مقالات دينية

كنيسة المشرق في الوقت الحاضر

سامي خنجرو

كنيسة المشرق الكلدانية الكاثوليكية

 بعد أن رقد على رجاء القيامة المثلث الرحمات البطريرك روفائيل بيداويد في احدى مستشفيات بيروت في 7 تموز سنة 2003م، التأم اباء السينودس الكلداني المقدّس في بغداد للفترة 19 اب – 2 أيلول لاختيار خلف له. لكن لم ينل أي من المرشحين الاصوات المطلوبة، كما جاء في بيان البطريركية عن اباء السينودس. اجتمع ألاساقفة الكلدان ثانية في روما في 3 كانون الاول سنة 2003م، واختاروا سيادة المطران عمانوئيل دلّي المعاون البطريركي سابقاً، بطريركا على الكنيسة الكلدانية. ولقد أيّد الاب الاقدس الطيب الذكر البابا يوحنا بولس الثاني هذا الانتخاب. وجرت مراسيم تنصيبه بطريركا في كنيسة مار يوسف في بغداد، يوم الاحد الموافق 21 كانون الاول، بحضور شخصيات رسمية وجمهور غفير. وكان غبطته قد نال شهادة الدكتوراه في اللاهوت من الجامعة الاوربانية في روما سنة 1954م، ونال أيضا شهادة الدكتوراه في القانون الكنسي من الجامعة اللاترانية في روما سنة 1959م عن اطروحته (المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق). وعـُيّن معاونا بطريركيا للطيب الذكر مار بولس الثاني شيخو بعد رجوعه من روما ورسامته أسقفا في 19 نيسان سنة 1963م.

وفي 24 تشرين الثاني سنة 2007م قام البابا بندكتوس السادس عشر بمنحه القبّعة الكردينالية ، ليصبح بذلك أول كردينال كلداني وثاني كردينال عراقي بعد الكردينال المثلث الرحمات جبرائيل تبوني، بطريرك السريان الانطاكي. وفي زمانه تمّ تأسيس أبرشيتين جديدتين هما: (1) أبرشية استراليا ونيوزيلندا (الاوقيانوس)، تحت اسم أبرشية مار توما الرسول ومقرّها مدينة سدني. كما وافق البابا بندكتوس السادس عشر على قرار السينودس الكلداني وايّد اسنادها الى سيادة مار جبرائيل كسّاب رئيس أساقفة البصرة في 21/10/2006، وتم تنصيبه رسميا يوم الاحد في 10/11/2006م باحتفال مهيب. (2) أبرشية كندا، تحت اسم مار اذّاي ومقرّها مدينة تورنتو، وأيّد الاب الاقدس بندكتوس 16 اسنادها الى سيادة المطران مار حنا زورا رئيس أساقفة الاهواز في 10/06/2011 م. وبعد أن ناهز عمرغبطته الخامسة والثمانين سنة، قدّم استقالته من المنصب البطريركي في 19 كانون الاول سنة 2012م. وُصِف الكردينال البطريرك بأنه رجل السلام في فوضى العراق، وحاول العمل على مصالحة العراقيين ووضع حد للصراعات الطائفية التي عصفت ببلده. كما ظلّ صامداً في مقرّه دون أن يبارحه في بغداد ، بين أبناء رعيّته بالرغم من الظروف الصعبة في العراق وهشاشة الوضع الامني.

