مقالات عامة

نصب 14 تموز في ساحة الطيران

الكاتب: وردااسحاق
 
نصب 14 تموز في ساحة الطيران
نصب 14 تموز هو أحد النُصب الثلاثة التي خلدت ثورة 14تموز ، مع نصب الحرية ، والجندي المجهول .والذي تم أنجازه بعد عامين من الثورة .
بقلم الفنان التشكيلي
وردا أسحاق عيسى
ونزرد – كندا

في البدء نقرأ قليلاً عن السيرة الفنية للفنان الذي نفذ هذا المشروع لكي يبقى شامخاً وشاهداً للأجيال . ولكي نتعرف على شخصية وقدرات هذا الفنان كمقدمة للمقال وبعدها نتعرج الى متن الموضوع .

 
الفنان هو…. الرسام الكبير فائق حسن

 
أنه رسام العراق الأول والأكثر شهرة في فن الرسم ، تعدت شهرته حدود العراق الى العالم العربي والعالمي . لديه منجزات وأعمال كثيرة في العراق وفي بلدان كثيرة . تخرج الفنان من مدرسة البوزار الشهيرة في باريس عام 1938ثم عاد الى بغداد ليؤسس فرع الرسم مع الفنان جواد سليم في معهد الفنون الجميلة الكائن في منطقة البتاوين عام 1939 – 1940 .

 
كان الفنان يمتلك رؤية فنية وحساسية خاصة في الألوان فكان يستخرج بعبقرية نادرة من ألوان الطبيعة وأشعة الشمس الوضاءة ألوان يدجنها ليحصل على الوان رائعة تتناغم مع موضوع اللوحة فتعطي له القوة والأثارة . أبدع وأشتهرالفنان في رسم الخيول وحركاتها .كذلك أبدع في ألوان الصحارى والجبال . تناول البيئة العراقية الريفية والأهوار ، كما أعطى للمدينة حقها . كان فائق حسن مدرسة للأجيال تعلم على يده مئات الفنانين .بسبب هذه القدرات الفنية أنتخب لتنفيذ مشروع جدارية نصب 14 تموز في ساحة الطيران .

جدارية 14 تموز هي رمز من الرموز الفنية والتراثية الحديثة في بغداد تحمل أبداهات فنية كبيرة .أنها جدارية شامخة في ساحة الطيران شرق حديقة الأمة . وكانت تسمى أيضاً ( جدارية الثورة ) أي ثورة 14 تموز. كما تتضمن أحدى النصب الثلاث التي طلب الزعيم عبدالكريم قاسم أقامتها في ساحات بغداد بعد في العراق والعالم العربي . نفذت هذه الجدارية بالموزائيك لكي تقاوم حر الصيف والعوامل الطبيعية الأخرى . نفذها الفنان بالأسلوب التكعيبي المعاصر . أما الموضوع الذي تحمله الجدارية فيتناول الوحدة الوطنية بعد الثورة والمساوات والعدل والسلام والتآخي . أبتعد الفنان فائق حسن من تمجيد السلطات كما فعل جواد سليم في جدارية نصب الحرية . وهكذا نجد التوازن بين العَمَلَين كتوازن موقعهما الى اليمين ويسار حديقة الأمة في قلب بغداد وكأن الحديقة محصورة بين قوسي الجداريتين .
موضوع الجدارية يعالج حالة الظلم الذي عاشه الشعب لكي يخرج الى ربيع الحرية والحياة الجديدة يسوده العدل والمساوت . أنه نقطة الأنطلاق نحو الأفضل . نجد في الجدارية قفص صغير للطيور في الزاوية اليمنى السفلى والذي يرمز الى السجن وضعه الفنان في الأسفل لكي يصبح من الماضي لأن العراق الجديد سينطلق الى الأعلى لكي يسمو الى الأفضل . القفص فارغ . لأن الحمامات التي كانت مقيدة فيه ، أصبحت طليقة لتعلو في سماء الحرية ، فتبدأ بالعمل للنهوض بالواقع الى الوحدة ، وهذا يعبر عن حرية الشعب العراقي في المرحلة الجديدة بعد التحرير من قيود الماضي . نجد في اللوحة كل طبقات الشعب ، والجميع يسمو الى الأعالي ليرتفع مثل الحمام المنتشر في جدارية ساحة الطيران ، ليطيروا في أجواء المستقبل.
أبدع الفنان في أبراز التكاتف المبني على الوحدة الوطنية لكل أطياف الشعب العراقي ، والطموحات المشتركة بكل جوانبها السياسية والأجتماعية والثقافية . كما يرمز موضوع الجدارية الى السلام بعد الثورة والحمامات الطائرة بحرية تؤيد الجموع بالشروق والحياة الجديدة الآمنة .
 

 
تشكو هذه الجادرية اليوم كباقي الأعمال الفنية الموجودة في بغداد وباقي مدن العراق من التصدع والتشقق الأفقي والطولي بسبب أرتجاج تلك الأعمال نتيجة الأنفجارات وأعمال الأرهاب المتكررة ، أضافة الى الأهمال الواضح من قبل مراجع الدولة لهذا الحقل المهم من تراث العراق المعاصر .
سيبقى الفنان فائق حسن في الذاكرة وجاريته التي تخلد أسمه ستبقى شاهدة للحرية والمساوات والتآخي .

 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!