مقالات دينية

الكتاب المقدس نور يقودنا الى معرفة الحق / الجزء الأول

الكاتب: مشرف المنتدى الديني

 
الكتاب المقدس نور يقودنا الى معرفة الحق
الجزء ألأول
بقلم / نافع البرواري
 أولا : بماذا يتميّز الكتاب المقدس عن بقية الكتب؟ 
يقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس :”فانت منذُ طفولتك عرفتَ الكتب المقدسة القادرة على أن تزوِّدك بالحكمة التي تَهدي الى الخلاص في ألأيمان بالمسيح يسوع . فالكتاب كُلَهُ من وحي الله ، يُفيد في التعليم والتفنيد والتقويم والتأديب في البرِّ ، ليكون رجل الله كاملا مستعدا لكلِّ عمل صالح”2تيموثاوس 3: 15 –17
انّ الكتاب المقدس ليس مجموعة من القصص أو الخرافات أو ألأساطير ، أو مجرد أفكار بشرية عن الله “2بطرس 1 : 16 “، فهو ليس كتابا بشريا ، لكن الله أعلن ذاته ومقاصده ، بالروح القدس ، لرجال قديسين ، فسجّلوا رسالة الله لشعبه ، وهذا هو الوحي ،  لقد كتب أولئك الرجال القديسون عن ظروفهم الشخصية والتاريخية والحضارية ، ولكن رغم أنّهم استخدموا عقولهم ووزناتهم ولغتهم واسلوبهم ، فأنّهم لم يكتبوا الا ما أراد الله أن يكتبوه”راجع 2بطرس  1: 20 ، 21”.
الكتاب المقدس هو أنفاس الله وهو جدير بكل ثقة لأنَّ الله كان هو المهيمن على كتابه ، ولكلماته كُل السلطان في أمور ايماننا وحياتنا، ولأنَّ هذا الكتاب موحى به وجدير بكل ثقة فيجب أن نقرأه وأن نطبّقه على حياتنا ، والكتاب المقدس هو المقياس الذي نقيس به كلِّ شيء آخر مما يقال انَّه حق ، وبه نقارن بين ما نسمع وما يقول الكتاب المقدس” راجع أعمال 17 : 11″ .  ، فهو يحمينا من كُلِّ تعليم كاذب ، فهو المعيار الوحيد للحق وعلينا فحص وامتحان أقوال الناس وكُلِّ الآراء ألأخرى في ضوء تعليم هذا الكتاب . فكلمة الله هي المعيار لنا عند فحص كلام الآخرين  أو كتبهم أو أقوالهم . انَّ كلمة الله  تجعلنا  حكماء ، أحكم من أعدائنا  أحكم من كُلِّ المعلمين الذين يتجاهلونها ، فالحكمة الحقيقية ليست تكديس المعرفة بل تطبيق المعرفة بطريقة  تغيّر الحياة “كم أحببت شريعتك ، انّها موضع تأملي طول النهار. وصيتك جعلتني أحكم من أعدائي “مزمور 119 : 96- 104″ . الكتاب المقدس هو مصدر هدايتنا الى كيف يجب أن نعيش . وهو المصدر الوحيد لمعرفة طريق الخلاص ، فالله يريد أن يعرِّفنا الحق ، ويؤهّلنا لأن نحيا له  . نحن لا ندرس الكتاب المقدس (كلام الله) لمجرد زيادة معرفتنا أو للفوز في المجادلات ، بل ولا ندرسه أساسا لنعرف كيف نخلص نفوسنا (فغالبية الناس يخلصون قبل أن يبدأوا في دراسة الكتاب المقدس بعمق) . انّنا ندرس الكتاب المقدس لنعرف كيف نتمم رسالة المسيح  في العالم ، فمعرفتنا بكلمة الله تظلُّ بلا جدوى الاّ اذا أستخدمناها لعمل الخير للآخرين . والكتاب المقدس كما يقول الأب بولس فغالي : ” هو حوار مفتوح (بين الله والأنسان) ليس فيه توقف للوصول الى النهاية ، بل هو غوص  في خبرة ألأنسان مع الله ، ونحن كالأطفال شهادتنا لا تنفعنا ألاّ بالأيمان  وبخبرة روحية مع الله . تلميذي عمّأوس ، لمّا عَرِفوا المسيح ، أنفتحت عيونهم “لوقا 24 : 31” .