على اثر استقالة البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي، وبدعوة من قداسة الحبر الاعظم البابا بندكتوس 16، التأم السينودس المقدّس للاساقفة الكلدان في روما في 28/01/2013 برئاسة عميد مجمع الكنائس الشرقية نيافة الكردينال ليوناردو ساندري. وفيه تمّ انتخاب مار لويس ساكو رئيس أساقفة كركوك والسليمانية بطريركا على الكنيسة الكلدانية في 31/01/2013م. واتـّخذ له اسم مار لويس روفائيل الاول ساكو، وأيـّد الحبر الاعظم هذا الانتخاب صباح يوم الجمعة الفاتح من شباط سنة 2013م. وجرت مراسيم تنصيبه بطريركا في كنيسة مار يوسف في بغداد في في 6/3/2013م، وبحضور شخصيات دينية ورسمية رفيعة المستوى. كما اتخذ شعار” الاصالة – الوحدة – التجدد” شعاره البطريركي. ان غبطته من خريجي معهد مار يوحنا الحبيب الكهنوتي للاباء الدومنيكان في الموصل حيث رُسِم كاهنًا في بتأريخ 1حزيران سنة 1974م بوضع يدي (المثلث الرحمات) سيادة المطران عمانوئيل ددي رئيس اساقفة الموصل للكلدان انذاك. وكان قد التحق بالمعهد الشرقي بروما سنة 1979م، وحصل على شهادة الدكتوراه في علم آباء الكنيسة عام 1983م، ثم واصل دراسته في روما ونال شهادة الماجستير في الفقه الإسلامي سنة 1984م. ثمّ التحق بجامعة السوربون في باريس سنة 1984م، وحصل على شهادة الدكتوراه في تاريخ العراق القديم سنة 1986 م. استدعاه السعيد الذكر البطريرك روفائيل بيداويد الى بغداد، وعُيّنه مديرًا للمعهد الكهنوتي البطريركي- قسم الكبار- في الدورة للفترة 1997- 2001م، وكان يعمل أيضاً في هذه الفترة، استاذاً في كلية بابل الحبرية للفلسفة واللاهوت. ثمّ انتخبه السينودس الكلداني المقدّس رئيساً لاساقفة كركوك في 24 تشرين الاول سنة 2002م، وجرت رسامته الاسقفية على يد (المثلث الرحمات) سيادة المطران اندراوس صنا رئيس أساقفة كركوك، في كنيسة دير مار كوركيس في الموصل في 14 تشرين2 سنة 2003م.

مؤلفات غبطته عديدة تزيد على العشرين (20) كتاباً في مجالات: تأريخية، فلسفية، لاهوتية ودينية. وكان عضوًا في الهيئة السريانية في المجمع العلمي العراقي، وعضوًا في هيئة تحرير مجلتي ” بين النهرين ” و” نجم المشرق” لبطريركية الكلدان. كما واشترك في عدة محافل ومؤتمرات محلية، اقليمية ودولية، وهو أيضًا عضو في مؤسسة برو – أورينتي من أجل الشرق ومقرّها النمسا، و مستشار في المجلس البابوي للحوار بين الاديان. كما وله اصدارات ومقالات وبحوث كثيرة في مجلات محلية وعالمية، تزيد على 200 مقالة وبحثاً، فضلا عن المحاضرات العديدة التي القاها في مختلف الأندية الدينية والثقافية وفي الدورات اللاهوتية في الموصل.

وبعد فترة قصيرة من تنصيبه بطريركا، التأم السينودس الكلداني المقدس في بغداد للفترة من 5-11 حزيران سنة 2013م. وفيه عبّر اباء السينودس عن تمنياتهم بتحقيق شعاره البطريركي ” الاصالة، الوحدة والتجدد”، وأن تترجم هذه الكلمات الى الواقع من خلال اعادة هيكلية تنظيم البطريركية والابرشيات والرهبانيات والمؤسسات الكنسية. كما ورأى الاباء الاساقفة ان الكنيسة الكلدانية، بتنوع أعضائها أينما وجدت في الوطن وفي الشرق أم في بلاد الشتات، تمثـّل جسدا واحدا. وركـّز الاباء على دعمهم للبطريركية لتحتل موقعها وتلعب دورها التاريخي محليا واقليميا ودوليا. كما أكـّد اباء السينودس على تنشيط الحركة المسكونية ووضع اليات حوار لتحقيق رغبة يسوع في الوحدة الكنسية، وفتح حوار صريح مع فرعي كنيسة المشرق لاسترجاع وحدتها ومكانتها ومجدها وهيبتها. ولم ينس اباء السينودس العلاقات المسيحية-الاسلامية في شرقنا ووضع اسس حوار صادق لتقوية العيش المشترك ورفع صوت الحق تجاه المتغيّرات والاحداث والتطورات. وانتخب اباء السينودس اساقفة للابرشيات الشاغرة. وافق قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس الاول على الانتخاب في 11كانون الثاني سنة 2014م، وثبّت كل من: الاب يوسف توما مرقس الدومنيكي رئيساً لاساقفة كركوك، الاب حبيب هرمز النوفلي رئيساً لاساقفة البصرة، الاب سعد سيروب سيروب حنّا اسقفاً معاوناً للبطريرك. كما ثبّت قداسته سيادة المطران مار باوي سورو مطراناّ في الكنيسة الكلدانية، والعمل في أبرشية مار بطرس الرسول الكلدانية في كاليفورنيا، ومقرّها ساندييغو.

