مقالات عامة

الفن التشكيلي والمعماري الأوربي في عصر النهضة

الفن التشكيلي والمعماري الأوربي في عصر النهضة

بقلم / الفنان التشكيلي وردا إسحاق قلّو

     الهندسة الباسيليكية القديمة أستمرت حتى القرن العاشر في إيطاليا . لكن في فرنسا رفعت أبراج السطوح عالية ، ومنذ القرن العاشر إلى الثاني عشر جرت محاولة لهندسة جديدة ” الرومانسكية ” مع كاتيدرائى ساسن ( 1130) ولاون ( 1163) . إنها تعبير عن القوة والثبات ، مع جدران سميكة وشبابيك صغيرة قليلة ، والنحت البارز في مشاهد الدينونة الأخيرة في المداخل . ثم ظهرت عقلية جديدة ، تبينت وازدهرت في الفن الغوطي من خلال كاتيدرائيات فرنسية عديدة . حفظت في ألمانيا الهندسة الرومانسكية . ونقلت في إنكلترا الغوطية بطريقة خاصة ( كاتيدرائية دورهام ، وكنتوربري ، ويستمينستر ، يورك ) . أن فرنسا وطن الفن الغوطي الصافي ، الذي يتجه نحو الحركة الديناميكية إلى الأعلى ، والتغلب على ثقل المادة ، وسط الألوان البراقة من الشبابيك الكبيرة العظيمة .

   أصبحت الكاتيدرائية كتاباً مصوراً منحوتاً للتعليم المسيحي ، حسب أفكار لاهوتية ورموز كتابية وغير كتابية ، حول علاقة العهد القديم بالجديد ، ثم حياة المسيح والقديسين ، مع تماثيل العذراء والشفعاء ، وأخيراً مع تعابير عن الحياة اليومية ، العمل حسب المواسم ، وصورة النبوية التي ترعب الخاطئين ، لتدعوهم نحو رحمة الله الوافرة . الفكرة الأساسية التي جعلت النهندسين يبحثون عن طريقة البناء هذه ، كانت فكرة لاهوتية قديمة . أن الكنيسة هي رمز أرضي لأورشليم السماوية ، وبواسطة وسائل مادية تحاول الهندسة التعبير عن هذه الرؤيا السماوية ، خاصة من خلال السقف العالي مع الأقواس المحدبة حول الأعمدة الأربعة الرئيسية ،، والجدران المكونة من نوافذ وألواح زجاجية ملونة ، وكان الضوء يخترق الجدران الزجاجية الشفافة . كنائس عالية وطويلة مطعمة بفسفسائيات من الزجاج الملون ، ومزينة بمئات من الأعمال النحتية تمثل أشخاصاً قديسين بطريقة طبيعية لاهوتية .

الفن الرومانسكي في القرن الحادي عشر :

حاول الغرب في القرن الحادي عشر الخروج من ظلام الإنحطاط ، وإصلاح الأبنية التي دمرت أثناء الغزو النورماني . برز في الجنوب العالم العربي في بعض المراكز كقرطبة وغيرها ، وقُبل في الشرق الروس في الكنيسة وأزدهر الفن البيزنطي المتوسط ، الذي أثر على البندقية وإيطاليا وألمانيا . حاول الغرب الدفاع عن المملكة المسيحية في حين أن البابا غريغوريوس السابع بذل جهوده للتغلب على منافسه الأمبراطور في صدد السلطة العليا ، كنسياً ودولياً . في هذه الفترة كان دير كلوني أعظم مؤسسة دينية كنسية وأهم مركز ثقافي . سنة 1095 كرست كنيسة كلوني الثالثة على يد القديس هوغو ، وكانت أكبر كنيسة وقتذاك ، وبنيت على قياس كنيسة مار بطرس في روما . إلى جانبها الكنيسة الضخمة الثانية ، الكنيسة الأمبراطورية في سبيرس على ضفة نهر الراين . زد على ذلك نفوذ مراكز الحج المتعلقة الواحدة بالأخرى ، كسلسلة من الكنائس في طريق المسافرين نحو ذخائر القديسيين . كذلك مع تطور الشعور الوطني خاصة في فرنسا ، أسبانيا الشمالية ، أيطاليا ، ألمانيا ، إنكلترا الس*-ك*سونية ثم النورماندية . وفي فرنسا ظهر الفن الغوطي المتقدم فبنيت أديرة رومانسكية ضخمة ، وتم تجديد الواجهات الأمامية لبعض الأديرة مع تقليل الجدران لوضع شبابيك كبيرة لأدخال كمية أكبر من النور .

