مقالات دينية

حتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة فلا تخافوا

الكاتب: وردااسحاق
حتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة فلا تخافوا
كل آية من آيات الكتاب المقدس تحتاج الى قراءة وتأمل ودراسة وبحث للوصول الى تفسيرها الصحيح والأستفادة منها ، لأن هناك في النص عمق وفوائد كثيرة لنا ، وخاصة أقوال الرب يسوع الجميلة في العهد الجديد . والتي صاغها لنا بلغة بسيطة لكنها رائعة في حلاوتها ومعانيها وفلسفتها العجيبة وتأثيرها على حياتنا البشرية ، وتشجعنا وتقوينا وتعطي لنا الثقة لكي نجابه كل التحديات وفي كل مراحل حياتنا ، وهكذا ترفعنا دائماً فوق مستوى المخاوف من الفشل أو التهديد أو من المرض أو الشك واليأس وغيرها ، لا وبل حتى من المستقبل ولكي نتكل على مواعيد قائلها وكلامه ونؤمن بآلوهيته ومحبته الغير محدودة . لهذا نجد تلك المحبته تمتد الى أبسط الأمور في حياتنا وهو يعرفها أكثر من معرفتنا لذواتنا ، فيهتم بكل تلك التفاصيل الدقيقة التي تصل الى عدد الشعر في رؤوسنا والتي لم نفكر يوماً لمعرفة عددها ، ولا نعطي لها أهمية في حياتنا ، لا وبل قد نحلقها بالشفرة لعدم أحتياجنا لها ولا نكترث لأهميتها وجمالها . عبر الرسول بولس عن هذا ، فقال ( والأجزاء الجميلة فينا ليس لها أحتياج ) ” 1قو 24:12″ . فالشعر الذي هو للتجميل هو أقل ما فينا من أهمية ، لكنه مدرج في كشوف الجرد الألهي ! فعلينا أن لا نستخدمه لأجل التباهي والبهرجة . كان شعر شمشون طويلاً وكان علامة نذره وكان قد كَسِرِ عهدٍ بينه وبين الله ، لهذا كان مصدر قوته فكان عليه أن يحتفظ بذلك السِر الذي كان يربطه مع الله ، لكنه أستهان به فأباح بذلك العهد المقدس لدليلة الشريرة ، ففقد قوته وعهده وكرامته وبصره ومكانته كقاضي لشعبه وشعبه خسره . كذلك شَعرِ أبشالوم أبن داود كان جميلاً وطويلاً يتباهى بجماله وبسبب خيانته لأبيه الذي كان مركز أيمانه ، صار شعره سبب موته حيث ألتف حول أغصان شجرة البطمة وتعلق بها فنالوا منه أعداؤه ” 2 صم 9:18″ .
    نحن ليس لدينا سلطان على حياتنا فلا نسطيع أن نجعل شعرة سوداء من شعرنا بيضاء وبالعكس . الله هو خالقنا ويرافقنا دائماً ويسجل كل شى في حياتنا ويحصيها بدقة كما يحصي حتى شعور رؤوسنا ويحافظ عليها فمكتوب ( في كل ضيقٍ تضايق وملاك حضرته خلصهم ) ” أش 9:63″ . وكذلك يقول ( وأيضاً معه أنا في الضيقِ ) ” مز 15:91″ لا وبل يقول ( ومن البطن الى الشيخوخةِ أنا هو والى الشيبةِ أنا أحمل ) ” أش 46: 2-4″ أذاً علم الله دقيق في كل محل وتفاصيل حياتنا ويشمل كل دقائق الأمور التي لا نشعر نحن أنفسنا بها هو علم دام ثابت مستمر ومستقر لهذا يقول ( شعرة من رؤسكم لا تهلك) ” لو 18:21″ وهكذا يعطي لنا القوة لكي نطمئن بأقواله عندما يقول ( أما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعاً محصاة فلا تخافوا …) فعلينا أن نثق بكلام الرب ونؤمن به وفيه نجد الصبر والثقة كما نجد كل الحقائق اللازمة لنا والمشجعة في حاتنا الزمنية .
قد نقرأ هذه الوعود بصيغة ماضي في أحد الأناجيل بينما نجدها في صيغة الحاضر في الآخر فهذا يعني أن شعور رؤوسنا كانت معدودة عند الله في الماضي والحاضر والمستقبل لأن علم الله يمتد ليشمل كل شىء في كياننا وأعضائنا وأفكارنا الخفية وفي كل تفاصيل حياتنا ، لهذا يقول النبي داود ( يا رب قد أختبرتني وعرفتني أنت . عرفت جلوسي وقيامي . فهمت فكري من بعيد . مسلكي ومربضي وكل طرقي غرفتَ . لأنه ليس كلمة في لساني إلا وأنت يا رب عرفتها كلها … لأنك أنت اقتنيت كليتي . نسجيتني في بطن أمي …لم تخف عنك عظامي حينما صنعت في الخفاء . رأت عيناك أعضائي وفي سِفركَ كلها كتبت يوم تصورت أذ لم يكن واحد منها ) ” مز 139: 1-16″ . وهذا العلم الشامل يصل حتى الى شعر الرأس الذي قد يقف وينتصب بسبب الخوف المفاجىء أو يقشعر رعباً ، أو يتحول لونه الى البياض بسبب الحزن أو الشيخوخة . ولله علم في كل مراحل حياتنا والهدف من أعلان الله لعلمه السابق في حياتنا هو لكي يعطينا روح التسليم والخضوع لمشيئته فيقودنا الى حياة الثقة والأيمان به والى الفرح الروحي .
 ختاماً نقول: أن موضوع شعور رؤوسنا محصاة من قبل الله يدل على عظمة محبة الله لنا وعنايته الدقيقة وحفظه لنا من كل شر ولكي نطمئن بأننا محروسين بيمين الرب القدير . لهذا قال يسوع ( الذين هم في يدي لا يستطيع أحد أن يخطفهم مني ) ” يو10 : 28-29″ وكذلك وعدنا بقوله ( بأن شعرة من رؤوسكم لا تهلك بدون أبيكم ) وفي زمن الأضطهاد يقول لنا ( لا تخافوا) ” مت 10:28″ وكذلك في الموت أيضاً نحن فرحين ، لا وبل ( فالموت بالمسيح ربح ) ” في 21:10″ والقيامة ستعيد ألينا أمجاد أعظم . وكلما زادت ثقتنا بالرب كلما زاد تقدير لقيمة أنفسنا في نظره فننمو في محبته بأمان وفرح دائم .
ولألهنا المحب كل المجد
بقلم
وردا أسحاق عيسى
وندزر – كندا 
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!