مقالات دينية

عظة اليوم الثالث من الباعوثة (ألأربعاء 28/1/2015)

الكاتب: المطران سعد سيروب
 
عظة اليوم الثالث من الباعوثة (ألأربعاء 28/1/2015)

المطران سعد سيروب
يستسلم يونان لمشيئة الله وان كان لم يفهمها تماماً وينادي بالتوبة في مدينة نينوى (يونان 3/ 4). يصدق الله ويستجيب أهل نينوى لنداء التوبة (يونان 3/ 5). رجع أهل نينوى عن طريقهم الشريرة. الله يقبل كل انسان، المهم ان يغير حياته ويجددها. الله يغير فكره بارادته امام قلب الانسان التائب: “الله لا يُسرّ بموت الخاطىء، بل ان يتوب فيحيا” (حز 18/ 23). لا يوجد حدود لرحمة الله وغفرانه. فهو لا يضع الحدود، أنه الانسان الذي يضعها بعناده وتصلبه برأيه. رحمة الله تجددنا وتحيينا. يونان لا يفهم، فهو يفكر من منطلق اثني وديني، أما الله فلا لون له ولا ينظر الى لون، أو الحالة الاجتماعية، أو القومية …الخ. انه ينظر الى القلب حيث يرى بصدق نيّة الانسان. رحمة الله ومحبته لا يحكمها منطقنا. انها تعود الى إرادة الله المطلقة: “فهو يرحم من يشاء ويُقسي قلب من يشاء” (روم 9/ 18). الله رب الجميع.

هذه الدعوة المستمرة من قِبَل الله لنتوب ولنغير يجب أن لا نفهما على أنها تماهل أو ضعف، بل أنها رحمة الله التي لا تيأس من الانسان. إلا أننا يجب أن نقول بأن التغير لا يمكن ان يكون لمجرد التظاهر والتباهي، “وإلا فلا أجر لكم” (متى 6/ 1) سيكون حكم الله عليها. يطلب الله من المؤمن الممارسة المتحدة باروح والصميم التي تبتعد عن روح التظاهر والتباهي: “لا تعرف شمالك ما تعمل يمينك” (متى 6/ 3). فالحسنة يجب أن تكون في الخفية حيث تقع عليها نظرة الله فقط. المهم هو النيّة العميقة، وعلى هذا المستوى تكمن المكافأة. فلا يهم أن كان الشخص في وسط جمع غفير، ولكنه يعرف كيف يضع نفسه أمام الله بموقف بنوي، وسيكتشف بأن المكافأة الحقيقية هي في أصالة العلاقة التي تربطه بالآب. وهذا يعني أنه لا تعارض بين العمل في الخفاء والعمل على أن يشع نورنا قدام الناس: “لكي يروا أعمالكم فيمجدوا أباكم الذي في السماوات” (متى 5/ 16).

وأكبر الاعمال الانسانية هي الصلاة، فيها يقف الانسان أمام الله. فمن يصلي لكي يراه الناس ومن يُصلي مكرراً الصيغ يقعان في نفس التجربة وهي التمركز على الذات. فالاول لكي يراه الناس والثاني لكي يرى نفسه مصلياً. إلا أن الصلاة الحقّة هي موقف بنوي يعيشه الانسان أمام الآب السماوي الذي يعرف ما موجود في القلوب (مزمور 139). الصلاة هي الحياة مع الله. فالله يريد الحياة لانها تعود إليه. الحياة المستقيمة التي نعيشها بالمحبة والرحمة هي الحياة التي يريدها الله من الانسان: “أني أريد رحمة لا ذبيحة” (هوشع 6/ 6).
..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!