مقالات دينية

كنيسة الله وملكوته على الأرض

كنيسة الله وملكوته على الأرض

بقلم / وردا إسحاق قلّو

    يسوع المسيح هو الإله المتجسد بيننا ، جاء من ملكوته السماوي لكي يؤسس على الأرض ملكوتاً . أتى مخلصاً للبشرية ، وهو الذي بشر به الأنبياء ، لا ليكون مخلصاً سياسياً يعيد المُلك لأسرائيل ، بل لكي يؤسس الملكوت في القلوب ، لهذا كانت بشارته عن ملكوت الله . فدعى إلى التوبة لأن ملكوت الله صار قريباً . والذي يعيش الملكوت في هذا العالم يجب أن يكون نقياً طاهراً لكي يسكن الله في قلبه . فالذي يطهر ذاته كنقاوة الأطفال سيربح الملكوت ، لهذا قال يسوع ( دعوا الأطفال يأتون إليّ ولا تمنعوهم ، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات ) لكي يعلمنا الطريق الأقصر للملكوت ، وقال ( إن لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت الله ) . وطريق الملكوت يبدأ بالإقتداء بالمسيح الذي جاء ليخدم لا ليخدم ، أي نكران الذات ومحبة الآخرين وبحمل الصليب ، لأن الذي يريد أن يعيش الملكوت فعليه أن يخسر حياته في هذا العالم ليجدها في الآخرة  ( مت 16: 24-25 )  حب العالم وما فيه هو عداوة لله .  لذا قال يسوع للشاب للغني ( بع كل ما عنك ، ووزع على الفقراء ، فيكون لك كنز في السماء ، ثم قال وأتبعني ) ” مر 21:10 ” . وحب العالم قد تضاعف في هذا الزمن فابتعد الإنسان عن الإيمان ، وقد غدا حجر عثرة للخلاص , وتنبأ يسوع عن الإيمان في نهاية الأزمنة ، فقال ( ولكن متى جاء إبن الإنسان ، أتراه يجد الإيمان على الأرض ؟ ) ” لو 8:18 “

الملكوت يبنى ويرتفع بقدرها يعيش المرء في الطهارة وشراكة حب فاعل مع الناس ومع المسيح . وإن هذا هو الكنز الحقيقي ليس كالكنوز التي يجمعها الناس والتي تنتهي إلى فناء . فالملكوت هو كنز يجب الإهتمام به ويضحي بكل شىء كي يحافظ عليه وينميه ويعيش فيه ، لأنه أثمن من كل الجواهر . فالملكوت هو بيننا يدعونا إلى أن نحب ما هو أبعد وأثمن . إنه نعمة من الله . لقد كان وما يزال يحتضن في طياته سر الحياة والموت . إذ أن فيه تأخذ الحياة .

الملكوت يتخطى الزمان والمكان ، فالإنسان الذي يحتضن المسيح في قلبه ، ويعمل بوصاياه ، يحتضن الملكوت في قلبه . فهناك بشر يسيرون على هذا النهج ، وأناس يرفضون حتى السماع إلى أنغام هذه الموسيقى الإلهية . فهناك ملكوت يشارك فيه الإنسان مع الله في حياته وتحت سقف الكنيسة . ومن خلال الكنيسة أيضاً سيحصل على الغفران عندما يسقط في الخطيئة . فعطاء الله للإنسان لا تقدر ، بل هي الحياة الوافرة ، بيد عليه أن يقبل ذلك النبع ليستقي منه القدرة وملء الحياة . لأن الحياة النقية تفيض من قلب الله وتصل إلى الإنسان من خلال أقنية محددة تمر كلها في يسوع الذي هو صورة الله وقدرته . الله يعمل معنا ، بل فينا ، من خلال واقعنا كبشر . وأسس من خلالنا كنيسة ليحقق من خلالها ملكوت ابيه هي العالم . فالكنيسة المجاهدة هي إمتداد للكنيسة الممجدة ، والمسيح حاضر في أسرار الكنيسة لكي يجمعنا معاً على مائدته المقدسة لنصبح معه جسداً واحداً . يسوع أراد ان تكون الكنيسة إمتداداً لشخصه ولسّر رسالته ، بل جسده السّري ، فيؤمن أبناء الكنسية بأن الروح يعضد ضعف الكنيسة دوماً وينير طريقها لأنها منذ البداية سمعت صوت المعلم وتسير وفق وصاياه . لهذا لا يجوز أن نقول بأن الكنيسة تخضع لقوانين بشرية ، بل إنها مقدسة يرأسها يسوع المسيح . والمسيح يريح كل مؤمن مثقل بالأحمال ويحيا قلوب الآلاف من المكرسين لنشر ملكوته في العالم . كما أنه يعيش في كل عائلة مسيحية التي تعرف كيف تضحي لتكون في وحدة معه ، وأعضاؤها على إتحاد فيما بينهم . وفي كل هؤلاء يستمر المسيح حياً ، وحياته فيهم هي شهادة للعالم على أنه ( الطريق والحق والحياة ) .

مجداً لأسم يسوع

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!