مقالات عامة

راي متواضع في الحقيقة

عبد الرضا حمد جاسم

 

رأي متواضع في الحقيقة
عبد الرضا حمد جاسمناقشوها واختلفوا عليها وعلى تعريفها وتفسيرها واستمر وسيستمر النقاش حولها حاضراً ومستقبلاً بتصاعد كما تصاعد النقاش حولها ماضياً.

قالوا: الحقيقة تتميز بالثبات واليقين… فما طبيعة علاقتها بالواقع المتغير!!!

اقول: أي ثبات للحقيقة والكثير منها نُسِخْ فلا حقيقة باقية اليوم من حقائق قبل مائة عام بما فيها ثبات الكون والقوى المؤثرة فيه.

أي حقيقة ارتبطت باليقين ويقين مَنْ؟ الشخص ام المجموع ام الحياة؟

والواقع المتغير دائما كيف به او منه او عنه او عليه تقاس الحقيقة؟

الواقع حياة ونبض لا يمكن تحديد مدياته وليس له مقاييس فكل انفعال في الطبيعة يؤثر عليه لذلك لا يمكن ربط الحقيقة بالمتذبذب الواقع.

لا يمكن ان تكون حقيقة عندما توصف بالثبات لأن الحقيقة الكبرى كانت هي الكون ومدياته واليوم اثبت العلماء انه متحرك ويتوسع

يقال انه لا توجد حقيقة خارج اللغة والفكر.

أقول:نعم فهي مفردة لغويه وهي تفسير وتفكير لذلك ولما كانت اللغة والتفسير والتفكير مقترن بأشياء اخرى فالحقيقة حتى في اللغة متغيره لان تفسيرها بالاستناد الى ماذ؟

والتفكير بها من يقوم به؟ وهل المفكرون بنفس القدرات ليعطوا نتيجة واحده؟!

هل الحقيقة هي الواقع ذاته ام هي مطابقة الفكر للواقع؟

أقول:إذا كانت هي الواقع فلما هذا التعب وصرف الجهد والوقت ولماذا هذه الاختلافات والخلافات؟؟…

الواقع هو الملموس الذي تتعامل به ومعه الحواس .والحواس ليست بنفس الكفاءة…اذن الواقع نسبي وليس له تعريف ثابت وليس له نتائج او مواصفات يمكن اعتبارها.

اما مطابقة الفكر للواقع فهذا تجميد وتحجيم للعقل واعدام للخيال المتخفي عن الملموس والمعقول والمقبول.

لا يمكن ان يتطابق الفكر مع الواقع لان الاول خيال والواقع ماده والخيال اكثر مرونة من المادة المحددة بصفات ومؤثرات

أطلق الخيال حرب النجوم لتصبح اليوم واقع ملموس واطلق الانترنيت الذي يتعامل به اليوم البشر في كل مكان

يقولون ان هناك حقيقة ثابته واخرى متحركة.

الثابتة مثل الكون

أسأل: ما هو الثابت في الكون هل سعته ام مكوناته ام حركة تلك المكونات ام الظواهر مثل الشروق والغروب والزلازل والبراكين. كلها متغيره وكل يوم تعطينا الطبيعة درس جديد في ذلك

لم يتمكن العلم من تحديد الشروق والغروب لأنه يعتمد على اجهزة متغيره حتى ادق الساعات ثبت انها غير دقيقة مره يقيسونها على الكون ومره يقيسون الكون بها…فلا الشروق دقيق ولا الغروب دقيق وكل منهما يحمل نقيضه فالشروق هنا غروب هناك وبالعكس.

الحقيقة المتغيرة او المتحركة… النظريات:

اعتمد المتكلمون بالحقيقة بان النظريات العلمية حقائق لكن تساقط النظريات وظهور غيرها جعلهم يقولون ان هناك حقيقة متحركة… وهذا دليل عجز عن فهم الحقيقة… اذن من تساقط النظريات نستدل على عدم ثبات الحقائق… ولما كان هذا السائد والمستمر فان كل الافكار والاديان الى تغيير ولا يوجد منها ثابت.

يقال ان الواقع هو حالة الشيء كما هو..

أقول هذا اهمال لعامل الزمن مع حالة الشيء فما هو الان غيره ما بعد لحظات

حالة الشي لحظة انتاجه تختلف عن حالته بعد 50 عام…كيف يمكن قياس تلك الحالة بأجهزة متطورة وكم مقدار الخطاء فيها؟

هل تقاس كتل’ واحدة ام تقاس حالة الاجزاء المكونة لها؟.

قالوا الحقيقة هي الصدق ضد الكذب:

أي ان الصدق الحقيقة والكذب غيرها ولم يفسروا لنا ما هو الصدق وباي المقاييس يُقاس وهل هناك مقياس علمي له متفق عليه كمقياس الحرارة او مقياس الزلازل؟

والكذب من يحدده ويقيسه هل بمقياس الصدق كما يقال…صدق الله العظيم؟!…

واليوم نجد ان الكذب هو الغالب والمتسيد وله مدارس ونظريات ومراكز تدريب وبحوث واعلام ومتخصصين وجوائز نويل وله فلاسفة …ضاع الفرق بين الصدق والكذب وايهما الحقيقة وأيهما غيرها؟!

السياسة كانت فن أدارة الصراع اي فيها من الفن شيء وفيها تخطيط وتفكير وبرامج وتقسيم واجبات حوَّلها الكذب الى لعبة لينتشر استخدام هذه التسميه لتكون اليوم اللعبة السياسية.

