مقالات دينية

القديس مار متى الناسك ( ܡܪܝ ܡܬܝ )

القديس مار متى الناسك ( ܡܪܝ ܡܬܝ )

إعداد / وردا إسحاق قلّو

ولادته ونشأته

ولد في قرية ( أبجر شمالي ) – ديار بكر التركية في الربيع الأول من القرن الرابع . كان والداه مسيحيين بارين سالكين بحسب شريعة الرب بلا لوم ، وقد أنعم الله عليهما بالمال الوافر وبأولاد صالحين ، كان لديه أختان وأخ اسمه زكريا عاشوا حيلة الدنيا . توفي والده فترك الدنيا وترهب في ميعة صباه . وتنسك في دير صغير قريب من قريته اسمه ” دير مار سركيس وباخوس وكان يحتوي على خمسة رهبان فقط ، قضى فيه سبع سنوات ز ثم أنتقل إلى دير زوقنين بظاهر ديار بكر حيث لبس الإسكيم الرهباني ورُسمَ كاهناً ، تبحر في الكتاب المقدس ومصنفات الآباء على أيدي أساتذة ماهرين ورهبان أتقياء .  ولما أثارالإمبراطور الروماني يوليانس الجاحد إضطهاده للكنيسة المسيحية عام 361م لاحق الرهبان من أجل إبادتهم . فهرب مار متى ديار بكر مسقط رأسه بلاد آثور في المشرق يرافقه أكثر من عشرين راهباً زاهداً أشهرهم مار زكاي ومار دانيال إبراهيم . إنفرد مار متى أولاً في صومعة صخرية في جبل مقلوب ، لا تزال ماثلة إلى اليوم . ثم ترأس الدير الذي شيّدهُ وكنيسة كان يجتمعون فيها أيام الآحاد والأعياد للصلاة ،وإقامة القداديس الإلهية والإشتراك بتناول القربان المقدس . وأشتهر بتقواه وقداسته وممارسة أعمال التقشف ، وكذلك بالتبشير بالأنجيل ، وتعليم المؤمنين أصول الدين المسيحي المبين . كما عُرِفَ بصنع المعجزات الباهرات ، فشَرَفهُ الله بصنع الكرامات والأشفية . على يده تم شفاء سارة أخ القديس بهنام والأثنان على يديه آمنا بالمسيح ..

ܕܝܪܐ ܕܡܪܝ ܡܬܝ 

نبذة عن تاريخ دير مار متى للسريان الأرثوذكس 

دير مار متي
يقع دير مار متى في جبل مقلوب ( جبل الألفاف ) على مسافة 30 كم شمالي شرقي الموصل . أضحى هذا الدير من أشهر وأجمل الأديرة في ما بين النهرين نظراً للأدوار المهمة التي لعبها في تاريخ كنيسة المشرق ، بعدئذ بعديد نساكه حيث عدوا بالألوف لهذا سمي بجبل الفاف. كما اشتهر بمعهده اللاهوتي والعلماء الفطاحل الذين تخرجوا فيه ، فقد كان موطناً للتعليم منذ العقد الثالث من القرن السابع وحتى أواخر القرن الثالث عشر ، ومنه شع نور الإنجيل في جوانب كثيرة من بلاد المشرق ، كما اشتهر بمكتبته الذائعة الصيت ، وبمخطوطاته الثمينة . وبالرغم من الشدائد العنيفة التي ألمَّت بهذا الدير على مر العصور والأجيال فما يزال بعض أبنيته ماثلة إلى اليوم .  أسسه القديس مار متى الناسك في غضون القرن الرابع الميلادي . وتعين أول رئيس عليه . وإنضوى إليه بضعة آلاف من الرهبان والمتوحدين من كورة نينوى وغيرها من بلاد العراق وفارس . لا نعلم التصميم الأول لهذا الدير . وبسبب الغزوات والكوارث التي ألمّت به إنعدمت فيه الآثار الفنية وإندرست النقوش والزخارف . والباقي إلى يومنا هذا من أجزائه الجميلة والأصيلة هي : 1- المذبح وبيت القديسين ( وهما جزء من الكنيسة ) 2- قلاية القديس مار متى 3- الصهاريج 4- بعض الكهوف والصوامع. الدير الآن محيط بسور كبير.

