مقالات

هل نجح الإ*سر*ائي*ليون في غ*ز*ة؟

هل نجح المحتلون عندما أقصونا عن ملف القدس، وجعلونا نلهث وراء هدنةٍ ليوم واحد فقط؟ بعد أن ظللنا نتغنى سنوات طويلة بأن القدس هي عروس عروبتنا؟
هل نجح المحتلون بعد أن أصبح إعلامهم هو السيد المسيطر على كل إعلاميينا، وبعد أن تمكن مضللو إعلاميهم أن يقودوا جماهيرنا نحو المجهول، وأن ييبدوهم بالقنابل تحت ركام بيوتهم ويزعمون أنهم أصوليون مخربون؟
هل نجح المحتلون عندما جعلونا ننشغل فقط بملفات الهدنة والتهدئة وإحصاء الشهداء والبحث عن آليات تدفن رفات شهداء بيوتنا، وعن ملجأ بعيد يمكَّن أطفالنا أن يعيشوا فيه كرماء!
من الذي مكَّن ديماغوجيا التضليل الإعلام الإ*سر*ائي*لي من قيادة جماهيرنا ا*لفلس*طينية الواعية، وجعلها تقود هذه الجماهير، بعد أن فقد إعلامنا زمام المبادرة، وانهارت الغالبية العظمى من كفاءاتنا الإعلامية ا*لفلس*طينية!
هل نجح مرتكبو أبشع جرائم التاريخ في أن يجعلوا المقاومة عبئا ثقيلا على كاهلنا، وسببا رئيسا لانهيار جبهتنا الداخلية، وأن نلقي عليهم كل تبعات ما جرى لنا، ونطالب بمحاسبتهم؟!
أيها المحللون والناقدون والمثقفون المغردون البعيدون عن ميدان المعركة ممن لا يزالون يعيشون ويعتاشون على لغة النشوة الخطابية، أشكركم على دعمكم ووقوفكم في صفنا، لقد ذكرتموني بخطابات عصر الإعلامي الراحل، أحمد سعيد!
كم كنتُ أودُّ أن تكونوا معنا في لجوئنا الجديد! إن لجوءنا الجديد لا يشبه لجوء الهاربين من الزلازل والفيضانات، لأن الناجين من هذه الكوارث قد يجدون مَن يُغيثهم، ولكن لجوءنا الجديد هو اليوم بلا ملاجئ وبلا قبور!
ليتكم بيننا لتروا أننا في أمس الحاجة لإعادة تعريف المقاومة والنضال،
اعذروني، فأنا أعلم أن السبب الرئيس هو الاحتلال، ولكنني لن أغفر أبدا ولن أبرر لكل من منح الاحتلال فرصة استئصال المفهوم الحقيقي للمقاومة في نفوسنا، المقاومة يا سادتي الكرام لا تعني فقط المقاومة العسكرية والحربية، هذه المقاومة هي الشق الأصغر من مفهوم المقاومة الواسع، المقاومة بمفهومها الشامل هي المقاومة السياسية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية!
المقاومة بمفهومها الواسع تعني أيضا الصمود والثبات في كل الجبهات، وليس في جبهة النضال العسكري فقط!
أصدقكم فأنا لا أجد عذرا يمكن أن يبرر ويعذر ويعفو عن كل مناضل لا يكترث بنهر الدم الجاري في غ*ز*ة، ولا يرى في إذلال شعبه وخضوعهم لإعلام العدو عارا وشنارا لم يسجل في تاريخ فلسطين! وهو في الوقت نفسه لا يعتبر ذلك خطيئة وإخفاقا في فهم معنى المقاومة بمعناها الواسع، المقاومة يا أيها الكرام في أبسط معانيها تعني تصليب وتقوية الجبهة الداخلية، لا إذلال هذه الجبهة وامتهان كرامتها!
لم تكن المقاومة والنضال تعني هدم صروح الوطن، والقضاء على كل معاول البناء والتعمير!
عذرا لكل محلل ومناضل وقائد سياسيي أنهضته أجهزة الإعلام في ساعات الفجر الأولى ليعلق على آخر مجزرة في غ*ز*ة، بعد أن تناول وجبة عشاء فاخرة، وهو يردد الشعار الإعلامي السائد ذا السوق الرائجة في أوساط كثيرٍ من الإعلامين والمحللين وفقهاء أسلحة الحروب، ويقيس الانتصار بعدد الصواريخ التي أطلقها المقاومون وطول مداها، ويعتبر عدد الآليات المعطوبة هو الدليل القاطع على هزيمة العدو!
تقاس المعارك يا سادة بنتائجها وبمقدار تصليب وترسيخ الجبهة الداخلية، وتعزيز صمودها، وهو التعريف الصادق للمقاومة!
اعذروني، لن أغفر أبدا بعد اليوم لكل من يقود شعبه إلى معركةٍ وهو لا يعرف قوة خصمه، ولا يدرك خطط وآليات هذا المحتل، وهو في الوقت نفسه لا يحسب حسابا لإذلال أهله وامتهان كرامتهم بالتشرد والجوع والنوم في العراء تحت المطر والبرد!
ملاحظة أخيرة: ظللتُ طوال حياتي حامل مفاتيح خزائن الأمل، استولد الأمل من رحم العدم، أقتبس جرعات التفاؤل والأمل في مقالاتي وكتاباتي، حتى شاهدتُ أبناء شعبي يتضورون جوعا، يتسولون، يُشردون، ولا يجدون نصيرا، ولا يجدوا لشهدائهم قبورا، ولا يظفرون بمِزق خيمة تقي الأمهات المرضعات من المطر!
إنهم حتى كتابة هذه السطور يستغيثون، ولا ينصرهم معتصمُ أو رشيد!
اعذروني أيها المتفرجون من بعيد على أم النكبات والمجازر إن مسستُ ح*ما*ستكم الإعلامية، وانتقصت من حميتكم الوطنية، وشككتُ في قناعاتكم وإيمانكم!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!