مقالات دينية

*كنيسة المشرق ليست نسطورية*

كنيسة المشرق ليست نسطورية
*كنيسة المشرق ليست نسطورية*
 محاضرة ألقاها غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو في مؤتمر حول كريستولوجيا الكنائس الشرقية في جامعة سانت جورج في فرانكفورت في 22 أيلول 2017 .
نسطوريوس لم يولد في بلاد ما بين النهرين ولم يكن بطريرك كنيسة المشرق بل كان بطريرك القسطنطينية ولم يكن نسطورياً بالمعنى الهرطوقي العقائدي فما كتبه قد تم حرقه ما عدا كتاب Liber Heraclidis الذي ألفه في منفاه والذي لا نجد فيه أي شيء مخالف للإيمان القويم. هذه المزاعم روجها الخصوم، فلا نسطوريوس ولا كنيسة المشرق اعترفا قط بوجود شخصين في المسيح. ولهذا أجد أن النسطورية “بدعة خيالية”، وأن الاختلاف هو في اللغة والمصطلحات، وأن الحالة نفسها تنطبق على السريان الأرثوذكس.
إذا كانت كنيسة المشرق قد لزمت الصمت إزاء مجمعي أفسس وخلقيدونيا فلأنها لم تشترك فيهما ولم تعرف الكثير عنهما لعدم وجود علاقات بين الكنيسة في بلاد فارس والكنائس في المملكة الرومانية بسبب النزاعات الدائمة بين الإمبراطوريتين.
كنيسة المشرق بالرغم من الصعوبات والاضطهادات والتحديات التي واجهتها عدّت نفسها جزءاً من الكنيسة الجامعة لكن لكونها خارج المملكة الرومانية وخاضعة للمملكة الفارسية لم يُسمح لها بإقامة علاقات مع الكنيسة الغربية ولم تشارك في المجامع المسكونية التي كانت تخص العالم الروماني. في هذه المجامع تداخل الديني والثقافي والاجتماعي والسياسي وغاب الحوار الصادق والمنفتح من اجل الوصول إلى الحقيقة، وعموما ساد فيها جو من السجالات والجدالات كما يحصل اليوم بين المحافظين والمحدثين. لذا قامت كنيسة المشرق بتأطير وضعها من خلال مجامعها المنعقدة في عام 410 و420 و424 و486 م.
لقد أظهرت كنيسة المشرق نفسها في هذه المجامع منظمة تماماً. أما ما يقال عن تدخّل الآباء الغربيين (كنيسة انطاكيا) في شؤونها الإدارية فهو ادعاء آخر يفتقر إلى أدلة علمية، وما رسالة “الآباء الغربيين” إلى المشارقة إلا القوانين التي جلبها ماروثا أسقف ميافرقين عام 410 وتبناها مجمع اسحق في السنة نفسها.
كنيسة المشرق لبثت كنيسـة خارج الأسوار ومعزولة عن كنائس الإمبراطورية الرومانية بسبب ظروفها الجغرافية والسياسية والثقافية واللغة، التأثير “اليوناني- الغربي” عليها كان محدود ولم يحصل إلا في زمن لاحق عندما تمت ترجمة كتب آباء مدرسة أنطاكيا العظام إلى السريانية، وخصوصاً كتب ثيودورس أسقف مصيصة وهو اللاهوتي البارز وقد تأثرت به وعدته هو ملفانها الأعظم وليس نسطوريوس.
كنيسة المشرق (ونسطوريوس) يؤمنون بشخص واحد في المسيح، هو ابن الله الوحيد، ولا يؤمنوا بشخصين منفصلين. وإسناد مذهب ازدواجية الشخص إلى كنيسة الشرق خاطئ ومضحك! فذكر “أقنومين” أو “طبيعتين” إلهية وإنسانية في المسيح مقرون دوماً بذكر “الشخص الواحد- يسوع المسيح” وهو نفسه موضوع العبادة والسجود. اذاً مشكلة الكريستولوجية المشرقية تكمن في اللغة والمصطلحات التي ترجمت كمرادفات للمصطلحات اليونانية واللاتينية. وهذا خطأ مبين!
ينظر الآباء المشرقيون الى المسيح، ابن الله، نظرة خلاصية (التدبير) نابعة من واقع خبرتهم الشخصية وليس من نظرة فلسفية ما ورائية. هذا الخلاص أساسي وهو تصميم إلهي ونقطة الانطلاق والمركز فيه هو المسيح، إلى حد بأن سمّوه شخص التدبير.
يقول اللاهوتي الكبير ابن العبري مفريان كنيسة السريان الأرثوذكس في القرن الثالث عشر:
إن النساطرة واليعاقبة والخلقدونيين يتقاتلون فقط على تسمية “الاتحاد” ولكن تعليمهم عن الثالوث والحفاظ على الطبيعتين للمسيح من دون خلط هو تعليم واحد.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!