حاليا للكنيسة الكلدانية تسع عشرة أبرشية وعدّة وكالات بطريركية داخل العراق وفي الخارج. ويبلغ عدد مؤمنيها ما بين 700 – 750 ألف نسمة. ولازال عدد أبناء هذه الكنيسة في العراق في الصدارة ويقارب 300 ألفاّ، تليها أمريكا الشمالية 200 ألفاً ، فأوروبا 60 ألفاً، ثمّ استراليا ونيوزيلندا 40 الفاً، ويتوزع أكثر من 100 ألف في: ايران، تركيا، سوريا، لبنان، الاردن، مصر، جورجيا وبلدان اخرى من العالم.

كنيسة المشرق الاشورية

 لا يزال غبطة البطريرك مار دنخا الرابع على رأس كنيسة المشرق الاشورية، منذ انتخابه وتكريسه بطريركا في 17 تشرين الاول سنة 1976م في كنيسة القديس برنابا غرب لندن. وهو أول بطريرك من غير عائلة مار شمعون، بعد أن الغي النظام الوراثي للمنصب البطريركي في هذه السلسلة البطريركية. وكان غبطته قد بدأ محادثات ومفاوضات مع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في زمان الطيب الذكر غبطة مار روفائيل الاول بيداويذ، بغية التقارب والوحدة. ومن أهم ثمار التقارب، الاعلان الكريستولوجي المشترك بين الاب الاقدس البابا يوحنا بولص الثاني وغبطة البطريرك مار دنخا الرابع في تشرين الثاني سنة 1994م. لنا الامل أن يُستأنف الحوار بين الكنيستين الشقيقتين، بعد انقطاعه لفترة، بغية الوصول الى الوحدة الكاملة.

حاليا لكنيسة المشرق الاشورية اثنتي عشرة أبرشية، ويبلغ عدد مؤمنيها ما بين 350-400 ألف نسمة، والغالبية العظمى منهم (ما يقارب 250 ألف نسمة) في بلاد المهجر، خاصة في أمريكا، استراليا، الهند، كندا وأوروبا بما فيها روسيا الاتحادية. ويتوزع قرابة 100 ألف نسمة في العراق، ايران، سوريا، لبنان، الاردن، تركيا وبلدان أخرى.

 كنيسة المشرق الجاثاليقية القديمة

لايزال غبطة البطريرك مار ادّي الثاني على رأس كنيسة المشرق الجاثاليقية القديمة، منذ تكريسه بطريركا في شباط سنة 1972م في كاتدرائية مار زيّا (زيعا) في بغداد. جرت عدّة محاولات بغية التقارب والوحدة بين كنيسة المشرق الجاثاليقية القديمة وكنيسة المشرق الاشورية. لكن من دون نتيجة تذكر، بعد الانقسام الذي شطر هذه الكنيسة سنة 1964م،. حاليا لكنيسة المشرق الجاثاليقية القديمة ثمان أبرشيات، ويبلغ عدد مؤمنيها قرابة 75 ألف نسمة. وتتواجد الغالبية العظمى منهم في بلاد المهجر، وخصوصاً أمريكا، استراليا، كندا وأوروبا. ولم يبقى منهم في العراق سوى بضعة الاف، وهناك أعداد أخرى في سوريا والاردن وبعض الدول المجاورة.

       سامي خنجرو

     سدني – استراليا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!