مقالات دينية

معجزة الميلاد

الكاتب: بطرس آدم
 

معجزة الميلاد

بطرس آدم
قصة حقيقية مترجمة كما روتها زوجة مارك ليونارد عن زوجها ( الذي كان يتصور مع أطفال وهو يرتدي ملابس سانتا في أحد مولات وسكنسن في أمريكا ) .
قبل ثلاثة سنوات مضت جاء طفل صغير ليتصَوَّرْ مع ( سانتا ) في ماي فير مول في وسكونسن وقفز حالاً في حضنه ومعه صورة لطفلة صغيرة ، سأله وهو يبتسم لمن هذه الصورة ؟ لصديقك ؟ لأختك ؟ أجاب الطفل بحزن نعم سانتا أنها لأختي سارة ، وهي مريضة في المستشفى بمرض اللوكيميا ، نظر سانتا الى جدّة الطفل التي كانت تقف جانباً وهي تمسح دموعها ، وأسترسل الطفل قائلاً بلطف وهدوء : أرادت بشوق كبير أن تأتي معي لتراك ولكن مرضها منعها .
حاول سانتا أن يبدو مبتسماً ويشجّع الطفل على الأبتسام وسأله ماذا تريد من سانتا أن يهديك في عيد الميلاد ؟ وعندما أنهوا التصوير تقدّمت الجدّة وأخذت الطفل من حضن سانتا ، وأرادت أن تقول شيئاً ، ولكنها توقفت ، لاحظ سانتا ذلك ، فقال لها ماذا ؟ تكلّمي .
سلّمت الجدة حفيدها لأحد العاملين مع سانتا ليختار هديته وقالت لسانتا وهي تمسح دموعها : حسنا : أنا أعلم أنه طلب مبالغ به سانتا ، ولكن كما لاحظت في صورة الطفلة فأنها حفيدتي وكما ترى فأنها مصابة بمرض سرطان الدم ونحن لا نتوقع أن تحتفل بالميلاد ، هل هناك طريقة ما ليكون بأمكانك لتأتي وترى سارة ؟ كل ما طلبته كهدية للكريسماس هو أن ترى سانتا كلوس . أجاب سانتا وهو يبلع ريقه بصعوبة ، أتركي معلومات عن مكان وجود سارة لدى أحد معاونيّ ، وسوف أرى ما يمكنني عمله .
حال أنتهاء سانتا من التصوير مع الأطفال في ذلك المساء ، طلب من مساعديه أسم  مستشفى الأطفال الذي ترقد فيه “سارة” والطريق الذي يوصله اليه ، لماذا ؟ سأله أحد مساعديه ، فأخبره الحديث الذي جرى بينه وبين العجوز جدّة سارة في وقت سابق من ذلك النهار ، حسناً أجابه المساعد ببشاشة ، فأنا سآخذك اليه ، قاد المساعد السيارة الى المستشفى ، وأستفسروا عن غرفة سارة ، فدخل “سانتا” بهدوء من خلال الباب النصف المفتوح تاركاً مساعده في الخارج ، ورأى الصغيرة سارة في السرير .
كانت الغرفة كما يبدو مملوءة من عائلة سارة ، كان هناك الجدّة وشقيق سارة الذي صادفه اليوم ، ووالدتها واقفة بجانب السرير وهي تمسح بيدها شعر سارة الخفيف ، وأمرأة أخرى هي عمّة سارة جالسة على كرسي بجانب السرير بنظرات حزينة ، كانوا يتكلمون بصوت منخفض ، وسانتا يراقب مدى الحزن والألم في تلك العائلة .
دخل سانتا الغرفة بعد أن أخذ نفساً عميقاً والأبتسامة على وجهه وهو يحييهم ويقول سارة !!! وحالما رأته سارة حاولت النهوض والركض نحوه ولكن منعتها الأنابيب المربوطة بجسمها ، أندفع ” سانتا ” نحوها وأحتضنها بحرارة ، وشقيقها الطفل ينظر بتعجّب وأستغراب نحوهما ، كان لون بشرتها شاحباً ، وبقايا من خصلات شعرها الذهبي الذي كان قد سقط  من أثر العلاج الكيمياوي ، ولكن لفت نظره زوج من عينين كبيرتين زرقاوين ، تألم كثيراً وبالكاد حبس دموعه وهو ينظر في وجه “سارة” وهو يسمع بكاء ونحيب الحاضرين في الغرفة . 