قالوا الحقيقة هي الواقع ضد الوهم…ونلاحظ اليوم ان السياسيين والاقتصاديين ينشرون الوهم الذي نعيشه…فهل الواقع الوهم الذي نعيشه هو الحقيقة؟

وعود الساسة كلها اوهام يسَّوقونها على انها حقيقة يجب ان يعاد اليها الاعتبار لكن بعد حين يكتشفون عدم امكانية تحقيقها اي انها وهم.

اليس من الحقيقة ان يجردوا مما حصلوا عليه بتسويقهم الوهم للناس وان يحاكموا مع توفر الادلة والقرائن الدامغة…كم مرة حدث ذلك؟

قالوا الحقيقة هي كل ما موجود وجوداً واقعياً:

اي الذي تدركه الحواس. وهي اليوم مشوشة تحت ضغط الوهم فهل يمكنها تلمس الحقيقة.

الاديان موجوده وجوداً فعلياً فهل هي حقيقة؟…الله والرب…يصّدق بوجوده النسبة العالية من البشر اي انه واقع فهل هو حقيقة؟

وهل تعدد الالهة اليوم حقيقة ايضاً؟…

هل اصطنعوا هذا الجدل ليهيئوا الناس لقبول كل ما يفرض عليهم وجوده على انه حقيقة؟

هل الحقيقة نتيجة التجربة ام العقل ؟….اي هل هي مادية ام روحية؟

التجارب تبدء بفكرة ربما غير معقوله او بخيال كما في مسلسل ستارترك ثم يُخطط لهذا الخيال ثم تبدء دراسة الخطط ومحاولة توفير المستلزمات المادية للتنفيذ وتبدا محاولات التنفيذ وتسجيل النتائج والتحقق منها ومطابقتها

اي تحويل الخيال الى ملموس…فهل هذا التحول كان نتيجة الخيال ام نتيجة المادة ام مزج الخيال بالمادة؟

كما قلنا بدأت حرب النجوم بالخيال لتتحول الى ملموس….فإيهما الحقيقة؟… هنا يأخذنا هذا الى قول المسلمين ان الله يدركه العقل ولا تشعره الحواس…هل كان كل النقاش للوصول الى هذه النتيجة؟…وهنا تمكن الاسلام وبروح ما يطرح من تفسير الحقيقة الى فرض صدق الله العظيم واصبح حقيقة لان البعض يقول الحقيقة هي الصدق وفرضوا ايضا ان الحقيقة هي ما يتحسس العقل فأن الله حق لا تدركه الحواس

نعود مرة اخرى لقول البعض من ان هناك حقيقة ثابته واخرى متحركة:

ليقولوا كانت حقائق على شكل نظريات تم نسخها لنصل الى الحقيقة الجديدة ليقال اليوم من أن الجديد ينسخ القديم وهذا ما قالة الاسلام منذ اكثر من1450عام وطبقها على نصوصه وما اراده الاسلام هنا ليس نسخ نصوصه كما يتصور البعض انما لنسخ ما قبلة بتشبيع ادمغة معتنقيه بتلك الفلسفة ليقول ان الله كما نسخ نصوصه ينسخ مبعوثيه وما جرى على بداية الاسلام يجري على ما قبلة لذلك انتبه النبي محمد وقال بخاتم الانبياء والرسل ليضع حد الى كل من يحاول تطبيق النسخ عليه وكذلك قال اليوم اكملت لكم دينكم ليمنع النسخ لاحقاً.

قالوا حقيقة فلسفية وحقيقة علمية وحقيقة فنية وحقيقة دينية:

الفلسفة نتاج فكري وفيها من الخيال منذ اللحظة التي خطرت ببال الفيلسوف وهي طفرة نتيجة تراكم معرفي تشترك به كل الحواس ويحتمل الخطاء والصواب في سلوك وتصور الفيلسوف وهذه نسخت فلسفات وتناسلت عن فلسفات وتشعبت ودخلت كل العلوم بما فيها الفيزياء لتنتقل الى حيث اصبحت حقيقة علمية قلقة تنتظر نسخها

النظريات كل يوم جديد في الفيزياء والاقتصاد والتفاعلات والمواد كل يوم جديد والاحياء المجهرية كل يوم جديد والطبيعة كل يوم تنتج حياة او خلية حية جديده.

الحقيقة الفنية… الالوان لم تستقر كل يوم جديد وبتركيبة جديده ونظريات المسرح كذلك ومدارس التشكيل والقوافي والرقص كل يوم جديد.

الحقيقة الدينية…كل “الحقيقات” أعلاه يظهر انها بهدف فسح المجال لما يسمى بالحقيقة الدينية…ومع ذلك الخزعبلات والفتاوى والممارسات تتناسل وتتقاتل.

مما تقدم من نقاش المتناقشين نستطيع ان نقول انهم جعلوا:

الكذب حقيقة والصدق حقيقة والسرقة حقيقة والق*ت*ل حقيقة والاحتلال حقيقة والسياسة حقيقة والاديان حقيقة والثورة حقيقة ونظرية المؤامرة حقيقة والكفاح حقيقة والاخلاص حقيقة والاغ*تصا*ب حقيقة وغزو الفضاء حقيقة.

هذه الحقائق تضع الانسان في حيرة…أين هي “الحقيقة”.

عبد الرضا حمد جاسم

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!