الحوار الهاديء

 ثقافة الشرقي المريضة عند الإختلاف !

يقول مجد جابر  في مقال له في صحيفة الغد الآتي :

 تتراجع ثقافة تقبل الرأي الآخر يوما بعد آخر في وقت “يرفض” به العديد من الأشخاص وجهات نظر أخرى إن كانت مغايرة أو مختلفة عن آرائهم، ولا تتماشى معها.
ولم تعد المشكلة فقط بتقبل الآراء عند اختلاف وجهات النظر، بل أصبح من “يخالف” يتعرض للهجوم والإقصاء، فضلا عن شن وابل من الاتهامات عليه، ويصل الأمر إلى تخوينه والتنمر عليه والتقليل من شأنه. ووفق مختصين، فإن هذا الأمر لا يتوقف فقط على اللقاءات والتجمعات بين الناس، بل يصل إلى منصات التواصل الاجتماعي التي عززت من غياب ثقافة تقبل الرأي الآخر، وأصبحت مساحة لشن الحروب على من يخالف رأي المجموعة أو يقرر أن يعبر عن رأيه ووجهة نظره كما يراها هو. إنتهى الإقتباس …

رغبتُ أن ابدأ إختلافي مع الجميع في هذا اليوم بما ذكره مجد جابر  …

ما من شك بأن معظم مشاكلنا وبلاوينا الشرقية ( المسيحية قبل الإسلامية ) هي ناتجة من عدم إدراك وإستيعاب الراي الآخر . الرأي الآخر له ظروفه ومصالحه وتوجهاته قد لا تلتقي مع مصالحنا ولكننا لا نستوعب ذلك إطلاقاً . فيتحول المشهد الى الضد والعداوات ومن ثم الهجوم اللفظي المقرف وأحياناً يتطور وينتهي بالقطيعة او حتى الحرب ..

إن ثقافة قبول او على الأقل تقدير وإستيعاب الرأي الآخر معدومة من أكبر ملك ورئيس عربي الى أصغر رجُل دين وبالتالي الكُتاب والقُراء والشعب خريج تلك المدارس ..

لقد ذكرتُ وكتبتُ سابقاً عن هذا الموضوع واتيت بالأمثلة الطفولية في هذا الشأن وبدأتها بالملوك العرب ورؤساء الجمهوريات وتليها الأحزاب وغيرها الى أصغر موظف في السياسة العربية والشرقية بصورة خاصة . أعطيتُ أمثلة كثيرة وآخرها كيف بدأت دول الخليج بحصار قطر لأكثر من ثلاثة سنوات بسبب كلام هنا او هناك وكيف شقوا التعاون الخليجي ومن ثم عادوا بتقبيل الخشوم من جديد دون أن يعي لماذا كل هذه الهيصة والمصخرة إذاً ! هذا هو حال كل الحكومات والسياسيين والكُتاب والقراء والشعوب العربية منذ عشرة آلاف قرن . كل العلاقات والنزاعات والحروب والخصام ناتج بسبب إختلاف هنا او هناك في الموقف او الرأي .. لا أكثر ولا أقل . وكلها او معظمها تنتهي مع هذا الطرف او ذاك بأنا اخوك وأنت خشمك الطويل قَربهُ حتى اُشمهُ … خلاص تنتهي المشلكة . وتبدأ من جديد في فصل آخر ومع شخص مختلف آخر .

وقد أعطيت حينها أقرب مثال لإدراك وإستيعاب ونقاش الإختلاف وتصحيح المواقف عند الغرب عند حصول هكذا موقف هو الحالة الاخيرة التي حصلت بين فرنسا والولايات المتحدة في مسألة وقف شراء استراليا الغواصات الفرنسية مستبدلتها بالامريكية …  صفقة بعشرات المليارات تم سرقتها من فرنسا والكل توقع قطيعة نهائية بين الدولتين ولم تمر أيام وإلا ماكرون في واشنطن وإنتهى الامر الى التفاهم بدون تقبيل الخشوم ولا العكال .. آلآلاف من هذه الامور الخطيرة والمهمة حصلت وتحصل في الغرب وتنتهي بالتفاهمات وقبول وإستيعاب الطرف الآخر ..

المصيبة الاكبر التي نحن فيها ( الشرقيون لعد وين أكو مصائب ) هي لا نملك شعوب ذو ثقافة ووعي مستقل ( خمسة بالمائة فقط ) بل شعوبنا تستمد ثقافتها وأخلاقها وحتى عاداتها من ثقافة نفس السياسي المتخلف ورجل الدين المتعجرف ، والجميع يعي مستوى الحقد والكراهية والعِداء بين السياسي والآخر وبين رجُل الدين والمذاهب المختلفة . رفض وحقد المذاهب الدينية ورجالاتها ثقافة الإختلاف هي أشد بكثير حتى عند ملوك وأمراء ورؤساء الشرق . وهذا ينعكس على تصرف ذلك الشعب برمته …  فلو نظرت الى ثقافة تقبل الرأي الآخر  وتقبل  تجدها كما ثقافة الكُتاب في هذا الموقع وغيره … العيب ليس في الموقع طبعاً بل بالذين يحضرونه . عندما فتحت النافذة للتعبير  عن الرأي وبكل حرية ( يعني منذ السقوط ليش قبلها جان أكو  نوافذ مفتوحة ! والله كان أحسن ) زادت الكراهية والحقد والنزاعات والتباعد بين رواد هذه المواقع بعشرات الاضعاف من قبله !! والله فكرة ..

والجميع ينهي حقده الدفين بقوله الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية بينما العكس هو الصحيح تماما ( إي مو ناقصين كذب وتلفيق إضافي ) !

وسنختتم بتذكيرنا لهذا الموضوع المهم في كلمة قبل سنوات في هذا الشأن والذي أحضرتُ برنامج الإتجاه المعاكس (  التافه ) كمثال وكيف يعكس عدم مقدرة الشرقي حتى لِسماع الرأي الآخر . كل المستضيفون من العلماء والأساتذة ومحللون إستراتيجيون ولكن بعد اول خمسة دقائق تتطاير النعل ويأخذ كل ضيف يدات الكراسي معه للبيت حتى يقول لأولاده بهذه ضربت الآخر .. هل رأيتم في حياتكم أن يناقش اساتذة وعلماء ومحللون آلاف القضايا والعناوين المختلفة ولا يتفقوا إلا على نزع وخلع النعال ولطمه في وجه المقابل ! في كل العالم الآخر عندما تحضر مثل هكذا شخصيات لمناقشة أي موضوع عالمي يكون التوافق على معظم الامور وقد يبقى هناك بعض الإختلافات ويستوعب ويحترم المناقش رأي المقابل دون حصول أي حقد دفين بين الحاضرين …

هذه هي ثقافة الشرقي المتوارثة او تم تطوريها من المذهب والدين والسياسي . وهي نفس الثقافة التي اوصلناها نحن الى هذه المواقع والتي أضحت بلوة ومصيبة علينا بدلاً م أن تكون نافذة للتعارف والتعلم والتطور ….

نحن فعلاً شعوب متخلفة وجاهلة وحاقدة لا بل حتى لا تستحي …

لا يمكن للشعوب المتخلفة التقدم دون البدأ من نقطة الصفر !

أنا اليوم بدأت منها !!!

نيسان سمو 03/01/2022

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!