مقالات

إن لم تكن منهم فلا تعتب عليهم

هذه هي الحكمة البسيطة التي اصبحت سارية المفعول في مجتمعاتنا، ويفهمها الآن الصغير والكبير، ويلتزم بها كل عاقل. وهي بطبيعة الحال تختلف عن الحكمة القديمة التي كان يؤمن بها أصحاب الهمم العالية، بقولهم:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح. وتختلف أيضاً عن حكمة مولانا جلال الدين الرومي: (إن لم تكن منهم فجالسهم). .
فقد انقلبت الصورة هذه الايام، وتغيرت المفاهيم، وتحولت الانتماءات السياسية إلى ولاءات وتحالفات وتكتلات، يؤازر بعضهم بعضا. اما الذين لا ينتمون اليهم فلا مكان لهم بينهم. .
في العراق (مثلا) يقف اعضاء البرلمان الذين يمثلون السلطة التشريعية والرقابية ضد شخص كثرت حوله الأقاويل، وحامت حوله الشبهات بارتكاب سلسلة من الانتهاكات والخروقات، فتوحدت أصواتهم بمحاسبته ومساءلته، والتحقيق معه، والتحري عنه. من دون ان تهتز شعرة واحدة في رأسه، ومن دون ان تتفاعل معهم الجهات المعنية. فالرجل يتحرك على هواه متحديا الدولة وقوانينها، ويحظى برعاية حزبية قوية ودعم إعلامي مطلق. .
وفي الوقت الذي تضج فيه مواقع التواصل بالحديث عنه ليوم أو يومين فقط، نفاجئ في اليوم الثالث بسكوتها كلها مرة واحدة. ثم تتوجه مدافعهم ومضخاتهم فجأة للنيل من رجل بعينه، رجل متقاعد عمره الآن 72 سنة، لا وجود له بينهم، ولا علاقة له بهم. ربما يظن البعض انهم اختاروا هذا المتقاعد الطاعن في السن عن طريق الصدفة. لكنك إن استعرضت الفضائح السابقة على مدى السنوات الخمس الماضية، لوجدت ان هذا المتقاعد نفسه هو المستهدف الأوحد، وهو المتهم الدائم الذي اختارته الاحزاب المتنفذة لتضليل الرأي العام. .
مشكلة هذا المتقاعد (الذي ربما تعرفونه) انه ليس منهم، ولا ينتمي اليهم، لكنه كان يعمل في الحقل القريب من حقولهم، فاستطاع ان يسجل افضل الإنجازات في فترة قياسية وجيزة. ثم انطوى على نفسه تاركاً وراءه محطات مضيئة لا يمكن تجاهلها، لأنها كانت تصب في خدمة الفقير، وفي خدمة العامل والموظف. لكنهم وبدلا من استعارة تجاربه الناجحة قرروا الانتقام منه بخناجر التشهير والتسقيط والتلفيق، وقرروا الإساءة اليه بالدعاوى الكيدية والحملات الإعلامية. .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!