مقالات سياسية

ترامب يعبر من على جسر الاسلام سالماً غانماً !!

كاتب

الكاتب اوراها دنخا سياوش

هذا المقال كتب بتاريخ 31/03/2016 وقد قدمت فيه رؤياي في اسباب صعود نجم ترامب. مقال قديم جديد اعيده لانه يناسب دراما وصول ترامب الى رئاسة الولايات المتحدة الاميركية، والتي فاجأت العالم، فغير المتوقع اصبح واقعاً، واثبتت السياسة مرة اخرى انها فن الممكن… اليكم المقال:
ترامب … وجسر الاسلام الى الرئاسة !
في ضوء الانتخابات التمهيدية الاميركية، برزت حالة وظاهرة استطيع ان اسميها الظاهرة الترامبية من خلال شخصية ترامب الذي ينوي الوصول الى قمة العرش الاميركي على حساب الحزب الجمهوري، الذي بات حائراً امام هذه الظاهرة التي يبدو انها شقت الصف الجمهوري ما بين مؤيد ورافض، للعنجهية التي يتمتع بها هذا المرشح. ان معايير السياسة ترفض هذا النوع من الشخصيات التهجمية والانفعالية، لأنها تتسبب في مآسي وعواقب غير محسوبة، على البلد الذي يقودها. لكن يبق السؤال، لماذا هذه الظاهرة وفي هذا التوقيت بالذات ؟ ومن هو المسؤول على ظهورها ؟
من المعلوم ان المرشح للرئاسة الأميركية، يمتلك رؤى نابعة من الواقع المحيط به ومن الواقع العالمي، ومن هذا الواقع يحاول بناء استراتيجية مؤثرة على عقلية الناخب، الذي هو المواطن، الراغب بحياة مرفهة وسعيدة في وطنه.
من الواضح ان ترامب استغل الوضع النفسي للأمريكان وتأثرهم بأحداث الحادي عشر من سبتمبر اولاً، ومن ثم بروز الفكر السلفي بوجه بشع جداً، مما شكل صدمة غير مسبوقة للرأي العام العالمي اولاً والامريكي ثانيا، لاطلاعه ومن خلال التكنولوجيا السريعة المتاحة على الممارسات الفعلية والعملية للتوحش الصادر والمدعوم من الفقه والفقهاء السلفيين وحتى غير السلفيين المتعاطفين معهم من الفقهاء الاخرون وعامة الناس. كان هذا مدعاة للعالم اجمع للبحث عن سبب هذه الظاهرة التي تبين انها ظاهرة فكرية جرى نبشها من بطون الكتب الفقهية القديمة، وطرحها لعامة الناس باعتبارها مقدسة، وان الكتب المقدسة لا يحصل بها تصحيح ويجب العمل بها ابد الدهر، وبهذا صار المؤمن عدواً للناس من خلال تعلقه بتلابيب الله، واصبح كالذئب البري، يغزو ويق*ت*ل ويذبح ويسلب ويسبي باسم الله.
ومن واقع الشرق السياسي والاجتماعي السيئ اتجهت شعوبها الى محاولة تغيير هذه الحالة، فاتجهت الى تشكيل قطعان من الذئاب البرية، تحت راية المقدس المدفون في باطن الكتب، ليتم طرح مفاهيم جديدة وغريبة على العالم، في حين انفتحت قوقعة الذئاب هذه، وطرحت نفسها كبديل لتجاوز ليس ازمات الشرق فقط وانما ازمات العالم من خلال محاولة غزو هذا العالم بهذا الفكر وبالتالي فرض السيطرة التامة عليه. وصارت هذه القوى الشريرة (المؤمنة !) تجهر بمعتقداتها غير الانسانية تجاه الشعوب الاخرى، من خلال طرح مفهوم الولاء الذي هو حب الله (ودينه الاسلام !) والمسلمين، والبراء الذي هو بغض، وبراء ومعاداة الكفر والكفرة، والذين، بطبيعة الحال ومن منظور هؤلاء، هم غير المسلمين، اينما كانوا على هذه البسيطة، مما تطلب معاداة