مقالات دينية

هكذا نفرز الأنبياء الكذبة

الكاتب: وردا اسحاق

 

هكذا نفرز الأنبياء الكذبة

بقلم / وردا أسحاق عيسى

وندزر – كندا

قال الرب ( أحترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب حملان ولكنهم من الداخل ذئاب خاطفة ومن ثمارهم تعرفونهم ) ” مت 15:7

لنتعرف أولاً على كلمة ( نبي ) ومصدرها . النبي هو الأنسان الذي يقرأ المستقبل ، فلا يعرف بالغيب بقدراته الذاتية ، بل بتأكيد من الروح القدس الذي يعطيه روح النبوة . فالنبوة غايتها ليست التنبؤ بالمستقبل وكشف أسراره فحسب ، بل النبي هو من ينطق ويتكلم بأسم الله بألهام من الروح فيكشف بالروح له عن سر تدبير الله في الظروف الراهنة والمستقبلية كما يجب أن يكون المثل الصالح فيعض ويساعد الآخرين ويقودهم نحو الله فيكون هو الواجهة في عصره.

وبتلك القدرات الألهية سيتحدى الأنبياء الكذبة بأقوالهم وأفعالهم وأعمالهم المدعومة بمعجزات خارقة ، لهذا يقول النبي أشعياء في ” 41: 21- 23″ ( قدموا دعواتكم يقول الرب . أحضروا حججكم ، يقول ملك يعقوب ، ليتقدموا ويخبرونا بالحوادث أخبروا بالسالفات ما هي فنتأملها ونعلم منتهاها أو أسمعونا المستقبلات . أخبروا بالآتيات فيما بعد فنعلم أنكم آلهة ) .

إذاً ليس من يدعي النبوة يصبح نبياً ويصدق به الناس العقلاء ، بل قد يصدق به الجاهل والأحمق . النبي الكاذب هو عدو الأنسان وصديق الشيطان لأنه يريد أن يبعد الناس من الله الحقيقي فيتظاهر بأنه على حق ، لكنه رسول دجال بكلامه الكاذب فيصبح كالشيطان الكاذب الذي قال عنه يسوع ( كذاب وأبو الكذاب ) أما الرسول بولس فقال عن هؤلاء الرسل الدجالين الذين يقتدون سبل الأبليس ( فإن أمثال هؤلاء هم رسل دجالون ، عمال ماكرون ، يظهرون أنفسهم بمظهر رسل المسيح ، ولا عجب ! فالشيطان نفسه يظهر بمظهر ملاك نور ) ” 2 قو 11: 13-14″ . لهذا السبب أعطانا الله في أنجيله المقدس مقاييس ومعايير واضحة من خلالها نميّز الأنبياء الكذبة ، ومنها التنبؤ بالمستقبل ، ويجب أن تتحقق نبؤاته ، فالذي يتنبأ بالكذب لن تتحقق نبؤته فليس نبياً من عند الله ، أو ليس لديه القدرة على التنبؤ وعمل المعجزات ،  قال الله في سفر التثنية ” 20:18″ ( وأما النبي الذي يتجبر فيتكلم بأسمي كلاماً لم أوصه أن يتكلم به ، أو الذي يتكلم بإسم آلهة أخرى فأنه حتماً يموت ) .

كما وضح لنا الكتاب المقدس في هذه الآية ( فإن قلت في قلبك كيف أعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب ؟ فإن كل ما يتنبأ به النبي بأسم الرب ولا يتحقق يكون أدعاء منه لم ينطق منه الرب ، بل يطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه ) ” تث 18: 21-22″ . فنبؤة النبي ليست منه ، بل من الله الذي فرزه لنقل كلامه لبني البشر ، لهذا قال الله ( إن كان بينكم نبي للرب فبالرؤيا أستعلن له وفي الحلم أكلمه ) ” عد 6:12″ .

