مقالات دينية

فضيلة المحبة والنضوج الروحي

الكاتب: وردااسحاق
 
فضيلة المحبة والنضوج الروحي
 ( الأيمان والرجاء والمحبة وأعظمهن المحبة ) “1قو 13:13″
هذه هي الفضائل التي يحتاجها المؤمن في حياته الأرضية ترتبط بعضها بالبعض الآخر . فالأيمان هو الأساس الذي يلد الرجاء . أو من الأيمان ينشأ الرجاء للخلاص . ومن خلال تلك العلاقة المبنية على الحب يصل الأنسان الى قمة الكمال في تلك العلاقة مع الله الذي يحبه . فالمحبة هي خاتمة الجهاد ونهاية المسيرة . إذاً الكمال لا يتم بالأيمان والرجاء ما لم يرتبط بالمحبة التي هي رباط الكمال وقمة كل الفضائل . لا وبل قمة كل الوصايا المطلوبة من المؤمن .
سئل الرب يسوع هذا السؤال ( يا معلم أية وصية هي العظمى في الناموس ؟ ) فأجاب ( أحب الرب الهك بكل قلبك وكل نفسك وكل فكرك . هذه هي الوصية العظمى الأولى . والثانية مثلها : أحب قريبك كنفسك . بهاتين الوصيتين تتعلق الشريعة وكتب الأنبياء ) ” مت 22: 36-40 ) . وهذا الجواب يختصر بكلمة واحدة هي المحبة ” 1تي 5:1″ . فالأنسان سيحاسب في يوم الدينونة على كمية المحبة التي كان يحملها في حياته الأرضية . لهذا أوصانا الرسول ، قائلا (كل ما تعملونه ، فأعملوه في المحبة ) ” 1 قو 14:16″ . وهكذا برز بولس أهمية المحبة بوضوح في أنشودة المحبة . وهكذا تبين لنا بأن المحبة هي أعظم من الأيمان الذي ينقل الجبال . ومن الصدقة والصوم. المحبة تتأنى ( غل 5 ) وترفق ، أي تشفق على المخطئين وتتحملهم ” عب 3:13″ . فالمسيح ترفق المرأة السامرية الزانية . وامرأة الخاطئة التي ضبطت في ذات الفعل ” يو 11:8 ” والمحبة لا تحسد ” غل 19:5″  . وكذلك لا تتفاخر ولا تنتفخ . فالرسول بولس الذي أختطف الى السماء الثالثة ، الى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ” 2 قو 12: 2-4″ لكن نجده لا يتفاخر ولا ينتفخ تكبرا ، بل يقول ( لا أفتخر إلا بضعفاتي )” 2 قو 5:12 ” المحبة لا تقبح . لأن المحب يتحلى بالخلق فلا يجرح الآخرين أو يشهرهم ويظهر ضعفاتهم لأن ( المحبة تستر كثرة من الخطايا ) ” يو 20:5″ .
المحبة لا تطلب ما لنفسها ، بل تهتم بالآخرين قبل كل شىء . تقول الآية ( لا تنظروا كل واحد الى ما هو لنفسه ، بل كل واحد الى ما هو للآخرين أيضاً ) ” في 4:2 ” . الذي فيه المحبة لا يطلب ما لنفسه ، بل يظهر عطائه لأخوته الفقراء ، لأن كما يقول الرسول ( مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ ) ” أع 35:20 ” . كما أن المحبة لا تحتد ، لأنها مستعدة لأحتمال الزدراء والمهانة بكل محبة . ( ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح ) ” أف 31:4″ .
المحبة لا تظن السوء وهكذا يسود السلام بين المحب والآخرين وحتى وإن وجد فيهم أخطاء واضحة فلا يتصرف إلا بالحكمة لكي يدرك الموقف . كذلك الذي فيه المحبة لا يفرح بالأثم وحتى وأن كان في عدوه ، كما قال الكتاب ( لا تفرح بسقوط عدوك ولا يبتهج قلبك إذا عثر ) ” أم 17:24 ” . داود النبي لم يفرح بموت عدوه الأكبر شاول الملك ، بل رثاه وبكى عليه ” 2 صم 1 ” ولم يسر بموت أبشالوم ابنه رغم عدائه له ، بل أوصى به ، وبكى عليه ” 2صم 18″ . وهكذا الأنسان المملوء بالمحبة يدافع عن الظالم أيضاً وعن أعدائه ويصلي من أجلهم لأنه يحتمل قساوتهم بسبب 
