الحوار الهاديء

مدخل لدراسة مشكلة التلوث البيئي

لطيف عبد سالم

 

مدخل لدراسة مشكلة التلوث البيئي

يُعَدُّ تلوّث البيئة – وإن تباينت أشكاله – من أخطر المشكلات أثرا في المجتمع الإنساني؛ بالنظر لما يشكله من تهديد تصعب مواجهة آثاره الجسيمة في ظل انتهاك أغلب الدول المتقدمة صناعيًا الضوابط التي من شأنها المساهمة في الحفاظ على بيئة الحياة وصحة الإنسان، والذي مرده إلى تغليب تلك الدول مصالحها على سلامة المجتمع البشري، ولعل ما رشح من أدوارها في تأجيج الصراعات ما بين البلدان النامية وتغذية الحروب والصراعات في مختلف أرجاء المعمورة، ولاسيما المناطق الغنية بالثروات – في القلب منها منطقة الشرق الأوسط – خير مصداق على ما تقدم. وبصورة عامة، يعرف التلوّث بوصفه عملية إدخال ملوثات صلبة أو سائلة أو غازية أو أحد أنماط الطاقة كالحرارة والصوت والنشاط الإشعاعيّ إلى البيئة الطبيعية، الأمر الذي يفضي إلى إلحاق أضرار بالنظام البيئي، فضلًا عن التسبب في تدني مستوى الصحة العامة.

المثير للاهتمام أنَّ خطورةَ التلوّث، لا تقتصر في عالم اليوم على تهديد سلامة بيئة الحياة بما يحتمل من المخاطر الجسيمة الأثر؛ إذ أنَّ آثاره الكارثية تمتد إلى الأجيال القادمة لتلحق أضرارًا بليغة في مستويات الصحة والنمو، مع العرض أنَّ درجةَ خطورة التلوّث تتميز باختلافها من بلد إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى بالاستناد إلى طبيعة الملوثات من ناحية الحجم والنوع ودرجة الخطورة، والمتأتي بالدرجة الأساس من تفاوت المجتمعات البشرية في درجة الوعي المجتمعي ومستوى التقدم الحضاري، والذي تشكل البرامج الخاصة بعملية التنمية المستدامة المعتمدة من قياداتها الإدارية أبرز مرتكزاته، بالإضافة إلى جملة التأثيرات التي يفرضها واقع الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني.

لا ريب أنَّ التلوّثَ الذي بدأت ملامحه العامة بالظهور تدريجيا منذ أعوام المرحلة الزمنية التي أعقبت قيام الثورة الصناعية، أفضى إلى إحداث آثار سلبية موجعة للبيئة والإنسان، من بينها فاعلية دوره في التسبب بانتشار الكثير من الأمراض. ولعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو إعلان وكالة حماية البيئة أنَّ التعرض للملوّثات قد يؤدي إلى المساهمة في تعريض الإنسان للإصابة بأمراض خطيرة كالقلب وأمراض السرطان، بالإضافة إلى تأكيد المتخصصين في الشأن البيئي أنَّ الأفراد الذين يعيشون بجوار طرق المواصلات الرئيسة أو بالقرب منها، يُعَدّ تلوث الهواء مشكلة رئيسة لهم؛ نتيجة التراكيز العالية من المُلوّثات التي تطلقها السيارات عند مرورها. ومن المناسب الإشارة هنا إلى أنَّ جميع الملوثات تًعَدّ دخيلة على بيئة الحياة، حيث أنَّ التلوث لا يعني الآثار السلبية التي يخلفها دخول مواد الكيميائية إلى البيئة فحسب، بل أنَّ فضاء التلوث يمتد ليشمل مختلف أشكال الطاقة مثل التلوث الحراري، السمعي، البصري وغيره. كذلك أدى إفراط الإنسان في حرق الوقود الأحفوريّ – الفحم، النفط، الغاز الطبيعي – من أجل الحصول على الطاقة، التسبب في انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى جانب أنواع أخرى من الغازات المساهمة في نشوء ظاهرة الاحتباس الحراري التي تُعَدّ اليوم في طليعة المشكلات المؤرقة للبشرية.

في أمان الله.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!