يقول الله على لسان النبي ارميا : ” اليست كلمتي كالنار وكالمطرقة التي تحطِّم الصخر؟”
نعم كلمة الله لا ترجع حتى يتمُّ ما في قلبهِ من مقاصد ، فهي لا تعود فارغة بل تنجح في ما أُرسلت له ، فكلمة الله نار تُحرق الجراثيم (الخطيئة) ، ولا تستطيع أيِّ قوّى مواجهتها .
ثانيا :  دراسة  الكتاب المقدس وأعلانه للآخرين
يقول بولس الرسول لتلميذهُ تيموثاوس:
“أُناشدك أمام الله والمسيح يسوع الذي سيدين ألأحياء وألأموات عند ظهوره ومجيء ملكتوته أن تُبشِّر بكلام الله وتُلِح في اعلانه بوقته أو بغير وقته “2تيموثاوس4 ك 1 ، 2″
لقد شدّد المجمع الفاتيكاني الثاني في “الدستور العقائدي في الوحي الألهي الذي نشره سنة 1965) على ألأصغاء الى كلمة الله بورع وعلى أعلانها اعلانا ثابتا لكي يسمع العالم كُله بشرى الخلاص . وأنهى كلامه بفصل هام عنوانه “الكتاب المقدس في حياة الكنيسة” ، ثم يقول النص المجمعي: ” من الواجب أن يُفسح المجال واسعا للمؤمنين حتى يصلوا الى الكُتُب المقدسة” . ويحرِّض المجمع على قراءة الكتب المقدسة  فيقول :” انَّ كُلِّ رجال ألأكليروس ملتزمون بأن يكبّوا على قراءة الكُتُب المقدسة قراءة روحية متواترة وعلى دراستها  دراسة عميقة …..كما يحرِّض جميع المسيحيين ان يدركوا معرفة المسيح السامية بالمواظبة على قراءة الكتب الألهية ، لأنَّ من جهل الكُتُب المقدسة جهل المسيح “
يقول ألأب بولس الفغالي:
“الكتاب المقدس بسيط ، فالله يريدنا أن نعرف كلمته ونعمل بها لذلك فهو بسيط ويستطيع أيٌّ كان أن يفهمهُ . فنقول :انَّ هذا صحيح على المستوى ألأخلاقية والسلوكية ألأيمانية للفرد والجماعة ، ولكنه غير صيح أبدا على مستوى التفسير وفهم المعاني .فالكلام ألألهي متوشَّح بلغة البشر وبتراث جغرافي وتاريخي وفكري وأدبي …. انّ الكتاب المقدس هو كلام الله في لغة البشر . فكلام الله ذو قيمة الهية وهو يتوجَّه الى كُلِّ البشر بلغتهم ، فكان على الكاتب الذي خاطبه الوحي في قلبه ووعيه أن يدوِّن كلام الله بلغته ومفاهيمه وتراثه والبيئة والثقافة المحيطة والمعروفة عنده وعند قُرَّائه” .
قد نجد صعوبات في فهم كلمة الله ، ولكن ألأيمان يقودنا للتعمُّق  في فهم كلامه ومعجزاته وأقواله وأمثاله وموته وقيامته”متى27 : 22 -23″ .
لقد طلب الخصّي من فيلبس تفسير عبراة من سفر أشعيا النبي ، لم يفهمها. فعندما لانفهم الكتاب المقدس أو جزء منه ، علينا أن نطلب مساعدة ألآخرين ، وينبغي ألاّ ندع كبريائنا يقف في طريق فهم كلمة الله “راجع أعمال 8 : 30 ، 31 ”    .
الكتاب المقدس هو عبارة عن قصة حب بين الله والأنسان ، ولكن لايستطيع أحد فهمه اذا لم يكن بيده المفتاح وهو يسوع المسيح ، والذين يقرؤون الكتاب المقدس خارج المسيحية هم مثل من لبس البرقع فلا يرون ولا يفهمون العهد القديم الذي يتكلم عن يسوع المسيح “فما نحن كموسى الذّي كان يضعُ قناعا على وجههِ لئلا ّ يرى بنو اس*رائ*يل نهاية  ما يزول . ولكن عَميت  بصائرهم ، فلا يزالُ ذلك القناع الى اليوم  غير مكشوف عند قراءة العهد  القديم، وللا ينزع هذا القناع الا ألمسيح””2كورنثوس 3 :13 – 14
