مقالات دينية

الفرق بين شفاعة العذراء والقديسيين وشفاعة المسيح

الكاتب: وردااسحاق

الفرق بين شفاعة العذراء والقديسيين وشفاعة المسيح

بقلم/ وردا أسحاق عيسى

وندزر- كندا

العذراء

 

 ( لأن الله واحد والوسيط بين الله والناس واحد ، هو الأنسان يسوع المسيح ) ” 1 تيمو 5:2″

الشفاعة تعني رفع الطلب بألحاح من أجل المحتاج الذي يلجأ الى الآخرين لكي يصلّوا لأجله ويشفعوه في صلواتهم وطلباتهم المرفوعة الى السماء ، فصلاة الكنيسة من أجل المحتاجين في الجماعة أو العالم مطلوبة وكما علمنا الكتاب ( …صلّوا بعضكم لبعض كي تشفوا . صلاة البار تعمل بقوة عظيمة ) ” يع 16:5″ . والقديس بولس طلب من تلاميذه أن يصلّوا لأجله ، قائلاً ( يا أخوتي صلّوا لأجلنا أيضاً ) ” 1تس 25:5″ . صلاة القديسين والشهداء الأحياء عند ربهم هي صلّوات الشفاعة وذلك بالتذرع وطلب إستغاثة لكي يستمدوا من الله النعمة . هذا العمل أساسه المحبة والوحدة والتعاون ، وأنه عمل حميد ومقدس ومطلوب لأنه طلب الشفاعة النابعة من الأيمان مهمة ونافذة . فاللجوء بطلباتنا الى القديسين المنتقلين الى السماء لكي نلتمس منهم العون يعني بأن الكنيسة السماوية هي أمتداد لكنيستنا الأرضية وأنها واحدة موحدة ولها رأس واحد وهو يسوع المسيح .

الشفاعة مطلوبة منذ العهد القديم والأمثلة عليها كثيرة ( طالع تك 8:23 و، أي 15:و ، را 16:1 و إر 16:7 و ، إر 18:27 و، إر11:15 ) وغيرها . فصلاة وطلبات أبراهيم الى الله لأبن أخيه لوط من أجل أنقاذه وأنقاذ المدينة من التدمير( تك 18: 23-32 ) . كما نقرأ عن شفاعة موسى لشعبه الذي أراد الله أبادته . إذاً الشفاعة مطلوبة لأنها تُغَيّر رأي الله لكونه يستجيب لطلبات قديسيه من بعد رحيلهم من هذا العالم . فأرميا النبي بعد موته صلى الى الله متضرعاً من أجل خلاص أورشليم من يد نكانور ( 2مك 15) . والشيوخ المذكورين في سفر الرؤيا يقدمون لله صلوات القديسين . والنبي أيليا الرجل البار رفع صلاة حرة الى الرب لكي يحبس المطر ، ومن ثم رفع صلاة ثانية ، فأمطرت السماء وأنتجت الأرض ثمارها! ” يع 5: 17-18″ .. هكذا القديسون المنتقلين يستطيعون أن يصلّوا من أجلنا ، فعلينا أن نتوسل اليهم كي يتذرعوا من أجلنا .

في العهد الجديد بدأ عمل الشفاعة منذ بداية عمل الرب في عرس قانة الجليل عندما تشفعت العذراء لأهل العرس عند ابنها . والأمثلة في العهد الجديد كثيرة عن الشفاعة والتي تعني ” يتوسل ” أو ” يلتمس ” ( طالع أع 24:25 و، رو26:8 و27 و34 . و، رو 2:11 . و، عب 25:7 وكما نقرأها بمعنى الصلاة كما في ” 1 تي 1:2 و، 1 تي 5:4 ” .

إذاً العهد الجديد يحث المؤمنين الى صلّوات الشفاعة والتذرع لهذا يحثنا الرسول بولس الى ذلك قائلاً ( فأطلب ، قبل كل شىء أن تقيموا الطلبات الحارة والصلّوات والتضرعات والتشكرات لأجل جميع الناس ) ” 1تي 1:2″ نطلب شفاعة القديسين لأنها مسموعة عند الرب لكونهم هم أيضاً فضَلوا الله وأحبوه أكثر من ذواتهم فخدموه بسخاء منزه من الأنانية لهذا الله أيضاً يسمع أليهم ويستجيب الى طلباتهم وعندما نلجأ الى شفاعة القديسين فأننا لا نتجاوز المسيح ، بل نكرمه هو شخصياً في قديسيه لأنهم أحبائه ومختاريه وقدموا كل شىء في حياتهم لأجله ، وفي مقدمتهم العذراء مريم أمنا وأم مخلصنا وفادينا ، أنها الشفيعة الأولى لنا عند أبنها كما هو الشفيع الأول لنا عند الآب . لهذا نفتخر بشفاعتها فنرتل لها قائلين :