الكافر، حتى وان احسن الى المؤمنين واعطاهم، لا بل بلغت الوقاحة بهؤلاء (المؤمنين !) ان يفتوا بوجوب التصريح بالعداوة والبغضاء (للكفار !) الذين يحسنون اليهم، لاعتقادهم ان الحفاظ على الدين (اولى !) من الحفاظ على الانسان. فعلى سبيل المثال يقول الامام الشاطبي في كتابه الاعتصام: نحن مأمورون بمعاداتهم، وهم مأمورون بمولاتنا. والمقصود هنا غير المسلمين، بالإضافة الى المسلمين الذين لا يؤمنون بفكرهم المتوحش. لا بل الانكى من ذلك، حين يذهب ايمن الظواهري الى ابعد من هذا، وادق في تعابيره، عندما يعلن: يجب علينا ان نق*ت*ل المسيحيين، ويجب عليهم السكوت والرضا، والاذعان والكف عن ايذاء اي مسلم، بسبب وجود النص عندنا، وغيابه عند المسيحيين. ومن هذا المنظور صار واجباً على المؤمنين الجهاد في سبيل فرض عقيدتهم بالقوة، وانقسم الجهاد الى قسمين: جهاد الطلب، الذي هو غزو بلاد الكفار والمشركين في عقر دارهم، وجهاد الدفع وهو ان يدافع المسلمون عن بلادهم في وجه عدو مترد او كافر او حتى مسلماً، والمقصود هنا المسلم الذي لا يتبع عقيدة السلفيين.
من هذا الفكر نبغت وظهرت ايضاً ردود فعل من غير المؤمنين بالإسلام، وغير المؤمنين بالدين، وسعى البعض ولا يزال الاخر للوصول الى سلطة تمكنه من الوقوف في وجه هذا الفكر، او على الاقل استغلال هذا الفكر المتطرف للوصول الى غايته من خلاله ومن خلال معاداته… فكان ترامب !
ان الجسر الذي يحاول ترامب العبور من فوقه والوصول الى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، هو الاسلام ! فقد استغل هذا المرشح تدني سمعة الاسلام، بسبب هذه الحركات الجهادية، ليقتنص الفرصة الذهبية ويضغط على عصب ووتر الدفاع عن البلاد من خلال ابعاد شبح المسلمين والاسلام عن اميركا ان لم يكن ترويضهم، في حالة فوزه بالرئاسة.
قد، واقول قد يكون ترامب محقاً بعض الشيء عندما يتعلق الامر بهؤلاء السلفيين، لكنه بالتأكيد غير محق عندما يتطاول على البقية، ويهدد، لان هكذا سياسة عنيفة لا تولد سوى العن*ف، وتقود البلاد الى الهاوية، وقد تنهي عظمة اميركا…
الغريب في الامر هذا الدعم الذي تلقاه من الشعب الامريكي، في الولايات التي فاز بها وصار يقترب من ترشيحه ممثلا للجمهوريين، والذي في مضمونه يؤكد ازدياد نسبة المعارضين من الأمريكان، للإسلام والمسلمين، وهو على الأرجح بسبب ما ذكرناه اعلاه، من تصرفات المتطرفين، مما حدا الى الوقوف في صف ترامب، ومؤازرته ومساندته للفوز برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. وقوف هذا العدد دعما لترامب يجعل من الضروري ان يقوم المسلمون بإعادة النظر في الفكر الاسلامي المتطرف، وان يدركوا ان الله لوشاء لجعلها ملة واحدة، فكما يوجد تطرف في الاسلام هنالك ايضا تطرف في بقية الديانات، وتضارب التطرف مع بعضه البعض يعني الحروب والدمار …
في النهاية سواء فاز ترامب ام لا فنحن ابناء الله جميعاً على هذه الارض، نرتدي حللاً مختلفة، فلنحب بعضنا بعضا، يحبنا الله جميعا.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!