مقالات سياسية

المسيحون العراقيون (4)

الكاتب: عبدالله النوفلي
 
المسيحيون العراقيون
الواقع وآفاق المستقبل في العراق (4)
ونحن نتابع هذه السلسلة من المقالات قد يدور في أذهاننا أسئلة كثيرة لماذا نحن هكذا وهل حقا ما نؤمن به هو السبب؟ فإننا قد تَعوَّدنا أن نُلقي باللوم على غيرنا عندما تحدث المشاكل، ولابد أن نجد شماعة نعلق عليها أخطاءنا لأنه بكل تأكيد ليس للإيمان بما جاء به السيد المسيح له المجد السبب في بلوتنا بمثل هذه الأحداث، لأننا نجد اليوم من يحاول جاهدا أن لا يكون هكذا لكن أخوة له يقومون بأحباط محاولاته لسبب في نفس يعقوب وعلى قول المثل : إن أبي لا يقدر فقط على أمي!! ونتصرف كالأسود مع أخوتنا وكالأرانب مع غيرنا.
للأسف هذا ما نستشفه من مواقف وتصرفات أطراف كثيرة في شعبنا المسيحي، فلم نلاحظ مطلقا أنهم توحدوا بصفاء نية واتفقوا على تصرف أو رأي أو ذهبوا كمجموعة واحدة أمام الغرباء يتكلمون بذات النفس، وكان لي الشرف أن أحضر العديد من اللقاءات مع  الغرباء ومع أطراف من ممثلي شعبي لا أحب أن أذكر اسم أحد لكنهم ودون تفرقة كانوا جميعا يتصيدون الفرص كي يُظهروا للغريب أن أخاهم هذا هو على الموقف الخطأ وأنهم فقط على صواب وحتى لو تتطلب الأمر التجريح أو التشهير، خاصة عندما لا تكون لدى الطرف الآخر ذات النية أو ذات الأسلوب لكي يقابل بالمثل أخاه الآخر.
فهل هذا نابع من الايمان، ونحن نرى شعوبا مختلفة تردد عبارة : أنصر أخاك ظالما كان أو مظلوما!!! ولكننا لسنا مثلهم، وربما هذه حسنة، لأن الانسان يجب ان يقف مع أخيه في الحق ويرشده إليه إن كان ظالما كي يعود إلى جادة الصواب ويكسب أخاه ويكون الاثنين يسيران في طريق الحق والعدل، لأن الله خلق الانسان كعنصر اجتماعي ولا يمكنه العيش وحيدا، بل متعاونا مع أخوته الآخرين وهكذا نجد من يقول: (أن الجنة بدون أوادم ما تنراد)، وجنتنا هي بطرد أخوتنا من أمامنا وتحجيمهم وخنقهم في زاوية ضيقة كي تبقى الفئة القليلة هي المتنفذة، فحتى في صناديق الاقتراع التي كانت الفيصل في صعود البعض من أهلنا إلى مواقع برلمانية وجدت بنفسي أحد مرشحي شعبي وقد ألصق ملصقه الانتخابي فوق ملصق أحدى المرشحات المسيحيات!!! وهنا أتساءل: هل لو كانت هذه من شعب غريب كان يستطيع هذا المرشح المسيحي أن يقوم بفعلته هذه؟ ولقد وثقت ذلك بصورة بكامرتي حينها، هل هذا هو عمل أخلاقي؟ وهل هذا المرشح حاليا يهنأ بموقعه في البرلمان، وربما يزايد بالأخلاقيات على غيره ممن كان ملتزما بقواعد الدعاية الانتخابية، وليس كل هذه التصرفات هي التي حدثت في الانتخابات الأخيرة بل أن أشخاص محسوبون على أحدهم قاموا بتمزيق ملصقات آخر وبشكل يتضح أنه تم عمله عنوة كونه من أبناء شعبنا المسيحي، لأن ملصقات غيره كانت موجودة في ذات المكان لم يمسسها أذى وبقيت سليمة!!!
هذا في حقل واحد وبسيط تصرف من أراد أن يكون ممثلا لنا، فكيف في غيرها، والمصيبة أن من نتحدث عنهم هم الآن في مواقع مهمة ويتصرفون وكأن شيئا لم يكن، ونحن مازلنا نلقي باللوم على صدام وسياسته وعلى الأرهاب وأفعاله المشينة، وعلى وعلى … أما أن نبحث عن أصل المشكلة فغالبا ما نلجأ إلى تجنبها، وأن ذلك عيب ومايصير وخطية، وحقوقنا دائما على قول أخوتنا العرب (مهضومة)، لأننا أيضا عاشرنا الأشرار وصرنا نتصرف كما يتصرفون، وهنا سأورد مثلا آخر عن البرلمانيين، فقد تحدث أحدهم وللدقة ليس هو بل حماية له عن تصرفه معهم وعن استقطاع جزء ليس بالقليل من مرتباتهم التي قالوا أنه يأخذها هو من مالية البرلمان ليوزعها عليهم، وحسب قولهم أن البرلمان كان يخصص آنذاك 750 ألف دينار للحارس الواحد بينما كان أخينا البرلماني وأعتقد أنه كان رجل دين إن لم تخني الذاكرة يُسلم لحمايته 400 ألف فقط!!! وفي وقتها قال هؤلاء أن برلمانيين من شعبنا يقومون بذات العمل، ولم أستطع التحقق من ذلك في حينها.
ولكن المصيبة إن صحت هذه الأفعال فماذا تركنا من الأفعال المشينة ولم نرتكبه مع أخوتنا ونحن في نفس الوقت نتباكى أنهم يتعرضون للأذى وأنهم يهاجرون أو تُسلب حقوقهم ونحن بالأول لم نعطِ لهم حقوقهم فكيف نطلبها من الأغراب؟ وليس هذا فقط بل أن بلدات شعبنا يتم التعرض لها بغية أحداث تغيير ديمغرافي فيها وأمام مرأى ومسمع ممثلي أهلنا أو المسؤولين في تلك البلدات دون أن نتعاون معا لإيقاف ذلك وحتى من يتبوأ المسؤولية هنا وهناك في تلك البلدات وأحيانا يتم الأعلان عن توزيع أراضي فيها ويتم ذلك على مستوى ضيق … وهذا لا يُخبِر أبنا شعبنا كي يبقى الأمر في نطاقه الضيق ويستفاد منه من يريد له المشرع أن يستفاد.
ونحن أزاء هذا أو غيره نتحدث أن هناك أجندات لإحداث هذا التغيير ونحاول تغطية ما يقوم به أفراد من شعبنا كي يساعدوا من يريد أحداث التغيير بتصرفاتهم وربما ليست الأجندة مع هؤلاء متطابقة لكن النتيجة هي واحدة، وبرطلة ليست بعيدة عن الأذهان بما عانته قبل سنتين في احتفال معين وصل الأمر به لنشوب اقتتال طائفي!!!
وهكذا سنجد ربما ذات الشيء سيحدث في بغديدة أو تلكيف وغيرها من البلدات ونُصلي إلى الله أن لا يسمح كي يحدث مثل هذا الشيء وأن نصون دماء وأراضي وأملاك من تبقى هناك متشبئا في بلدته، لأن الإنسان مهما كان متغربا ويعيش سعيدا في غربته لكنه يشعر بأنه ليس بين أهله وأخوته، وإن كل ما هو من حوله غريب عنه في العادات والتقاليد والممارسات.
وللموضوع صلة…
عبدالله النوفلي
 

 
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!