الدير في مختلف العهود وعبر التاريخ 

بعد مرور مائة عام تقريباً من تأسيس الدير أصيب بحريق هائل عام 480 م وعلى أثر ذلك قضي على معالمه ، وترك قاعاً صفصفا . وفي نهاية القرن الخامس عاد إليه بعض الرهبان وأستأنفوا الحياة النسكية فرمموا الدير المحترق حتى برز اسمهُ من جديد في عام 544 فواصل مسيرته التاريخية بصورة منتظمة سيما في العهود العربية التي عقبت العهد الساساني . وفي عام 1171م هُجِرَ بسبب إعتداءات الدخلاء المجاورين ، وظل مهجوراً حتى عام 1187 ثم أستؤنفت فيه النشاطات الكنسية في شتى المجالات . ولما جاء ياقوت الحموي الجغرافي العربي الشهير لزيارة الموصل في مطلع القرن الثالث عشر حيث كانت قد أشتهرت بمدارسها وعلمائها وعمرانها على عهد بدر الدين لؤلؤ . زار الدير، وقال فيه ( دير مار متى بشرقي الموصل على جبل شامخ يقال له جبل متى . من إستشرفه نظر إلى رستاق نينوى والمرج . وهو حسن البناء وأكثر بيوته منقوشة في الصخر . وفيه نحو مائة راهب . لا يأكلون الطعام إلا جميعاً في بيت الشتاء أو بيت الصيف وهما منقوران في صخرة . كل بيت منهما يسع جميع الرهبان وفي كل قبالة آلة المائدة التي تقابلها من غضارة وطوفرية , وسقرجة تختلط آلة هذه بآلة هذه , ولرأس ديرهم مائدة لطيفة على دكان لطيف في صدر البيت يجلس عليها وحدهُ . وجميعها حجر ملصق بالأرض وهذا عجيب أن يكون بيت واحد يسع مئة وهو حجر وموائده من حجر . كما زار الدير الرحالة كونراد برويسر عام 1909 ووثق الدير بالكثير من التفاصيل ومن أهمها تاريخ بنائه ، والصوامع المحيطة به . منها قلاية مار متى وقلاية مار زاكاي ومار أسحاق وقلاية إبن العبري وهي من أجمل قلايات الدير\ن وعرفت ب\اسم المفريان إبن العبري لتردده إليها لغرض الكتابة والقراءة .

أما في فترة د*اع*ش فتم إبلاغ المطران مار طيمثاوس موسى الشماني رئيس الدير من قبل قوات البيشمركة التي كانت متمركزة على جبل بعشيقة الوقع قبالة جبل مقلوب بضرورة إخلاء الدير بسبب هجوم قوات د*اع*ش على محور بعشيقة والخازر، لكن لم يتمدد العدوان نحو الدير، تم تنفيذ البلاغ من قبل مطران الديرالذي غادر الموقع مع عدد من الرهبان  .

 دير مار متى هو مقر رئاسة أبرشية دير مار متى ، يتبعها الخورنات السريانية الأرثوذكسية التالية ( برطلة – بعشيقة – بحزاني – قرى ميركي – مغارة – البركة – ألفاف ) يبعد الدير عن بلدة بعشيقة بمسافة 5 كم . الدير يحتوي أيضاً على كنائس منها كنيسة القديس متى الواقعة من جهة الشرق والتي شيدت على طراز الكالوف في إنشاء كنائس الشرق . كما يضم الدير كنيسة السيدة والتي تقع إلى الجهة الشرقية أيضاً ، وهي أعلى قليلاً من كنيسة القديس متى ، وهي كنيسة قديمة قام بتجديدها البطريرك مار جرجس الرابع في عام 1762 .

أصدرت الشركة العامة للبريد والتوفير العراقية طابع تذكاري عن دير مار متى فئة ( 1000 ) دينار بتاريخ 10 – 10 – 2022 .

طابع مار متي

وفاة القديس 

توفي القديس مار متى الناسك في ديره شيخاً طاعناً في السن في أواخر القرن الرابع أو بداية القرن الخامس الميلادي ودفن بجوار مذبح الكنيسة في الدير في موضع يدعى بيت القديسين . يحتفل بعيد القديس متى يوم 18 أيلول من كل عام .

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!