مقالات عامة

حضارة تالزرانطا الأقدم في إفريقيا

يزن مقداد

 

 

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، و هذا ما حدث للاستعمار الفرنسي عند دخوله للجزائر فقد حاول بأقصى ما يملك أن يفرغ الجزائر من أصولها و أن يرومن جذورها و يدعي أن تاريخها لم يبدأ إلا مع روما و أن سكانها الأصليين ما هم إلا مجرد وفود كغيرهم ، و لكن الأمر كان عكس ذلك في صبيحة إحدى أيام 1890 في منطقة تدعى بعين الأحجر ( تالزرانت) بإقليم سعيدة بغرب الجزائر و حين كان يحفر أحد العمال تحت الأرض بمسافة تتجاوز العشرين مترا من أجل أشغال تتعلق بمياه الصرف الصحي و كان الكاتب و باحث الآثار البريطاني من أصول فرنسية ” لويس روبر * برفقتهم ، اثناء عملية الحفر تم العثور على بعض الصحون و سيوف قديمة بأشكال غريبة كذلك موضوعة في صناديق و تم العثور على آثار لجدران كذلك إضافة إلى ثلاثة ألواح ، إثنان منها مكتوبة بالخط الليبوأمازيغي و الآخر عليه رسم لشخصين يشيران إلى السماء و بينهما رمز يستعمل اليوم كتعبير عن الأمازيغ ، من حسن الحظ أن روبر تحايل و احتفظ بهذه الآثار و دونها في كتاب مذكراته الأثري ، و بعد تحليله لهذه الآثار التي يتجاوز تاريخها ال3500 عام على حسب تعبيره و إضافة إلى مصادره في الكتب القديمة ، وجد أنها آثار لأقدم حضارة في إفريقيا تدعى تالزرانطا و لحسن الحظ أنه مشابه تماما لتسمية المنطقة القديم تالزرانت ، تالزرانت يعني بالبربرية ” منبع الصخور ” و في أحد تلك الألواح مذكور وصف المدينة بأن فيها قلعة تطل على عين نابعة تحيط بها الصخور ، تلك القلعة كانت لمؤسس حضارة تالزرانطا يالزران ، في الالواح ذكر لبعض ملوك تالزرانطا كالملك أغاديس و الملك كاوا و الملكة مازيرا ، حيث كان نظام الحكم في تلك المملكة متوارثا حيث أنه حين وفاة الملك تتولى الزوجة الحكم كملكة و حين وفاتها يتولى أكبر فرد في العاىلة الحكم سواءا أكان ذكرا أو أنثى ، و إن كان زوج الأنثى عقيما فعليها تطليقه و الزواج بآخر لأن استمرار النسل مهم في تالزرانطا ، الألواح تدل كذلك على الفن التالزرانطي الذي يتجسد في رسم الذكر و الأنثى على شكل طائر العقاب الذي يعتبر مقدسا في تلك المملكة ، يذكر دارناطينوس في كتاب ” إلى بحر الظلمات لبلاتوس ” أن جذوره تعود لهذه المنطقة و أن جده الأول أسس هذه المملكة على أنقاض مملكة أخرى كانت فيها قام بتدميرها أوغاد الشمال على حسب ذكره.


تم تدمير مملكة تالزرانطا على يد الرومان في القرن الرابع مما أدى إلى قيام ثورة عظمى في المنطقة أدت لاحقا إلى طرد الرومان ، و لكن الشتات حل بسكان المملكة بعد ذلك ، المصادر و المعلومات قليلة جدا عن هذه الحضارة و لكنه لا شك أننا سنعثر عن أدلة أخرى عن هذه الحضارة العريقة بل و ربما عن الحضارة التي سبقت وجودها في نفس المنطقة

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!