ومن المقاييس التي تؤيد النبي الحقيقي قدرته على عمل المعجزات والآيات الخارقة للطبيعة تحدث على يد النبي بسبب تأييد الله له فيعمل تلك الأعمال التي لا يستطيع الناس أن يتحدوه بمثلها كما أيد النبي موسى الذي تحدى كل سحرة فرعون ، هكذا سيثبت النبي صدق نبؤته ، أما الذي يخدع الناس بنبؤات كاذبة كسيمون الساحر فسيعرف الجميع أن أعماله تلك هي من ذاته ، أو من الشيطان الذي يغويه ويدفعه الى الكذب .

أنبياء من الله كثيرون عملوا معجزات خارقة كموسى الذي شق البحر . وأيليا الذي تنبأ بالمستقبل وأقام الموتى وتحدى الملك آخاب وإيزابيل وأخزى أنبيائهم الكذبة . كذلك دانيال النبي الذي عرف أسرار المستقبل وتحدث بها ، كما عضده الله عندما ألقي في جب الأسود الجائعة دون أن تقترب منه فنال أعجاب الملك فأعفى عنه وأعاده الى وظيفته وهو الذي فسر حلمه وتحدى كل سحرته . وغيرهم كثيرون .

نقرأ في العهد القديم عن أنبياء كثيرين تنبئوا بمجىء المسيح فوصفوا كل الأحداث التي ستسبق مجىء المسيح ، وعن تفاصيل الأحداث التي ستحدث منذ تجسده حتى صلبه وموته وقيامته ودخولع في المجد .

ومن مواصفات النبي الحقيقي نميّزها من خلال سيرته الذاتية وصفاته التي تتصف بالمحبة وطول الأناة والتضحية والتقوى والزهد والقداسة والصدق والعمل في نشر السلام بين الناس وروح الخدمة وغيرها . أما النبي الذي يتميّز بالعن*ف ومحبة الذات والشهوات وحب الأنتقام وعمل الشر وغير ذلك فليس من الله المحب لكل البشر ، بل هو خادم مطيع بأعماله وصفاته للشرير لأن صفات الشيطان تظهر فيه . قال الرب يسوع ( من ثمارهم تعرفونهم ) ” مت 5:7 ” فثمار النبي الطيبة يجب أن تفوق ثمار الآخرين . أما الذي تكون ثماره مرفوضة لدى المجتمع ، فتلك الثمار ستشهد له بأن الروح السكن فيه  ليس من الله ، لهذا أنذرنا الرسول يوحنا لكي نتعلم درس تمييز تلك الأرواح ، فقال ( أيها الأحباء ، لا تصدقوا كل روح ، بل أمتحنوا الأرواح لتتأكدوا من كونها أو عدم كونها من عند الله ، لأن عدداً كبيراً من الأنبياء الدجالين قد أنتشر في العالم ، وهذه الطريقة التي تعرفون بها كون الروح من عند الله فعلاً ، إذا كان ذلك الروح يعترف بأن يسوع المسيح قد جاء الى الأرض في الجسد ، فهو من عند الله ، وإن ينكر ذلك فليس من عند الله ) ” 1يو 4: 1-3 ” .

إذاً أعتراف ذلك النبي بتجسد المسيح الإله شرط من شروط الأعتراف بذلك النبي . كما يجب أن تكون رسالة ذلك النبي ، أو نبوته تتفق مع كلام الله المدون في الكتاب المقدس والذي هو كلام الله ، فإذا أختلفت رسالة ذلك النبي فإنه نبي كاذب لهذا قال الرسول بولس ( إن بشركم أحد أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن ملعوناً ) ” غل 8:1 ” .فعلينا أن نحترس من الأنبياء الكذبة اللذين سيدَعوا النبوة من بعد المسيح متذكرين قوله ( أحترسوا من الأنبياء الكذبة ، ياتونكم بثياب الحملان ، وهم في باطنهم ذئاب خاطفة ) ” مت 15:7 “

