مقالات دينية

القيامة الأولى والقيامة الثانية

الكاتب: الشماس نائل بربري
                 الـقــيــــامــة الأولــى والــقــيـــــامـــة الــثــانــيـــــــة
الشماس – نائل بربري
من أنجيل يوحنا 20 : 1 – 18
أخوتي المؤمنين , عندما نتكلم عن القيامة فهي ليست تذكارا نحتفل به أو مناسبة نستمتع بها , ولكن القيامة هي حياة نعيشها مع المسيح , والقيامة هي حياة توبة , وحياة غلبة , وحياة نصرة على الخطيئة . فلكي نفهم معنى القيامة , فهناك نوعين من القيامة – القيامة الأولى والقيامة الثانية  :
الـقــيـــامـــة الأولــى : هي فرصة للتوبة والرجوع الى الله وحياة النصرة على الخطية . يقول الكتاب المقدس في سفر الأمثال 16 : 24 ( أن الصدّيق يسقط سبع مرات في اليوم ويقوم ) . وفي سفر ميخا 7 : 8 ( لاتشمتي بي يا عدوّتي اذ أسقط أقوم وأذا جلست في الظلمة فالرب نور لي ) .
فكيف نتوب ونرجع الى الله ؟  في التوبة يعني القيامة الأولى حيث يقوم الأنسان ويعترف امام الله بخطيته بعدما يرجع الى نفسه ويدرك أنه أخطأ . نتذكّر مثل الأبن الضال بعدما أحسّ بخطأه وأصبح محتقرا قال ” أقوم وأرجع الى أبي “. وأفضل توبة هي الأعتراف بخطيتك أمام الله في مخدعك قبل الذهاب الى الكاهن في الكنيسة . فالأعتراف هو ليس فقط أن تأتي الى الكاهن وتخبره بعض الكلمات . لكن الرجوع الى النفس مهم جدا قبل الأعتراف . هنا في هذه الحالة يرجع الأنسان ويقول أقوم ( قيامة ) وأذهب الى أبي وأغلق كل الأبواب في وجه الخطية وأعترف أمام الله وأقول كما قال الأبن الضال ” أخطأت الى السماء واليك ” لذلك كثير من الناس لا يستفيدون من سرّ الأعتراف لأنهم يمارسونه بذكر بعض الكلمات للكاهن , دون أن يسبق هذا مراجعة للنفس وتوبة حقيقية . اذن القيامة هي أن ترجع الى نفسك وتحاكم نفسك وتخرج بقرار مصيري هو الرجوع الى أحضان الآب السماوي . فالرسول بولس يذكّرنا في رسالته الى افسس 5 : 14 ويقول ( استيقظ أيها النائم وقم من الموت فيضيء لك المسيح ) .
الــقــيـــــامـــــة الــثـــانــــيـــــــة : هي قيامة الدينونة والتي سيعطي فيها الأنسان حسابا عن كل ما فعل . كما قال المسيح في انجيل متى 12 : 36 – 37 ( الحق أقول لكم : أن كل كلمة رديئة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابا يوم الدين . لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان ) . وأيضا تحدّث المسيح عن قيامة الدينونة في انجيل يوحنا 5 : 28,29 ( أنه تأتي ساعة يسمع فيها جميع الذين بالقبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات الى قيامة الدينونة ) . وسبق هذا قول المسيح عن القيامة الأولى في انجيل يوحنا 4 : 24 ( الحق الحق أقول لكم : أن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي الى الدينونة بل أنتقل من الموت الى الحياة ) .
فالله كل يوم يسمعنا صوته فاتحا لنا مجالا للتوبة وللحياة  , أما الذين لايسمعون سيبقون أمواتا بالخطية  .   في اليوم الأخير ( القيامة  الثانية ) سيسمع صوته جميع الذين بالقبور . أما الآن في حياتنا على الأرض البعض يسمع والآخر لا يسمع . فالذي يحيا القيامة الأولى ليس للموت الثاني سلطان عليه , أما الذي لا يحيا القيامة الأولى سيكون نصيبه الدينونة .
نستطيع أن نلخـّص الفرق بين القيامة الأولى والقيامة الثانية بالنقاط التالية :
أولا : القيامة الأولى ممكن أن تحدث في أي وقت يستطيع الأنسان أن يقدم توبة حقيقية ويقوم من موت الخطيئة .    أما  القيامة الثانية فسوف تحدث في نهاية العالم عند المجيء الثاني لربنا يسوع المسيح .
ثانيا : القيامة الأولى أختيارية فهي متوقفة على ارادة الأنسان وشعوره أنه هالك  وأن يتخذ القرار بالقيام من وطأة الخطية. أما القيامة الثانية فهي اجبارية لجميع الناس ولا مفرّ منها .
ثالثا : القيامة الأولى فردية من نصيب من يسمع صوت الله ويستجيب تاركا أعمال الخطية .                                        أما القيامة الثانية فهي جماعية لكل الناس أبرارا وأشرارا .
رابعا : القيامة الأولى هي قيامة روحية وننتصر فيها على شهوات الجسد .                                                              أما القيامة الثانية فهي جسدية حيث تقوم الأجساد وتتحد بالأرواح مرة اخرى .
فمن علامات القيامة في حياة الأنسان :
أولا : أن تكون روابط حب قوية بينك وبين المسيح ولا يفصله شيء . كل شخص يعيش حياة الأماتة لا يهمّه مديح الناس أو ذمّهم . ولا يفصله شيء عن محبة المسيح . كما قال الرسول بولس في رسالته الى رومية 8 : 35 – 39 ( من سيفصلنا عن محبة المسيح , أشدة أم ضيق أم أضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف , كما هو مكتوب أننا من أجلك نمات النهار , قد حسبنا مثل غنم للذبح ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا . فأني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا ) .
ثانيا : فالأنسان الذي يعيش القيامة يعيش حياة المحبة مع أخيه كما قال يوحنا الرسول في رسالته الأولى 3 : 14 ( نحن نعلم أننا قد أنتقلنا من الموت الى الحياة لأننا نحب الأخوة . فمن لا يحب أخاه يبقى في الموت )  
ثالثا : الأنسان الذي يعيش القيامة يؤمن بصدق مواعيد الله .
فيا أحبائي ليت كلمات الله التي تحدثنا عن موت الخطية وعن التوبة التي هي القيامة الأولى تجري في عروقنا لنعيش القيامة الحقيقية . فكما قلت في البداية , أن القيامة ليست هي الأحتفال بعيد القيامة فقط , ولكن القيامة هي حياة نعيشها كل يوم – حياة توبة وحياة غلبة وحياة نصرة على الخطية . فكل خطية نعيش فيها هي بمثابة قبر , فياليتنا نقوم تاركين وكارهين كل فساد وكل خطية . واذا سألوا عنك نقول لهم أنه قد قام , قام من قبر الشهوة – قام من قبر النجاسة – قام من قبر التدخين – قام من قبر الكذب – قام من قبر الكبرياء – قام من ………….. .
ونردد معا قول الرسول بولس
 ( أسـتـيـقـظ أيـهــا الـنــائـم وقــم مـن الأمــوات فـيـضــيء لـك الـمــســــيــــــــح ) …

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!