مقالات دينية

هل ظهر يسوع لأمهِ بعد القيامة ؟

هل ظهر يسوع لأمهِ بعد القيامة ؟

بقلم / وردا إسحاق قلّو  

    أخترت عنوان المقال سؤالاً لنبحث عن الجواب ، فعلينا أن نسأل أنفسنا أولاً ونقول ، لماذا لم تذكر الأناجيل حدث ظهور المسيح لأمه العذراء بعد قيامته من بين الأموات ، ألا تستحق مريم الفائقة القداسة أن ترى ابنها كبقية الرسل والنسوة اللواتي رأينا المسيح ؟ أم هي لا تشأ أن يذكر أسمها من بين اللذين تمتعوا بمشاهدة أبنها المنتصر على الموت وذلك لكي لا يعطى مجالاً للأثمة بالأشتباه بها ، أو لتمجيدها أكثر من كل الذين رأوأ أبنها وهي ليست بحاجة إلى إعلان لقائها مع أبنها الممجد ، علماً بأن أبنها لن ينسى والدته التي منها أخذ جسده ، وهي كانت برفقته منذ الحبل به وولادته في بيت لحم وإلى وقوفها معه تحت الصليب ، ومن على الصليب لم يتركها فريدة لوحدها ، بل سلمها إلى تلميذه الحبيب .  

   يسوع هو آدم الجديد . فآدم القديم الذي خلقه وأعطاه نفخة الحياة ، لم يره أحد لعدم وجود أي إنسان مخلوق غيره . إلى أن وجدت حواء وهي التي عاينته أولاً . كذلك آدم الثاني ( الرب يسوع ) بعد قيامته ، لم يعاينه أحد ، لأنه قام من القبر قبل أن يدحرج الحجر. بعد قيامته جاء ملاك الرب ودحرج الحجر قبل وصول مريم المجدلية ومريم الأخرى ( طالع مت 1:28 ) والحراس الذين صاروا كالأموات . فمن هي مريم الأخرى ؟  

   المرأة الأخرى التي لا تريد أن يعلنون كُتّاب الأناجيل عن أسمها هي حواء الثانية ( مريم العذراء ) وهي أول من شاهدت ابنها ! لنسأل أنفسنا ونقول : هل يعقل بأن العذراء لم تكن مع النسوة اللواتي جئن إلى القبر ؟ إذاً البشير متى أعلن لنا بكلمات مبطنة عن هذا السر ، ونحن الآن نفسر المقصود . 

  أن أول من تمتع برؤيى القيامة واغتبط بنعمتها ، وشاهد بهاء لحظتها دون غيرها كانت بلا شك مريم والدة الإله . إنها الأولى التي تسلمت البشارة لأنها هي التي تستحق تلك الرؤية ، ولم تكتفِ برؤيته وسماعها لكلماته بل التمست قدميه الطاهرتين ، هي فقط الوحيدة التي تستطيع أن تلتمس جسده الممجد لأنها كاملة الطهارة ، أما مريم المجدلية وبحسب أنجيل يوحنا البشير قالت للمسيح عند القبر ( ربوني ) أي يا معلم . فقال لها يسوع ( لا تمسكيني … ) ” يو 17:20 ” .  

   القبر فتحه الملاك من أجل مريم العذراء أولاً لتتأكد من قيامة ابنها قبل ان تلتقي به ، وكذلك لأجل التلاميذ لكي يؤمنوا ، ومن أجلنا نحن فُتحت كل الأشياء في السماء والأرض . ومن أجل العذراء كان الملاك شديد البهاء . وبما أن الليل كان في آخره ، فقد رأت العذراء بأشعته الفياضة القبر الفارغ والأكفان موضوعة بترتيب . أما الملاك المبشر بالقيامة فلم يكن سوى جبرائيل الذي سبق وأن بشرها قائلاً ( لا تخافي يا مريم لأنك نلت نعمة من الرب ) . فتلك الممتلئة من النعم تستحق أولاً أن تلتقي بإبنها وخالقها وأن تلمس جسده الممجد الذي لم يلمسه حتى الرسول توما الذي آمن دون أن يلمس جسد الرب ، لهذا قال له يسوع ( آمنت يا توما لأنك رأيتني ، فطوبى لمن آمن وما رأى ) ” يو 20:20 ” .  

    هل يعقل بأن تكون مريم الأم لا تشاهد أبنها وهي آخر من تركت ضريح ولدها الذي وضعته في حضنها بعد نزوله من على الصليب ؟ وهي أيضاً أول من أتت إليه بعد إستراحة السبت .  

    كتب لنا البشير متى ، فقال ( فتركتِ المرأتان القبر مسرعتين وهما في خوفٍ وفرحٍ عظيم …  ) ” مت 8 : 28″ هنا نجد الخوف أولاً والفرح ثانياً . فالخوف كان يتملك فعلاً على مريم المجدلية . وأما الفرح العظيم فكان يغمر مريم الأخرى التي هي مريم العذراء لأنها كانت متيقنة بقيامة أبنها والآن تأكدت من قيامته التي كانت تنتظرها بإيمان مجرد من أدنى شك .  

 العذراء مريم كانت تعرف نبؤات العهد القديم ، ولم تجهل علامات يونان النبي التي هي نبؤة لما سيحدث بأبنها بعد وضعه في القبر ثلاثة أيام . ونشيدها ( تعظم نفسي الرب ) الذي دونه البشير لوقا في ( 1: 46-55 ) والذي يشير إلى نصوص العهد القديم ، قد تعلمته العذراء أثناء وجودها في الهيكل منذ نعومة أظفارها إلى يوم خطوبتها إلى مار يوسف . وهكذا بفضل مزاياها الشخصية ، وفضائلها الموروثة من تاريخ تدريب شعب بكامله على محبة الله وطاعته ، وبفضل إرشادات ولدها الذي كان دائماً يحثها على الإنسلاخ تدريجياً حتى عن أمومتها ، بلغت ذروة حياتها الروحية عند قدمي ولدها على الصليب ، مريم تلك المخلوقة الفريدة . التي سَمَت على الملائكة استطاعت أن تشاهد رؤيا قيامة ولدها الوحيد قبل الجميع .  

التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 ” 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!