مقالات دينية

معمودية يوحنا المعمدان

الكاتب: وردااسحاق
 
معمودية يوحنا المعمدان 
التعميد لم يكن غريباً على اليهود قبل يوحنا المعمدان . فيوحنا لم يستحدث العماد ، بل كان هناك شعائر الوضوء والأغتسال شائعة على نهر الأردن عند اليهود وخاصة عند الأسينيون الذين كانوا يمارسونها على أوجه كثيرة ، وخاصةً الأغتسال اليومي على ضفاف المياه الجارية .
لكن العماد قبل يوحنا لم يكن سوى لون من الشعائر التي كان الغرض منها لتطهير الجسد ، كما كانوا يظنون أيضاً بأن النفس تطهر من أوزارها . كانوا يفسرون بعض نصوص الكتاب ويطبقونها بحرفيتها ، كنبؤة أشعيا ” 16:1 ” ( أغتسلوا وتطهّروا وأزيلوا شرّ أعمالكم من أمام عينيّ ، وكفّوا عن الأساءة ) . وكذلك نبؤة النبي حزقيال في “25:36″ ( وأنضح عليكم ماءً طاهراً فتطهرون من جميع نجاستكم ، وأطهركم من جميع أصنامكم ) .
لكن عندما جاء يوحنا أعطى للمعمودية عمقاً آخر ودرساً جديداً أختلف عن تلك الأعتقادات أختلافاً كبيراً حيث كرز بالهدف الحقيقي من تلك المعمودية ، فنادى بين الجموع بضرورة المجىء اليه وأعلان التوبة عن خطاياهم أولاً ، وبعد ذلك العماد . أي أعلن معمودية التوبة . هنا برزت الرغبة الصريحة من المعمودية التي أفرزها يوحنا من بين طقوس الوضوء الموسوي ، فعلمهم بأن الأغتسال والمعمودية لا تفيد أن لم يسبقها التوبة والأعتراف بالخطايا المقترفة . فالأعتراف لم يكن سوى حفلة لقبول طلب المتعمد الذي قدمه قبل سنة من التدريب ضمن جماعة رهبانية رخصت له في ممارسة طقوس الوضوء اليومي . أما المعمودية التي نادى بها يوحنا فكانت مشروطة بتبدّل كامل في مسلك الأنسان ومن ثم الدخول الى الماء والغطس به ( العماد ) حيث كان في كرازة يوحنا دليل الإنابة الى الله والتوبة عن المعاصي 
 . لم تكن تلك المعمودية تمنح الا مرة واحدة في حياة المعمد حيث بعدها يدخل المعمد في حياة جديدة . هكذا أراد يوحنا أن يرشد الناس الى الطريق الجديد . وهذه المعمودية لا علاقة لها بمعمودية المسيحية لأن الماء فيها هو الرمز الوحيد ، بل عربون للتغيّر الباطن .
أما الماء في معمودية المسيحية ، فله قوة علوية فاعلة تحل على المتعمد التائب روح الله . هذا هو الفرق الجوهري الذي أشار اليه يوحنا المعمدان نفسه ، فصرح للجموع وبكل تواضع قائلاً ( أنا أعمدكم بالماء ، ولكن سيأتي من هو أقدر مني … هو سيعمدكم بالروح القدس ، وبالنار )  ” لو 16:3″ .
كان يوحنا عظيماً في صراحته ، وإيمانه ، وتواضعه لهذا قال عنه يوحنا الأنجيلي أنه كان أنساناً مرسلاً من قبل الله . أي ليمهد الطريق لمن هو أفضل منه . كذلك قال عنه بأنه جاء للشهادة ، ليشهد للنور ، حتى يؤمن الجميع على يده ، لأنه لم يكن هو النور ، بل كان عليه أن يشهد للنور . أما النور الحقيقي الذي ينير كل أنسان فكان آتياً الى العالم ” يو 1: 6-9″ .
ختاماً نقول : كل الذّين تعمدوا عند يوحنا كانت معموديتهم مبنية على التوبة والماء عدا المسيح الذي أعتمد عنده ،  لأن معموديته أعقبتها معمودية العهد الجديد وهو حلول الروح القدس على المسيح الخارج من مياه نهر الأردن مع تأييدٍ صادر من السماء ، قائلاً ( أنت أبني الحبيب بك سررتُ كل سرورٍ ) ” لو 22:3″ . أي أن معمودية المسيح على يد يوحنا كانت بالماء والنار وكانت خاتمة لمعمودية يوحنا وللعهد القديم .
ليتمجد أسم الرب يسوع الآن والى الأزل
بقلم
وردا أسحاق عيسى
وندزر – كندا
 
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!