     أما اليوم فنرى كنائس ضالة ترسل مضلليها الى الساحات العامة ، أو يقرعون الأبواب كما نجدهم في المطارات والساحات والأماكن العامة ومعهم كتبهم ورسائلهم المزيفة ، ولهم وسائل حديثة للنشر ، وأذاعات وفضائيات ينشرون بها سموهم ، غايتهم كسب المؤمنون الى طريقهم الملتوي ،. يغيّرون مظهرهم الى رسل ودعاء وكما يغير سيدهم الأبليس مظهره الى ملاك نور وهكذا يتقنون خدمته كما يشاء ، وكل هؤلاء تابعين الى كنائسه المزيفة مثل ( شهود يهوه ) أي شهود زور . وكنيسة ( المورمون ) كنيسة آخر الزمان . و ( الكنيسة التوحيدية ) وغيرهم من اصحاب البدع والهرطقات التي تنشر تعاليم غريبة لا تتفق مع نصوص الكتاب المقدس . في الأخير نقول لمثل هؤلاء الكذبة ، تذكروا يوم الدينونة العظيم ، فبالرغم من كل الطاقات والأموال والجهود التي تبذلونها بأسم المسيح لنشر ضلالكم فأن المسيح لن يخدع بأقوالكم وأعمالكم ، بل تذكروا قوله الصريح ( كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم ، يا رب يا رب، أليس باسمك تنبأنا ؟ (لاحظ الفعل “تنبّأنا” أي جعلوا من أنفسهم أنبياء ) وباسمك أخرجنا شياطين ؟ وباسمك صنعنا قوات كثيرة ؟ ) ” مت 22:7″ . يقولون هذا بكثير من الطمأنينة ظنّاً منهم أن الرب سيوافق عليهم وعلى أعمالهم . ولكن طمأنينتهم الزائفة لن تجديهم نفعاً، لأن الرب سيصرّح لهم قائلاً ( إني لم أعرفكم قط ) . وهناك سيكون البكاء وصرير الأسنان .

كيف يصنعون هؤلاء قوات كثيرة أو معجزات علماً بأنهم كذبة ! تعليم الكتاب المقدس واضح نتعلم منه بأن الأنسان بأيمانه القوي الخالي من الشكوك يستطيع أن يصنع المعجزات ، لكن ذلك الأنسان قد يكون مجرد من الأعمال الصالحة التي تحتاج الى المحبة ، فلا تكن قدراته مقبولة عند الرب ، بل يعتبر كفاعل خطيئة . لهذا قال الرسول بولس ( إن كانت لي نبوة ، وأعلم جميع الأسرار وكل العلم ، وإن كان لي كل الأيمان حتى أنقل الجبال ، ولكن ليست لي محبة ، فلست شيئاً ) ” 1 قور2:13 ” . فكل من يؤمن بقوة الله وقدرته على كل الأشياء ، وبسبب هذا الأيمان يصنع آيات ، لكن في حياته الروحية ضعف لا يتقبله الله ، فأجر الأعمال الصالحة التي عملها بسبب أيمانه سيأخذه على الأرض والله سمح له أن تجري على يده تلك الآيات من أجل الآخرين ، أو المعجزة تحدث على يده لا بسببه هو بل بسبب أيمان المحتاج الى تلك المعجزة ، لهذا كان الرب يسوع يقول لبعض الذين ينالون الشفاء على يده ( أيمانك قد خلصك ، أو ليكن لك بحسب أيمانك ) . إذاً ليس كل من يعمل المعجزات هو نبي صادق وسيكون له الخلاص ، بل النبي الكاذب في النهاية لا يجد له رصيداً في خزائن السماء ، لأن كل ما عمله على الأرض فقد أستوفى أجرته منها ( طالع مثل الغني ولعازر في لو لو 16 )

لنتذكر إذاَ قول الرب يسوع ( كل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تُقطع وتُلقى في النار) ” مت 19:7 “

ليتمجد أسم الرب يسوع الى الأبد.

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!