    في القرن الخامس عشر ظهرت في \ايطاليا حركة ثقافية وفنية في وسط الأزدهار الثقافي الرائع لإاكتشفت صورة جديدة عن الإنسان والمجتمع دفعت المبدعين إلى البناء والتطور حسب أفكار علمية لمجتمع القرون الوسطى في حقل الأعمال القانونية والعلمية ، ثم في الفنون ايضاً نحت تمثال الفارس ( دوناتيلو ) وتميز أسلوب رسامين فيرنزا ( ماساشيو ، ليبي ، بوتيشيلي ) ، وكذلك ليوناردو دافنشي ( 1452-1519) الكاتب والعلامة والفنان الذي حاول أن يرسم الجمال الأعلى ، والتوازن العقلي ، في الوجوه الإنسانية المثالية بأسلوب جديد مستمداً ذلك من العمق الديني تعبيراً عن ذلك وضع برونليشي قبة كنيسة فيرنزا ( 1420 – 1434 ) منذ ذلك الوقت ، وإلى بناء قبة كنيسة القديس بطرس في روما من قبل مايكل أنجلو نحوسنة ( 1550 ) . أزدهرت النهضة التي أحدثت تغييراً في التفكير والتصرف الإنساني . أنتقل التركيز من مجتمع الكنيسة الواحدة إلى الإنسان الفردي . ومن القوانين الإلهية المتشددة إلأى الحرية العقلية ، ومن التصوف الروحي والكاتدرائيات العالية إلى القصور المدنية العالية إلى القصور المدنية العادية والواقعية البيتية . وإلى جانب الطبقات الثلاثية في القرون الوسطى ، الفارس والقس والفلاح ، يظهر الآن العالم والفنان والتاجر . إنها ثورة ونهضة للإنسان البالغ الكليم بأسمه الذي يرسم حسب أسلوبه ، والذي يكتب عن نفسه ويدافع عن شرفه الشخصي ، وإكتشافاته العلمية العقلية ، وينتقد المجتمع . يردع هذا الإنسان في خط القدماء إلى الطبيعة ، إلى إمتلاء الحياة الإنسانية ، مع القيم الجسدية حسب الإكتشافات الحديثة العلمية . قدم الفنانون مواضيع غير دينية ، وخاصة مشاهد من الأساطير الإلهية الوثنية . أكتشفت الطبيعة والعالم بشكل أوسع مما كانت عليه خلال القرون الوسطى .

 في القرن السادس عشر انتشرت حركة النهضة في بلدان أوربا كلها ومع مرور الزمن ، أصبح أسلوب النهضة الخفيف اللين الجميل الذي كان في القرن الماضي أكثر إحتفالي وضخم في القرن السادس عشر ، كما أن المركز نقل من فيرنزا إلى روما . بابوات النهضة جمعوا في روما كل الفنانين الكبار ، لكن الفرح بالأمور الطبيعية والصراحة في التوازن والصفات الخاصة لبداية النهضة تغيرت غلى حركة شديدة الهوية ، مع المبالغة في الحجم والتزيين . في هذه الأثناء ألف آريوزو متابه ( رولاند الثائر الهائج ) وشدّ مايكل أنجلو حركة النهضة نحو ( الباروك ) كما يظهر من بناء قبة كنيسة مار بطرس ( 1547- 1564 ) لذا يمكننا القول بأن النهضة الإيطالية انتهت سنة ( 1494 ) مع الهجوم الفرنسي ، وخاصة سنة ( 1527) مع سلب روما على يد الجنود الألمان ونفوذ الغرباء فيها .  

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!