المحبة التي تتحمل كل شىء .
المحبة وصية قديمة في العهد القديم (تحب قريبك مثل نفسك ) ” لا18:19″ فوصايا العهد القديم اعطت نفس المفهوم الموجود في العهد الجديد لهذا قال الرسول يوحنا ( لست أكتب اليكم وصية جديدة بل قديمة ) ” 1يو 8:2″ وهذه الوصية القديمة الجديدة قال عنها الرب يسوع لتلاميذه ( وصية جديدة أنا أعطيكم : أن تحبوا بعضكم بعضاً ، كم أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضاً بعضكم بعضاً ) ” يو 34:13 “. وعندما أعطى المسيح مثل السامري الصالح فشملت المحبة الجديدة الأعداء والغرباء أيضاًوهذا ما وضحه في عظته على الجبل هذا هو نوع الحب الجديد الشامل وهي عطية مجانية من الله لكل مؤمن ( لأن محبة الله قد أنسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطي لنا ) ” رو 5:5 ” وبهذه الطريقو نستطيع أن نحب الجميع ونصلي من أجل الأعداء والساكنين في ظلمة الأبتعاد عن نور الأنجيل
فالذي يعيش في المحبة يصدق كل شىء صادر من الله من خلال مواعيده وعهوده ووصاياه لأن المحبة تصدق ما لله أولاً قبل ما يصدر من الناس . فلا يصدق كل ما للناس إذا كان معارضا لوصايا الله مهما كان الثمن . المحبة ترجو كل شىء من الله أكثر من البشر ( الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء ) ” خر 118″ فعلى الأنسان أن يتحمل ساعات الأضطهاد ويتحمل الآلام من أجل المسيح الذي تحمل على الصليب من أجلنل . علينا بسبب المحبة أن نحسن الى مبغضينا ونبارك لاعنينا ونصلي من أجلهم ، هكذا نقاوم الشر بالخير النابع من المحبة التي نعيشها .
ختاماً نقول ، أن المحبة لا تسقط أبداً لأنها لا تطلب ما لنفسها ( المحبة قوية كالموت … فالمياه الكثيرة لا تقدر أن تطفىء المحبة ، والسيول لا تغمرها ) ” نش 28: 6-7 ” . المحبة لاتضعف ولا تسقط أبداً لهذا تظهر فيها المغفرة للمسيئين مهما تكررت أخطائهم . قال الرسول بطرس ( يا رب كم مرة يخطىء اليَ أخي وأنا اغفر له ؟ هل الى سبع مرات ؟ قال له يسوع ، لا أقول لك الى سبع مرات ، بل الى سبعين مرة سبع مرات ) ” مت 18 : 21، 22″ والرقم سبعة هنا يرمز الى الكمال . والكمال لا حدود له . إذاً الرب يسوع قال لبطرس لا حدود للمغفرة يا بطرس . ، محبة الله تكمل في المؤمن عندما يعمل بحسب كلمة الأنجيل ، لأنها القياس الذي يعرف به ما إذا كان ذلك الأنسان ينتمي الى شخص المسيح . فكل من يظن أنه ثابت في المسيح فيلزم أن يسلك كما سلك المسيح الكامل . ( الله محبة ) لأنه كامل في محبته وظهر هذا الكمال على الصليب في الله المتجسد فغفر لصالبيه وأعدائه وطلب لهم المغفرة من الآب ، لم يكتفي بذلك بل مات من أجل محبته اللامحدودة للجميع . أنه حب المضحي الباذل . الحب الألهي الذي يحب الخاطىء . أحبنا ونحن خطاة فمات لأجلنا ” رو 8:5 ” . أنه الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن الخراف ” يو 11:10″ هذا هو حب الله الكامل للعالم الخاطىء .
( لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد ) ” يو 16:3 ” .
بقلم
وردا أسحاق عيسى
 وندزر – كندا 
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!