ثالثا : الكتاب المقدس يغيّر ألأنسان من الداخل
الكتاب المقدس  هو لا يعالج نتائج المشكلة ولا نتائج الخطيئة بل يعالج المشكلة ويقلع جذور الخطيئة ، فهو يعالج روح الأنسان من الداخل (قلب الأنسان) ويلمس حاجات الأنسان الروحية ، لأنّ كلمة الله تحمل لنا الحياة  ، وانَّ الحياة بحسب طريق الله تجعل الحياة مثمرة ونافعة . يقول الرب يسوع المسيح ” الكلام الذي أُكلِّمكم به هو روحٌ وحياة”(يوحنا 6 : 36).. فكلمة الله تحمل في ذاتها قوّة خلاقة تستطيع أن تحوّل الحزن الى فرح  وتعزّي النفس والروح وتحوّل الحياة من اليأُس الى الرجاء والأمل، وضعف ألأنسان الى قوّة ، فيتحوّل ألأنسان الضعيف الى أسد يواجه قوى الشر  “وكلمة الله حيّة فاعلة ، أمضى من كُلِّ سيف له حدّان ، تنفذ في ألأعماق الى ما بين النفس والروح والمفاصل ومخاخ العظام ، وتحكم على خواطر القلب وأفكاره “عبرانيين 4 : 12″. فكلمة الله ليست مجرّد كلمات ينطق بها الله كوسيلة للتعبير عن ألأفكار ، لكن كلمة الله حيّة وفعالة وديناميكية وتُغيِّر الحياة اذ تعمل فينا ، وهي تُعلن ما لنا وما علينا ، بنفس حدَّة مشرط الجرَّاح ، فسواء قطعت في الداخل  أم في الخارج فهدفها أن تعطي الحياة التي تدوم ، وسواء رأى ألأنسان فيها ، مع ارميا النبي “مطرقة تحطم الصخر ”  فهي تقطع وتهدم وتنقض ، ولكن هدف الله الأخير هو أن يبني ويغرس . كما أنَّ  الكتاب المقدس ليس للمعرفة والمعلومات بل للتجديد والتغيير  ، فكلمة الله  ليست مجرَّد أضافة الى ما نعرفهُ من معلومات ، لكنها قوّة مغيِّرة لنفوسنا ، فعندما يصبح ألأنسان مسيحيا يبدأ علاقة جديدة مع الله وتتغيّر حياته جذريا ، ولا يعني ذلك بداية صفحة جديدة أو عزما جديدا على أن يعيش بصورة أفضل . فالمؤمنون الجدد تصير لحياتهم توجُّهاتها الجديدة ، سواء في هدف الحياة العام أو في السلوك اليومي ، فهم لا يعيشون فيما بعد ليرضوا أنفسهم ، بل ليخدموا الله”راجع كولوسي 1 : 1 -6 ” ا فكلمة الله  تميِّز ما في داخلنا شرا كان أم خيرا . فلا ينبغي أن نسمع الكلمة فقط بل يجب أن ندعها تُشكِّل حياتنا وتُغيّر سلوكنا  فنقول عندها ، مع الرسول بولس : ” مع المسيح صُلِبتُ ، فاحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ” غلاطية 2: 20″. انَّ المؤمنين بالمسيح قد حصلوا على الحق ، والحق يسكن فيهم وهو معهم ” أذا كنتم سمعتم به (المسيح) وتلقيتم تعليما مطابقا للحقيقة التي في يسوع . فاتركوا سيرتكم الأولى بترك الأنسان القديم الذي أفسدتهُ الشهوات الخادعة ” أفسس4: 21 “. عندما نؤمن بالمخلص ، يسوع المسيح ، فهو الذي يستطيع أن يُغيّرنا لنصبح مقدَّسين ومطيعين لشريعته ، وقبل هذا وذاك ، مح*بو-بين عنده وعند الآخرين ونحب الآخرين ولا نستطيع الاّ أن نعمل من أجل الخير ، لأنَّ الذي حرّرنا يعطينا الأيمان والمحبة .
—————————————————————————–

..

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!