الحوار الهاديء

لماذا نحتفل بعيد أكيتو ؟

الكاتب: وديع زورا
 
لماذا نحتفل بعيد أكيتو ؟
وديع زورا
التاريخ مرآة الأمم والشعوب ، وما يدونه من وقائع هو ذاكرة الزمن التي تحتفظ بالأحداث ، وألان بفضل كتابات العراقيين القدماء بكل مسمياتهم ” سومريون وباب*لي*ون وأشوريون ” ، ومن الاكتشافات الأثرية وما دون على رقمهم الطينية التي أورثونا إياها ، دونوا فيها أسماء ملوكهم وسلالاتهم والتناوب على مراكز سلطتهم وأمجادهم التليدة والمدة التي حكموا فيها ، وما يتعلق بطقوسهم الدينية وثقافتهم ، وحتى لا تطمس معالم الهوية والثقافة ينبغي معرفتها والحفاظ عليها وأحياء مكوناتها. إن مهمة كهذه لا علاقة لها بالإقصاء والتهميش والتهجير … ” فعظمة الشعوب لا يقدرها عدد أفرادها كما أن عظمة الفرد لا تصنعه قامته ” من أقوال الأديب والشاعر الفرنسي الشهير فكتور هوغو.
يعتبر نيسان مناسبة تؤرخ للمرور إلى العام الجديد بالنسبة لسكان بلاد ما بين النهرين منذ القدم ، وكانت بابل مركز إقامة احتفالات أكيتو التي كانت المدينة الأولى التي تحتفي بهذه المناسبة المهمة ولاحقا في المدن الأخرى ، وكان هذا العيد يعني حلول فصل الربيع ونهاية فصل الشتاء البارد وبدء موسم الاعتدال الربيعي الذي يرمز إلى الحياة والخير.
يعد عيد أكيتو من أقدم الأعياد في حضارات بلاد ما بين النهرين القديمة. إذ أن الأكيتو احتفال ديني وشعبي تشارك فيه الآلهة والملك وعامة الشعب . ظل الإله مردوخ البابلي هو محور الاحتفالات بعيد أكيتو في مدينة بابل ، ويحتفل به العراقيون القدماء ومنهم الأشوريون ، حيث كان تماثيل ألهتهم تتوجه في هذا العيد إلى بابل ثم تعود إلى مدنها بعد الاحتفال ، وهذه المناسبة تعتمد في آن واحد على تغيرات الفصول وعلى مختلف دورات النباتات التي تحدد مواسم مهمة تتعلق بالزراعة ، كما تعتمد المناسبة على مواقع الكواكب والنجوم . فإذا كان هناك شعب اشتهر لعلومه الفلكية فهم الباب*لي*ون.
إن حدث أكيتو ، يوافق حدثا سياسيا ودينيا يكتسب أهمية كبيرة بالنسبة لسكان بلاد ما بين النهرين الكلدان منذ القدم ، فمع تواجدهم بكثرة في بابل وشبار والوركاء واريدو وأور وغيرها من المدن. فرضوا أنفسهم في ممارسة شعائرهم وطقوسهم الخاصة بهم والتأثير على ملوك مناطق بلاد ما بين النهرين والمناطق المجاورة ، واستمر الباب*لي*ون يحتفلون بعيد أكيتو حتى بعد سقوط الدولة الكلدانية عام 537 قبل الميلاد ” آخر دولة وطنية ” في تاريخ العراق القديم.
تعد الأعياد والمناسبات من مظاهر التضامن والتآلف التي تكتسب أهمية بالغة ، ولعل منها تلك التي لا يمكن أن نمر عليها مر الكرام والمتعلقة باحتفالات عيد أكيتو رأس السنة الجديدة في أول من نيسان من كل عام. إن عيد الأكيتو هو جزء أصيل من الإرث الحضاري لبلاد ما بين النهرين ، وفرصة للتلاقي والتقارب والتلاحم والتعاون للعمل الجماعي المنظم والاحتفال بالعام الجديد ضمن مناخ بابلي عراقي مائة في المائة ، وفرصة ليذكر احدنا الآخر بواجب التواصل والنضال والتضحية لأجل الحفاظ على ثقافتنا وهويتنا الكلدانية
بمناسبة عيد أكيتو أقدم بأحر التهاني وأجمل التبريكات إلى أبناء شعبنا الكلداني وأبناء العراق جميعا راجيا من الله تعالى أن يعيده على جميع العراقيين بالخير والأمان ، وتمكين المهجرين من الرجوع امنين إلى بلداتهم وان ينعم على وطننا السلام والاستقرار….
[email protected]
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!