مقالات دينية

تساعية الميلاد. 17 كانون الاول (يوحنا المعمذان)

الكاتب: المطران سعد سيروب
تساعية الميلاد 17 كانون الاول (يوحنا المعمدان)

المطران سعد سيروب حنا
كلمة الله هذه شهادة يوحنا، حين أرسل إليه اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه: “من أنت؟” فاعترف وما أنكر، إعترف قال: “ما أنا المسيح”. فقالوا “من أنت، إذا؟ هل أنت إيليا؟” قال: “ولا إيليا”. قالوا: “هل أنت النبي؟” أجاب: “لا”. فقالوا له: “من أنت، فنحمل الجواب إلى الذين أرسلونا. ماذا تقول عن نفسك؟” قال: “أنا، كما قال النبي أشعيا: صوت صارخ في البرية: قوّموا طريق الرب” (يوحنا 1/ 19-23).

تأمل يوحنا هو الاعظم بين مواليد النساء كما وصفه يسوع (متى 11/ 11). وُلِد بمعجزة، وتربى في حضرة الله، تعلّم يوما بعد يوم كيف ينجز مهمته. فهو كباقي الانبياء الذين سبقوه جعل حياته تصير شهادة حقّة وعلامة منيرة ونبوة صادقة عن رحمة الله وحنانه.
لقد اختار ان يبقى في الصحراء ليعيش إرادة الله. لقد احترق جلده بحرارة الشمس، وجمع شعره ذرات الرمل التي تحملها الرياح. فكرّس حياته بكليتها لله، مأخوذاً به ومتّجه نحو مجيء المسيح. يجب أن يهيئَ شعب الله ويجعله شعباً مستعدا للقاء المسيح. وهو كان أول المستعدين.
جاء الناس من بعيد لكي يسمعوا كلمات يوحنا الحادة، كانوا ينتظرون أياماً إلى أن يحين موعد خروج يوحنا للتعميد في نهر الأردن. جاءوا وهم عطشى، كما نحن أيضا عطشى، لرؤية هذا الشخص الذي يقول ويعيش ما يقوله. وعندما أرسل الشيوخ من أورشليم ليستعلموا عن شخصه، وجدوا شخصا حرّاً، متحولاً بفعل لقاءه بالله، مشغولا بكليته بالله.
لا يدعي أية مكانة خاصة بين البشر. لا يدعي أنه المسيح، وإن كان الكلّ يظن هذا عنه. ولا يدعي النبوءة، وأن كان نبياً بالحقيقة. لقد فهم شيئا واحداً عن نفسه: أنه صوت كله في خدمة كلمة الله. موقفه هذا عجيب بكل معنى الكلمة ومدهش الى حدّ الانبهار. لقد عرف أن يكون صوتاً أصيلاً، متجذراً بكليته في الحقيقة الالهية.
والسؤال الذي يُطرح علينا: مَنْ نحن؟ ماذا نقول عن أنفسنا؟
صلاة
لقد أنتظرتك طويلاً، يا بهاء الآب. هربت من كلّ المجد، كل التصفيق، كل الشهرة، لكي أكون دائماً لك وحدك. في صمت الصحراء أنتظرتك، ففاجئتني، آتياً إليّ، كت*ائ*ب، مختلطاً بالجموع. هبّ لي أن أكون دوماً مستعداً لأقبلك حتى عندما تأتي كما لم أكن أتوقع، يا ربي. أمين.
ألتزام النفس الحقيقية وحدها هي التي تلتقي بالله الحقيقي. سوف أقبل ذاتي كما أنا وأضع نفسي بكليتي في خدمة ملكوت الله. لن أهرب من مخاوفي، ولن أتكبر بأحلامي، فأصير ما أراد الله ليّ أن أكون.

..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!