الأب الأقدس الطلاب إلى أن يكونوا كهنة تلهب قلوبهم الرغبة في حمل الإنجيل إلى طرقات العالم، إلى الأحياء والبيوت، وخاصة في الأماكن الأكثر فقرا والمنسية. شدد بالتالي على أهمية الشهادة والأفعال، مثل ذلك الفعل الأول للبابا بيوس الحادي عشر فور انتخابه.
عاد الأب الأقدس بعد ذلك إلى العظة الأولى للبابا بيوس الحادي عشر والتي تحدث فيها عن الرسالة، وقال البابا فرنسيس إنه وبدلا من أن يقدم إجابات فقد دعا إلى التساؤل: ماذا يمكنني أن أقدم للرب؟ وصف الأب الأقدس هذا بسؤال جيد يمكن أن يطبقه الطلاب الإكليريكيين على كل ما يقومون به الآن استعدادا للرسالة. وتابع أن هذا سؤال لا يتعلق بهم وبتطلعاتهم بل يتطلب فتح القلوب على الاستعداد والخدمة. وواصل: فلنسأل أنفسنا في بداية كل يوم ما ذا يمكنني أن أقدم؟ وأشار إلى أن الخطابات الكنسية في إيطاليا أيضا غالبا ما تقتصر على جدل داخلي ما بين مجددين ومحافظين، من يفضِّل رجل السياسة هذا أو ذاك، بينما يُنسى الأمر الجوهري، أن نكون كنيسة من أجل عيش الإنجيل ونشره. ودعا قداسته الطلاب إلى عدم الاهتمام بفناء البيت الصغير، فهناك عالم بكامله متعطش إلى المسيح، وواصل داعيا إلى أن يُنَموا بح*ما*سة قلبا منفتحا، مستعدا وإرساليا.
هذا وانطلقت النقطة الأخيرة في كلمة البابا فرنسيس من الرسائل العامة الاجتماعية الكثيرة للبابا بيوس الحادي عشر، وقرأ قداسته للطلاب مقاطع من هذه الوثائق الهامة مشيرا إلى كونها تبدو معاصرة وإن كانت قد كُتبت منذ قرن من الزمن تقريبا. ويتحدث البابا بيوس الحادي عشر عما يجرح الأعين في زمننا، والذي هو وأكثر من مجرد تكديس الثروات حسب ما كتب، إنه تراكم السلطة القوية. وتحدث في هذا السياق عن طغيان هيمنة أقلية على الاقتصاد، أقلية بيدها روح الاقتصاد حسب ما ذكر. وواصل البابا فرنسيس حديثه مشيرا إلى أن هذا أمر حقيقي ومأساوي اليوم أيضا حيث تتسع الفجوة بين الأغنياء القليلين والفقراء الكثر. وقال الأب الأقدس لضيوفه إنهم، وفي إطار اللامساواة هذا والذي فاقمت الجائحة من حدته، سيجدون أنفسهم يعيشون ويعملون ككهنة المجمع الفاتيكاني الثاني، كـ “علامة وأداة في الاتحاد الصميم بالله ووحدة الجنس البشري برمته” حسب ما جاء في الوثيقة المجمعية الدستور العقائدي في الكنيسة “نور الأمم”. ودعا البابا فرنسيس الطلاب الإكليريكيين إلى أن يكونوا ناسجي شركة ومزيلين للامساواة ورعاة متنبهين إلى علامات معاناة الشعب.
ثم ختم البابا فرنسيس كلمته إلى الطلاب الإكليريكيين مؤكدا لهم أن بانتظارهم واجبات كبيرة، وللقيام بها دعاهم إلى أن يطلبوا من الله أن يحلموا بجمال الكنيسة، أن يحلموا بكنيسة في إيطاليا الغد أكثر أمانة لروح الإنجيل، أكثر حرية وأخوّ وفرحا في الشهادة بيسوع، يحركها شغف الوصول إلى لم يتعرف بعد على إله كل عزاء. كنيسة تُنَمي شركة أكثر قوة، وأكثر اهتماما بالفقراء.

 

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!