مقالات دينية

شكل الأجساد بعد القيامة

الكاتب: وردا اسحاق
شكل الأجساد بعد القيامة

( كيف يقوم الأموات وفي أيّ جسد يُعودون ؟ ) ” 1 قو 35:15″

      بقلم / وردا أسحاق عيسى                                

 

أجساد البشرية في هذا العالم تتميّز بصفات تناسب سكنى هذه الأرض . أنها كالأجساد الحيوانية تحتاج الى الطعام والماء ، تجوع وتعطش وتمارس الجنس من أجل البقاء لكي لا يفنى الأنسان من الطبيعة . وهذه الأجساد زمنية وقابلة للفساد بعد الموت . أما في عالم الأرواح ستحافظ الأجساد على أشكالها ولا تقبل تلك الأجساد الشهوة والزواج ، لأن غاية الزواج هي لديمومة الحياة بسبب الموت المستمر الذي يحصد كل جسد تحت الشمس ، لكن بعد القيامة لا سلطان للموت على الجسد كذلك لا يحتاج الى الزواج أو الشهوة ، لهذا قال الرب ( إنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء ) ” مت 30:22″ . وحيث لا يوجد الموت للذين يقومون مع الرب لأنهم سيبقون أحياء مع الله ، وحسب الآية ( ليس الله إله أموات بل إله أحياء ) . الأجساد تتغير في القيامة حتى لا يكون بعد ذلك لحماً ودماً ، بل ستكون في حالة الخلود والنور ( 1 قو 50:15 ) . لا يمكن لأجسادنا الأرضية أن ترث الملكوت وتسكن في عالم الأرواح دون أن تتغيّر لتصبح كجسد المسيح القائم الذي خرج من القبر المغلق ودخل الى الغرف المغلقة وقابل الساكنين فيها ، هو سيغيّر أجسادنا وكما قال الرسول ( أنه سيغيّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده ) ” في 21:23″ وهكذا سيجعل بكر القائمين من بين الأموات أجسادنا في يوم القيامة عندما يأتي مع ملائكته القديسين ، كما قال الرسول يوحنا ( ولكن أعلم أنه متى ظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو) . وهكذا سيحصل الجسد القائم على مواهب جديدة فائقة للطبيعة غير قابلة للضعف والمرض والشيخوخة والألم ، وكذلك سيحفظ الجسد من الدنس والخطيئة فلا يهاب من الموت لأن سلطان الموت سيرفع عنه . كما سيتميّز بالجمال والكمال ، ويكون منزهاً من آثار الخطيئة لكي يكون مناسباً لسكنى عالم الملائكة والأبرار، وجمال الجسد القائم سيضىء في الدهر الآتي وحسب الآية ( حينئذ يضىء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم ) ” مت 43:13 ” وقد أرانا يسوع  تلك الصورة الفائقة الجمال عندما تجلى على الجبل فأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه كالنور ( مت 2:17) وقد يظهر الجسد القائم بصورته البشرية التي كانت له قبل الموت لكي يتعرف عليه الناس كصورة ظهور المسيح لرسله بجسد بشري لم تزل عليه الجروح والطعنات ( يو 20 : 20،27) كما طلب من تلاميذه أن يقدموا له طعاماً ليأكل ، الغاية كانت لرفعهم من مستنقع الشك والضعف والخوف الى الأيمان والقناعة ، وكذلك تعرف الرسل الثلاثة على جسد موسى وأيليا على جبل التجلي لذات السبب . إذاً الأجساد القائمة هي نفس تلك الأجساد الفاسدة في الخطيئة لكن بعد القيامة ستحفظ من الفساد . تلك الأجساد التي ماتت لبست عدم الموت وفي نفس الجسد ليصبح ممجداً وطاهراً من كل عيب أو ضعف ، فالذي كان أعمى منذ ولادته أو فيه عاهة سيقوم من الموت بجسد كامل ، وحتى وأن مزقت أجساد الموتى أو أحرقت ستقوم ممجدة وكاملة ، وقد تبرز آثار أضطهاد الشهداء فتلمع كالدرر مثل جروح ربهم القائم . وهكذا ستتميّز الأجساد القائمة بصفات كثيرة لم تحصل عليها تلك الأجساد قبل الموت بسبب ضعف الحواس ومحدودية الفهم وعدم أدراك كل شىء ، بينما في عالم الأرواح سيرى كل شىء على حقيقته ، ويدرك الخفايا ويكون له القدرة على فهم الأمور بدقة ، وكما قال بولس الرسول ( الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عُرفَت ) ” 1 قو 12:13″ . ومن هذه المعلومات نفهم بأن حياتنا الأرضية ومن أجسادنا القابلة للموت والفساد لا يمكن أن نقارنها بأجسادنا القائمة مع المسيح في حياة أزلية فيها المجد والخلود للذين قبلوا المسيح المتجسد والمصلوب والقائم من بين الأموات .

ولربنا القائم المجد دائماً

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!