مقالات

لما الأشرار يسبّون الأخيار.

بكل وقاحة سمح حميد المهداوي لنفسه أن ينعت المواطنين الوطنيين بـ”أولاد الحرام”، بمعنى “أولاد الزنا” و “اللقطاء”؛ لأنهم جعلوا الوطن ومصالحه العليا فوق كل اعتبار. فقد أعماه حقده على الوطن وكراهيته لمن يجعلون الوطن وقضاياه المصيرية أولوية الأولويات فأسقطا عنه كل مروءة، حتى إنه أطلق العنان للسانه بقذف الأمهات المحصنات والمس بشرفهن وعِرضهن: “يأولاد الحرام والله حتى أولاد الحرام، أي ولد الحرام تيقولك خُويَا أنا المغرب .. عَرْفُو ولد الحرام مْقَطّر”. فلا وطنية، بالنسبة للمهداوي، لمن يجعل مصالح الوطن تسمو على الانتماء الديني أو العرقي أو الإيديولوجي أو القومي. بل ذهبت به وقاحته إلى حد أنه جعَل تمجيد حركة “ح*ما*س” أقْدَس المقدسات وأسماها. ليس مطلوبا من المغاربة ولا مفروضا فيهم تمجيد “ح*ما*س” ولا حتى التصفيق لمغامراتها التي تخدم الأجندات الإقليمية (الإيرانية والسورية). ح*ما*س لا تمثل الشعب الفلسطيني؛ فالذي يمثله عربيا، إسلاميا، دوليا وأمميا منذ 1947 هي منظمة التحرير ا*لفلس*طينية؛ فهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بإجماع الدول العربية والإسلامية. والمغاربة ليسوا معنيين بالصراعات الداخلية بين الفصائل ا*لفلس*طينية لأنهم يعتبرونها شأنا فلسطينيا داخليا. وظل المغرب وفيا للدعم الفلسطيني أكثر من أي دولة عربية أو إسلامية أخرى دون أن يتدخل في الشأن الداخلي للفلسطينيين. وما ينبغي للمهداوي معرفته والوعي به، هو أن المغرب، ملكا وشعبا، يعتبر قضيته الأولى هي وحدته الترابية، والقضية ا*لفلس*طينية قضيته الثانية. لهذا جعل علاقته بإس*رائي*ل موازية لعلاقته بفلسطين، ولا تشرط إحداهما الأخرى أو تلغيها.
إن التضامن المبدئي للمغاربة مع الفلسطينيين ومع حقهم في إقامة دولة مستقلة لهم لا يحتاج ترخيصا أو تأشيرا من المهداوي وأمثاله الذين يسترزقون بمهاجمة الدولة المغربية وتسفيه كل جهودها ومبادراتها. وهذا التضامن لا ينبغي أبدا أن يكون على حساب قضيتنا الوطنية الأولى وهي الوحدة الترابية، أو يهدد المصالح العليا للمغرب. وليس عبثا أن يرفع المغاربة شعار “تازة قبل غ*ز*ة” للتعبير عن أولوية القضية الوطنية الأولى وأسبقيتها على كل القضايا القومية. ويكفي المغاربة شرفا أنهم جعلوا القضية ا*لفلس*طينية قضيتهم الثانية ولم يهملوها أو يتاجروا بها كما تفعل أطراف حزبية أو رسمية في المحيط العربي والإسلامي. ومن يجعل غ*ز*ة قبل تازة، ويضحي بالقضية الوطنية الأولى من أجل القضية ا*لفلس*طينية فليس أمامه غير الالتحاق بجبهة القتال عبر سوريا ولبنان والضفة الغربية مادامت الحدود مفتوحة والعزيمة قوية، ومادام اختار وطنا غير وطنه الأصلي. فلا مجال لازدواجية المواقف والاسترزاق بالتآمر ضد الوطن كما جاء في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 34 للمسيرة الخضراء سنة 2009 :”وبروح المسؤولية، نؤكد أنه لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع ؛ فإما أن يكون المواطن مغربيا، أو غير مغربي. وقد انتهى وقت ازدواجية المواقف، والتملص من الواجب، ودقت ساعة الوضوح وتحمل الأمانة ؛ فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا، إذ لا توجد منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة. ولا مجال للتمتع بحقوق المواطنة، والتنكر لها، بالتآمر مع أعداء الوطن”.
الوطنية نقيض الاسترزاق.
ليس غريبا أن يصدر الكلام الفاحش عن شخص مثل المهداوي الذي اختار أن يتغذى على مشاكل المواطنين والتشهير بالمغرب وبمؤسساته الدستورية وتسفيه كل جهود التنمية التي تبذلها الدولة المغربية. لطالما امتدح المهداوي جماعة العدل والإحسان ومجّد مشروعها السياسي التخريبي على حساب ثوابت الشعب المغربي رغم خطورته على الوطن والشعب واستقرارهما. لا تهمه المبادئ ولا أمن الوطن واستقرار المواطنين؛ لهذا اختار المهداوي، عن سبق خبث وجبن واسترزاق، الالتحاق بالغربان الناعقة، ونفث بذور الفتنة والشقاق بين المغاربة. وتظل روبورتاجات المهداوي خلال حراك الريف شاهدة على خبث مسعاه بالتحريض على الاحتجاجات والمظاهرات وتأجيجها بكل الأساليب الدنيئة التي لا تمت للصحافة وأخلاقيتها بأي صلة. وها هو اليوم ينفث سموم العرقية بالتحريض ضد الأمازيغ بعد أن نفى عنهم حسهم الديني والوطني والإنساني. وهو بهذا يحرض على الكراهية التي يعاقب عليها القانون ويجرّمها الدستور. الأمر الذي يستوجب متابعته قضائيا وفق ما ينص عليه القانون درءا للفتنة وضمانا للاستقرار وتحصينا للحمة الوطنية. إن أسلوب الاسترزاق عبر التشهير بمؤسسات الدولة وبمسؤوليها وبالمناضلين الوطنيين الذي يتبعه المهداوي لن يجعل منه “مناضلا” ولا “حقوقيا” ولا “مواطنا صالحا”. بل يحشره نعيقُه ضمن غربان الشؤم التي تتطيّر منها العامة وتنزعج منها الساكنة. فالغربان تتغذى على الجيف، لهذا تعشق الخراب والفتن. وصدق الشاعر العربي أبو الشيص الخزاعي في قوله:
وَمَن يَكُن الغُراب لَهُ دَليلاً // فَـنـاووسَ المـجـوس لَهُ مَصيرُ.
أو كما ورد في “المستطرَف” للأبشيهي:
ومن يكن الغراب له دليلاً // يمر به على جثث الكلاب
وفي رواية أخرى:
إذا كان الغراب دليل قوم // سيهديهم إلى دار الخراب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!