أنتِ الشفيع الأكرَم   عند أبنك يا مريم

خزت مقاماً في السما    فوقَ الخلائقِ قد سما

أبلغتِ في التقديسِ كما   عَنه الخلائق تحجمَ 

موضوع الشفاعة واضح في قواعد الأيمان المحددة في المجامع الكنسية المقدسة ضد اهل البدع والهرطقات الذين يرفضونها كأنها إفتراء على يسوع المسيح بحجة أنه هو الشفيع الأوحد في نظهم ، والوسيط الوحيد بيننا وبين الله الآب متحججين بنص الآية ( لأن الله واحد ، والوسيط بين الله والناس واحد ، هو الأنسان يسوع المسيح ) ” 1 تيمو 5:2″. نعم لا ينكر أحد منا بأن يسوع المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والبشر في موضوع الكفارة والعدل اللأهي . أجل يسوع وحده هو الذي داس المعصرة ودفع الثمن . فهو الوحيد الوسيط لنا في موضوع الكفارة ، وبواسطة أستحقاقاته اكتسبنا المصالحة مع الله الآب ، لكن في الجوانب الأخرى ليس المسيح الشفيع الوحيد لنا ، فحتى الروح القدس الساكن فينا يشفعنا ، وكما قال الرسول بولس نفسه الذي كتب لنا تلك الآية ، كتب لنا هذه الآية أيضاً ( ولكن الروح نفسه يؤدي الشفاعة عنا بأناتٍ تفوق التعبير ، على أن فاحص القلوب يعلم قصد الروح ، لأن الروح يشفع في القديسين بما يوافق الله ) ” رو 8: 26-27 ” .

أما عن شفاعة العذراء مريم فتقول الآية ( أن فخر الأولاد هو آبائهم ) ” أم 6:17″ . يقول القديس برناردوس ( لا يفكر أحد بأن من يمدح كثيراً الأم يظلم مجد الأبن ، لأنه بمقدار ما تعظم الأم بأكثر من ذلك يمدح الأبن ) فالكرامات التي تقدم للأم وللملكة راجعة للأبن الملك . ولا يخشى أحد في أنه بقوة أستحقاقات يسوع قد أعطي لمريم استطاعه عظيمة جداً أن تكون وسيطة في أمر خلاصنا لكنها ليست وسيطة العدل ، بل وسيطة النعمة والشفاعة . لأن وسيط العدل واحد وهو أبنها الفادي فقط لكونه وحده هو وسيطنا بطريق العدل وبقوة استحقاقاته الذاتية ، الموازية لما كان يحقّ للتعويض عن خطايا البشر . أما مريم فهي الأقرب الى ابنها وهي وسيطة الصلح بينه وبين الخطاة والمحتاجين الى نعمة ، فلا شك في أن الألتجاء الى شفاعتها هو أمر مفيد ومقدس . إذ أن مريم هي وسيطتنا بطريقة النعمة وبمجرد شفاعتها فينا ، وبأستحقاقاتها الأضافية ، إذ إنها قدمتها لله الرؤوف . أنها قد أشتهت خلاص جميع البشر لأنهم أولادها وهي حواء الجديدة البريئة من الخطيئة ، ويسوع أرادها أن تكون أماً للبشرية بقوله للرسول يوحنا على الصليب ( هذه أمك ) ” يو 26:19 ” وبهذه الكلمات قد صارت أماً ليس ليوحنا فقط ، بل لكل البشر وذلك للحب العظيم لدى يسوع لكل أنسان لأنه مات عن الجميع . كتب أشعياء النبي في ” 6:9″ ( أبا العالم الآتي ، رئيس السلام ) فإذا كان يسوع حسب الآية أباً لأنفسنا ، فمريم هي الأم لها لأنها هي التي أعطتنا يسوع وبه نلنا الخلاص فولدتنا لحياة النعمة الألهية . فهي تصلي من أجل خلاصنا ، فكيف لا تشفع بأولادها المؤمنين بأبنها ، لهذا خصصت الكنيسة لها الصلاة الملائكية وختمتها بطلب صلواتها لأجلنا نحن الخطاة . مريم هي الملجأ الذي يلجأ أليها الخطاة لهذا سمتها الكنيسة المقدسة بملجأ الخطاة . أما اللذين ينكرون دور العذراء في الكنيسة كأم وشفيعة فينقصهم الأدراك والفهم والأيمان لهذا يقولون بأن دورها قد أنتهى بعد ولادتها للمسيح . وهكذا يلغونَ دورها . فإن كان الأمر كذلك فنقول ، لماذا إذاً كتب لنا الأنجيل وعلى فمها ( فها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال ) وبماذا ولماذا نطوبها إذا نلغي وجودها ونعمها ؟ تلك التي قال عنها ( أيتها الممتلئة نعمة ) ” لو46:1″ . بهذه الآية تنبأت مريم عن ذاتها لأن جميع المؤمنين المختارين سينالون بواسطتها الطوبى الأبدية ومن نعمها التي استمدتها من الخالق لم تكن لها لوحدها ، بل لنا نحن الخطاة لكي ننال نعمة الغفران عن خطايانا . كما تنال لنا مريم الثبات في طريق الخير المؤدي الى ابنها ، وتستمد لنا نعمة البلوغ الى الفردوس والدخول الى الحياة الأبدية مع أبنها يسوع الفادي .

المؤمنون ببدع البروتستانتية لا يؤمنون بشفاعة العذراء ، ولا الملائكة القديسين ، ولا بشفاعة الأحياء ، ولا الأموات ، أي ليس لديهم الشفاعة أطلاقاً  لكونهم يعتبرونها وساطة وتدخل في العدل الألهي ، وهذا لا يتفق مع المفهوم الكتابي .

 ولربنا يسوع المجد دائماً .

 

 

 

 

 

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

 

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!