مقالات

الفيس بوك يسمح بتسييج أروقة خاصة

من سوق عكاظ إلى “فيس سوق” مرورا بسوق الأحزاب، وباختصار اكتب هذه التدوينة كتفاعل مع بعض التدوينات التي تعيب على الفيس بوك انفتاحه الشعبي والسماح لمن هب ودب بنشر التفاهات ونصوص تعج بالأخطاء الإملائية و النحوية إلخ…لأقول:
هذا “الحائط” هو عبارة عن سوق حيث السلع تعرض ولكل مشتر سلعته، بل هناك سلعة تبور ولا تجد من يشتريها وهناك مشتر لا يُجيد عملية الشراء فيشتري سلعة لا قيمة لها وهناك سلع جيدة لا تجد من يشتريها لأنها غالية حَرفا وحِرفيا، وهناك من يشتري مجاملة على بائع لإسعاده على تجشمه عناء العرض، وهناك من مازال متشبثا بالنشر الورقي إما لأنه لا يجيد استعمال هذه التكنولوجيا أو لأنه لا يثق فيها أو لا يحب أن يحشر نفسه مع “الدهماء”.
فهل نقاطع السوق أم نتعامل معه بذكاء بدون نظرة متعالية وكأننا القوة الكاملة التي توزع صكوك القيم ؟
فتجد من بين هؤلاء من يتأسف على زمن سوق عكاظ حيث كانت معرضا أيضا للحرف ولا يسمح إلا “للصناديد” لعرض بضاعتهم. لكن التاريخ لم يتذكر سوى بعض البائعين المهرة. ربما كانت لديهم قدرة عالية على التسويق فكانوا يجيدون تقنيات “الماركوتينج”، وربما منهم من كانت سلعته جيدة فكانت تستقطب الجيدين في الاختيار. إلا أن التاريخ لم يحدثنا على السلع التي كانت تجد إقبالا مجاملة أو تلك التي كانت جيدة ولم تجد أجود منها من المشترين. كما لم يخبرنا عن تلك السلع التي بارت فلا نعرف لماذا بارت. فهل فعلا كانت سلعة ناقصة او تعرضت لحملة مغرضة أفقدتها جودتها، خاصة وأن الصراع القبلي كان على أشده، فكانت هي القوة الحاسمة.
وهناك من يتأسف على زمن الملاحق الثقافية ناسيا أو متناسيا أن ذلك زمن الإخوان والرفاق وهلم معرفة كي تحظى بنشر حروفك. فهل كانت كلها سلعا جيدة؟ أم الحنين هو الذي يضفي عليها الجودة؟ هل فكرنا ولو لحظة كم فقدنا آنذاك من سلع جيدة لم تجد قبيلة حزبية تدافع عليها؟
كخلاصة، قبل غزو الفيس بوك كانت هناك مواقع جيدة تشتغل بمرونة و بعقلانية، لكن مع “الفيس بوق” أو “الفيس سوق”، والذي أصبح هو أيضا متجاوزا نسبيا حيث أصبحت الأسبقية للصورة أكثر من الحرف، أصبح في متناول الجميع اللعب بالحروف. فهل نحرم اللعب على من نعتقد بأنهم غير مؤهلين؟ أليس من حقهم اللعب حتى يتمكنوا؟ أم نعتبرهم ناقصي موهبة وكأن الموهبة وحي ينزل على المنتقدين المحظوظين وليست دربة وممارسة؟
“الفيس بوك” أو “سوق”، في نظري مسألة إيجابية مادام يشجع على الكتابة بغض النظر عن “غربال” ميخائيل نعيمة. ثم بفضله، أي “الفيس سوق” وليس نعيمة، عرفنا وتعرفنا على كتاب وربما من بينهم هؤلاء الذين يوجهون له انتقادات بدعوى انه مفتوح في وجه من هب ودب. إذن على كل مشتر أن يختار سلعته وأن يختار مجموعته مادام هذا “الفيس سوق” يسمح بتسييج الأروقة الخاصة، لأنه ما لا يروق المنتقدين قد يروق الآخرين، وما لا يروق من تعتبر نفسها “النخبة” قد يروق العامة بل وحتى الدهماء. فهذه السوق تظل مفتوحة في وجه الجميع مادام مؤسسها يجني منها الأرباح، وبطبيعة الحال البقاء للأقوى ذلك الذي تصبح حروفه تحمل “لابيل” الجودة في ردهات بورصة تضفي على أسهمه قيمة عالمية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!