غبار الإصلاح جرفته السيول
سلام محمد العامري
غبار الإصلاح جرفته السيول
بعد جفافٍ طال العراق لأعوام, جاء المطر غزيراً, فتوسم العراقيون خيراً, سرعان ما غرق ذلك الأمل المنتظر, في سيولٍ أتت من كل مكان, وكأن الباري جَلَّ شأنه قد غضب, فهل هو انتقامٌ أم اختبار إلهي؟
الأهوار تلك الرقعة الواسعة, التي رَقدت جنوب العراق, شارفت على الموت, تنتظر التفاتة المسؤولين, فجاءت السيول ليتفاءل الهور ومن فيه, لتغرق المزارع وتَهجر العوائل مساكنها, ويسود الحزن في الأهوار, فقد كان بالاِنتظار الممل.
إن انتظار الأمطار والسيول, التي ضربت العراق, لا تفرق عن انتظارهم لحملة الإصلاح, عند من كان يأمل خيراً, بتسنم السيد عادل عبد المهدي, بعد تكليفه برئاسة مجلس الوزراء, بدى الأمر غيثاً ورحمة, ولم نلمس الخير بعد, مجلس مكافحة الفساد, سلحفاة قد لا تصل للتشخيص, بينما نسمع كل يوم, صرير رياح الخطابات والوعود.
إنَّ تِكرار تجربة السابقين, بشعارات اتضح زيفها, لا تنفع الوطن ولا العملية السياسية, فقد أصبح لدى المواطن العراقي, حسٌ يستطيع من خلاله, توقع ما سيكون من خلال التجارب, وعلى ما يبدو أنَّ جينات الساسة, متشابهة أو قد تكون متوارثة, من حيث نظرتهم لشعب العراق, بدأً من توزيع الأراضي, والروتين والموافقات من قبل الدوائر المختصة, التي تحتاج لعامين على أقل تقدير, وليس شهراً كما وعد, السيد رئيس مجلس الوزراء, أما ملفات الفساد المتراكمة, فحدث ولا حرج فهي تحتاج لدوراتٍ ودورات.
إنَّ كل دورة انتخابية جديدة, لا تفرق عن أخواتها السابقات, فجميع من اعتلى المنصب وعد بالإصلاح, ليتفاجأ المواطن بعد حين, أن هناك حيتان, لا يمكن القضاء عليها, وليست لدينا عصى سحرية, والأربع سنوات لا تكفي.
فهل سينعم الهور العراقي ببعضِ السيول, التي تروي جزءً من عطشه القاتل؟ وبالمقابل هل سيرى المواطن العراق, محاسبة ولو لحوتٍ صغير, بدلاً من محاسبة فراخ السمك؟ أم أن السيول ستجرف غبار الإصلاح؟