مقالات دينية

قصة الخلق وقيامة الابرار والشفاعة من سفر المكابيين الثاني

قصة الخلق وقيامة الأبرار والشفاعة من سفر المكابيين الثاني
مسألة الخلق هي أحدى المسائل التي تفوق بين علم الكون وعلم اللاهوت السامي من جهة وعلم الكون اليوناني من جهة أخرى فالتفكير اليوناني يخضع من هذا القبيل الى قانون الحفظ ان المبدأ القائل بأن لا يخرج شيء من العدم والذي صاغ له لوقراتيوس قانوناً في وقت متأخر يحدد أنظمة العالم من ثاليس الى الراقيين حتى عند المفكرين الذين مثل اصحاب نظرية الذرة يسلمون بوجود العدم والفراغ أما التفكير الخاص بنشأة الكون عند اليهود الذين عاشوا قبل سفر المكابيين الثاني فيبدو أنه يسلم بخلق الله للعالم من العدم وهذا الخلق يتضمن عملاً أول يدعو الى الوجود من العدم المطلق خواء ال طوهو بوهو سفر التكوين 1 / 1 وعملاً ثانياً قوامه تنظيم هذا الخواء الأصلي وكانت الأرض خاوية خالية وعلى وجه الغمر ظلام وروح الله يرف على وجه المياه سفر التكوين 1 / 2 وكثيراً ما يقتصر كتاب العهد القديم على هذه المرحلة الثانية من الخلق اي مرحلة تنظيم خواء الخلق من قبل ان سفر الحكمة مع أنه كتب بعد سفر المكابيين الثاني يفهم الخلق عن يد الله من مادة لا صورة لها ولم يكن صعبا على يدك القديرة التي صنعت العالم من مادة لا صورة لها أن ترسل عليهم جما من الأدباب أو الأسود الباسلة أو وحوشا ضارية غير معروفة ومخلوقة جديدا ملؤها الغضب وتبعث نفخة ملتهبة أو تنفث دخانا نتنا أو ترسل من عيونها شرارا مخيفا سفر الحكمة 11 / 17 – 18 من غير أن يذكر خلق هذا الخواء الأصلي وأما كاتب سفر المكابيين الثاني فهو يضع على لسان ام الشهداء السبعة ان الله صنع السماء والأرض وكل ما فيهما من العدم أسألك يا ولدي أن آنظر إلى السماء والأرض وإذا رأيت كل ما فيهما فآعلم أن الله صنعهما من العدم وأن جنس البشر هو كذلك سفر المكابيين الثاني 7 / 28 فيعود هكذا الى تقليد في البدء خلق الله السموات والأرض سفر التكوين 1 / 1 وبذلك يضيف الى مسألة الخلق الأساسية توضيحاً يبشر بواسطته بتعليم العهد الجديد هو صورة الله الذي لا يرى وبكر كل خليقة رسالة قولسي / به كان كل شيء وبدونه ما كان شيء مما كان انجيل يوحنا 1 / 3
في تفكير كاتب سفر المكابيين الثاني في الأزمنة الأخيرة تطوير لسفر دانيال وهذا التفكير اقرب الى تعليم الفريسيين الذين يقولون بقيامة الابرار جسداً ونفساً من تعليم سفر الحكمة الذي يؤكد بتأثير الافلاطونيين ان نفوس الابرار وحدها تتمتع بالسعادة الأبدية أما الشيخ الكبير العازار فيبدو أنه يفكر تفكيراً صدوقياً ولكنه لا ينفي عقاب الخاطئ بعد الموت لكنه عزم عزما شريفا جديرا بسنه ومكانة شيخوخته وما بلغ إليه من جلال المشيب وبكمال سيرته الحسنة منذ حداثته ولا سيما بالشريعة المقدسة الإلهية وأجاب لذلك طالبا أن يرسل عاجلا إلى مثوى الأموات فإني ولو نجوت الآن من عقاب البشر لا أفر من يدي القدير حيا كنت أم ميتا سفر المكابيين الثاني 6 / 23 و 26
وفي سفر المكابيين الثاني تطوراً آخر وهو فعالية الصلاة والذبيحة للتكفير عن خطايا الأموات تقابله شفاعة الأموات الأبرار مثال اونيا وارميا من أجل الأحياء فوجدوا تحت ثياب كل واحد من الق*ت*لى أشياء مكرسة لأصنام يمنيا مما تحرمه الشريعة على اليهود فتبين لهم جميعا أن ذلك كان سبب ق*ت*لهم فباركوا كلهم تصرف الرب الديان البار الذي يكشف الخفايا ثم أخذوا يصلون ويبتهلون أن تمحى تلك الخطيئة المرتكبة محوا تاما ثم وعظ يهوذا الباسل القوم أن يصونوا أنفسهم من الخطيئة إذ رأوا بعيونهم ما حدث بسبب خطيئة الذين سقطوا ثم جمع من كل واحد تقدمة فبلغ المجموع ألفي درهم من الفضة فأرسلها إلى أورشليم لتقدم بها ذبيحة عن الخطيئة وكان عمله من أحسن الصنيع وأسماه على حسب فكرة قيامة الموتى لأنه لو لم يكن برجو قيامة الذين سقطوا لكانت صلاته من أجل الموتى أمرا سخيفا لا طائل تحته وإن عد أن الذين رقدوا بالتقوى قد آدخر لهم ثواب جميل كان في هذا فكر مقدس تقوي ولهذا قدم ذبيحة التكفير عن الأموات ليحلوا من الخطيئة سفر المكابيين الثاني / وسلح كلا منهم بتشجيع كلامه الصالح أكثر مما سلحهم بالتروس والرماح ثم قص عليهم نوعا من الرؤيا تجلت له في حلم جدير بأن يصدق فشرح بها صدورهم أجمعين وهذه هي الرؤيا قال رأيت أونيا عظيم الكهنة السابق رجل الخير والصلاح المتواضع المنظر الحليم الأخلاق صاحب الأقوال الطريفة المواظب منذ صباه على جميع أعمال الفضيلة باسطا يديه يصلي من أجل جماعة اليهود بأسرها ثم تراءى كذلك رجل كريم المشيب أغر البهاء عليه جلال عجيب سام فتكلم أونيا وقال هذا محب الإخوة المكثر من الصلوات لأجل الشعب والمدينة المقدسة إرميا نبى الله ثم إن إرميا مد يمينه وناول يهوذا سيفا من ذهب فقال خذ هذا السيف المقدس هبة من عند الله به تحطم الأعداء سفر المكابيين الثاني 15 / 11 – 16
وقد تبنئ فيلون هذا التعليم فجعل الآباء في عداد الشفعاء في نظر كتاب العهد الجديد يسوع هو الوسيط الوحيد فهو لذلك قادر على أن يخلص الذين يتقربون به إلى الله خلاصا تاما لأنه حي دائما أبدا ليشفع لهم رسالة العبرانيين 7 / 25 ، ولما أخذ الكتاب جثا الأحياء الأربعة والشيوخ الأربعة والعشرون أمام الحمل وكان مع كل واحد منهم كنارة وأكواب من ذهب ملئت عطورا هي صلوات القديسين رؤيا يوحنا 5 / 8 فان كنائس الاصلاح قد رفضت ان تتجاوز هذا الحد وسلمت أمر الأموات الى الله ومن المعلوم أن اللجوء الى القديسين كان شأن هام في تاريخ المسيحية الشرقية والغربية وقد وافق عليه المجمع التريدنتيني وأضاف ان كل نعمة تمر بالمسيح
اعداد الشماس سمير كاكوز

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!