مقالات دينية

موعظة الاحد الخامس من الصيف (24/8/2014)

الكاتب: المطران سعد سيروب
موعظة الاحد الخامس من الصيف (24/8/2014)

المطران سعد سيروب حنا
لا يوجد ما هو مكتوب انها طريقة الحياة لوقا 16/ 19-31
أرجو من القارىء أن يقرأ الانجيل أولاً. يبدأ مثل الغني الجاهل بصورتين متناقضتين فيما بينهما. فالغني متلذذ وسعادته الكاملة في الاستمتاع: يسبح في بحر من الوفرة والملذات. في حين ان الفقير يموت من العوز: يسقط ضعيفاً على الارض ومريضاً دون ان يستطيع الحركة، عاجز عن أن يطرد الكلاب التي تلحس جروحه. أعتقد بان هاتين الصورتين لا تريدان ان توضحان التناقض بين الفقير والغني، أو البين الفقرووالغنى بصورة عامة، فالقضية ليست اجتماعية أو طبقية، فالملاحظة المهمة التي يريد النص ان يتركها الانجيل هي ان الغني والفقير لعازر يعيشان متجاورين، ولكن الغني لا يرى تعاسة وصعبوة حياة الفقير. المشكلة ليست في الحالة التي أعيشها، غنياً أو فقيراً، ولكن في القدرة على رؤية الآخرين الذين هم في عوز وحاجة وانفتاحي عليهم بكل عطاء وسخاء. يصف يسوع مكان الاموات ويستخدم صور من عقلية زمانه. وباعتقادي أن هذا الامر ليس مركزاً للمثل الانجيلي. فما يريد يسوع من خلال رواية هذا المثل أن يوصله إلينا والى مستمعيه هو أن دحض الفكرة التي كانت منتشرة في زمانه وهي أن: كلّ إنسان يعيش الحياة التي يستحقها: الغني يستحق الغني والفقير الفقر. فالغنى هو علامة من علامات جودة الله والفقر هو علامة سلبية تدّل على أن الله غير راضٍ. ولكن يبدو أن يسوع يعارض بشدة مثل هذا المفهوم!؟ وهناك ايضا رأي أخر كان منتشراً في زمن يسوع وهو: ان العديد من المعلمين اليهود أعتقدوا بان امتيازات واستحقاقات ابراهيم سيستفاد منها نسله: فابراهيم قادر على ان يخلص ابنائه من جهنم “جيهانه”. فاليهود يعتقدون بان معظمهم، باستثناء بعض المجرمين الخطيرين الذين ارتكبوا خطايا كبيرة، سيتحررون من سجن جهنم. ويبدو ان يسوع لا يتفق مع هذا الرأي ايضاً! فلا يكفي الانتماء الى شعب لكي ما يَخلص الانسان. فما يهم بنظر يسوع هو الطريقة التي يعيش بها هذا الشخص. وعلينا ان نلاحظ كيف ان المثل لم يقل بان الغني محكوم عليه بسبب عن*فه أو عدوانيته أو سلوكه السيء! مشكلة الغني الرئيسية هي أنه قد أهمل أخيه أهملَ أخيه الفقير. وهذا ما يريد يسوع ان يوضحه في القسم الثاني من المثل، حيث يتكلم عن الاخوة الذين يستمرون بطريقة عيشهم دون ان يتسألوا عن معنى غناهم؟ فحياتهم كاغنياء تجعلهم لا يرون الفقير (على الرغم من قربهم منهم) وهم عميان أيضاً أمام فهم الكتب المقدسة (على الرغم من وضوحها). فالغني لا يتعدى على الله ولا يضطهد الفقير، ولكنه لا يراهم. وهنا يكمن الخطر الكبير للغنى وهو التعليم الرئيسي في هذا المثل! لا يحتاج الأخوة الى ان يتنبهوا من جديد: لديهم صوت الانبياء وموسى. لا يحتاجون الى أكثر من هذا. لا يحتاجون الى أصوات أخرى، ولكنهم يحتاجون الى قلب منفتحوحرية مسؤولةورؤية واضحة. في كثير من الاحيان العيش كاغنياء (الغنى هو الانسان المتمركز على ذاته والمحب لذاته الى حدّ الاهمال للآخر وحاجاته) يجعلنا نصير عميان…

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!