وحالما بدأ الحديث مع سارة ، كانت عائلتها تنسحب تدريجياً الى جانب من الغرفة وهم يربتون على كتف سانتا هامسين شكراً لك وهم ينظرون اليه بأمتنان ، سارة وسانتا شرعا يتحدثان ، وأخبرته عن نوعية الألعاب التي تفضّلها في العيد ، مؤكدّة له بأنها كانت فتاة جيّدة في تلك السنة ، شعر سانتا أنه بحاجة لأن يصلي فطلب الأذن من عائلة سارة فوافقت دون تردد ، وشكلوا دائرة حول السرير وهم رافعي الأيدي .
نظر سانتا الى سارة بعمق وسألها : هل تؤمنين بالملائكة ؟ أجابت سارة  في الحال : أوه نعم أنا أؤمن .
 حسناً : أنا سأسأل الملاك الذي بجانبك وهو يضع يده على رأس “سارة” وغمض عينيه وصلّى : سأل الرب أن يلمس هذه الطفلة سارة ، ويرفع عن جسمها المرض ، وسأل ملاكها الحارس ليعتني بها ، يراقبها ويحفظها ، وعندما أنتهى من الصلاة وعينيه لا تزالان مسدودة ، أبتدأ يهمس بترتيلة ( ليلة هادئة … ليلة مقدسة … كل شيئ هادئ …. كل شيئ مقدس ) ، وكانت العائلة تشارك في الترتيل وهم رافعي الأيدي ويبتسمون في وجه سارة ودموع الأمل في عيونهم ، دموع السعادة في تلك اللحظات ، والأبتسامة على شفتي سارة ، وعندما أنهوا الترتيلة ، جلس سانتا على جانب السرير ومسك بيدي سارة الصغيرتين . 
والآن سارة : ( قالها بثقة ) لديك عمل كثير وهو التركيز على التحسّن ، أريدك أن تكوني متمتعة باللعب مع أصدقاؤك في الصيف القادم ، وأتوقّع رؤيتك في ” ماي فير مول ) السنة القادمة ، كان يعلم أنه يجازف ويغامر بآمال قد لا تتحقق لهذه الطفلة المصابة بالسرطان المتقدم ، ولكن كان عليه أن يفعل ذلك ، كان عليه أن يقدّم أعظم هدية ، ليس هدية على شكل لعبة ، ولكن هدية الأمل .
نعم سانتا – أجابت سارة ، وفي عينيها بريق ، أنحنى عليها وقبّلها في جبهتها ، وغادر الغرفة ، وفي ردهة المستشفى ألتقت عيناه بعيني مساعده ريك ودون أن يشعرا بأي خجل بكيا بحرارة ، والدة وجدة سارة أندفعتا نحو سانتا في الردهة ليشكراه ، فقال لهما طفلتي الوحيدة هي بعمر سارة ، وهذا هو أقل ما يمكنني أن أفعله ، أعترفا بجميله وأحتضناه وغادر المستشفى .
بعد مرور عام ، كان سانتا في المول ثانية في موسم أعياد الميلاد ، وبعد مرور بضعة أسابيع ، جاءت طفلة في حضنه وهي  تقول  : هل تتذكّرني ؟ ! أجابها وهو يبتسم بالطبع أتذكرك ( قالها دون أن يكون متأكداً حيث هو يقولها للجميع  معتمداً على مبدأ أن السانتا الجيد هو من يجعل الطفل يعتقد بأنه الوحيد الذي تعرفه شخصياً في تلك اللحظة ) .
قالت الطفلة : جئت لزيارتي في المستشفى العام الماضي !!! 
فغر فاه ، وفاضت الدموع في عينيه ، وسحب الطفلة الصغيرة صاحبة المعجزة الى صدره وهو يقول ” سارة ” وبالذات تعرّف عليها ، فشعرها كان طويلاً ، وخدودها مورّدة ، كان هناك أختلاف كبير بين سارة ( المستشفى ) وسارة الآن ، نظر الى جانبه فرأى والدة سارة وجدّتها ، وأبتسامة على شفاههما ، والدموع في عينيهما .
كان ذلك أعظم عيد ميلاد في حياة سانتا كلوس : كان شاهداً وتبارك في حدوث هذه المعجزة – الأمل – شفيت هذه الطفلة من خلايا السرطان الخبيث ، وهي الآن على قيد الحياة وبصحة جيدة ، أنه يتطلّع وبصمت الى السماء ويهمس بكل تواضع .
أشكرك أيها الآب ….. ولك كل المجد …… في عيد ميلادك المجيد …….

وكل عيد ميلاد مجيد والجميع بألف خير 

 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!