مقالات دينية

العلاقة بين الفصح اليهودي والمسيحي ومعنى خبز الفطير

وردا إسحاق قلّو    

 

 

العلاقة بين الفصح اليهودي والمسيحي ومعنى خبز الفطير
بقلم / وردا إسحاق قلّو
( من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية ، وأنا أقيمه في اليوم الأخير ) ” يو 54:6″
عيد الفصح ، كان في البداية إحتفالاً يهودياً عائلياً يمارس ليلاً في يوم الرابع عشر من نيسان . وكان يقدم للرب حيوان صغير مولود السنة نفسها وذلك لأستمداد البركات الإلهية . أي يبدو إنه يعود إلى زمن ما قبل موسى النبي ، وقبل خروج الشعب العبري من مصر . بعدها قال الرب لموسى ( سبعة أيام تأكلون فطيراً . وفي اليوم الأول ترفعون الخمير من منازلكم ، فإن كل من أكل خبزاً من اليوم الأول إلى اليوم السابع ، تفصل تلك النفس من إس*رائي*ل ) ” خر 21:12 ” .
عند خروج الشعب العبراني من مصر أمر الرب موسى ، وقال ( منذ الآن يكون لكم هذا الشهر رأس الشهور
وأول شهور السنة .خاطباً كل واحد أن يأخذ حملاً لعائلته بحسب بيوت الآباء ، لكل بيت حملاً ، فإن كان أهل البيت أقل من أن يأكلون حملاً ، فليأخذوه هم وجارهم القريب منهم بحسب عدد الأشخاص الموجودين هناك فيكون الحمل بحسب ما يأكل كل واحد ، حمل تام حولي يكون لكم ، من الضأن أو المعز تأخذونه ) ” خر 12: 2-5″ ولطعام الفصح اليهودي معاني وتفاصيل دقيقة مع ضرورة أكل الحيوان بأكمله لوجود علاقة بين الطعام والعبور من البحر نحو أرض جديدة . فمعنى عدم إبقاء أجزاء من الحيوان بدون أكل هو أن يترك الشعب العبري وراءه أرض العبودية ، وله صفة خاصة متعلقة بعشاء الفصح ، فكل العناصر التي يتألف منها العشاء هي مغذية روحياً ، ولها معاني عميقة في وجدان المشاركين . والمقصود بالحيوان الحولي والذكر ( الحولي ، هو أن لا يتجاوز عمره سنة واحدة ) . لماذا يجب أن يكون ذكراً ؟
لأنه رمز للحمل الإلهي الذي سيأتي في ملء الزمان ويذبح عن البشرية كلها .
في الليل الذي تناول به الشعب العبري الخروف وضعوا جزء من دمه على قائمتي الباب وعارضته . لكي يعبر
من ذلك البيت الملاك . وهكذا نجى الرب أبكار اليهود من الموت ، بينما ضرب الملاك كل أبكار المصريين في
تلك الليلة ، فالحمل كان الضحية بدل الحياة لأبكار الشعب العبراني .
ما معنى خبز الخمير ، ومعنى الفطير ؟
عندما أعد الحمل على النار ، فتم أكله هكذا وبأمر من الرب ( ويأكلون لحمه في تلك الليلة مشوياً على النار ، بأرغفة فطير مع اعشاب مرةٍ يأكلونه ) “خر 18:12 ” . الخمير الفطير والأعشاب المرة التي ترافق أكل الحمل المشوي له معنى . فالخميرة ترمز إلى الشهوة والخطيئة التي تكبر وتختمر كل الجسد وتسقطه في الرذيلة ، لهذا يجب أن يجرد الخبز من الخميرة لكي يصبح فطيراً ، وبهذا يعني إنهم رفعوا خميرة الأهواء والخطيئة من بينهم إستعداداً لعيش الفصح .
القديس بولس تكلم في رسالته إلى القورنتيين عن فصح المسيح ، فأشار إلى نزع الخميرة من النفس ، ودعى المسيحيين إلى الإحتفال بالفصح الجديد ، بعد أن تركوا الخميرة القديمة ، خميرة عاداتهم السيئة . فقال ( إفما تعلمون أن قليلاً من الخميرةِ يخمر كل العجين ؟ ) وقال (طهرو أنفسكم من الخميرة القديمة لتكونوا عجيناً جديداً لأنكم فطير . قد ذبح حمل فصحنا ، وهو المسيح ، فلنعيد إذاً فطير الصدق والحق، لا بالخميرة القديمة ولا بخميرة الخبث والفساد ) ” 1 قور 5: 6-8 ” . في عيد الفصح كان اليهود يطرحون الخبز الخمير ولا يأكلون إلا الخبز الفطير ، عملاً بما أوصاهم موسى زمن خروجهم من مصر ” خر 1:12″ . أما المسيحيون ففصحهم هو المسيح الذي مات وقام من أجلهم مرة واحدة فيجب عليهم أن ينبذوا كل شر وخطيئة ويحيوا حياة النقاوة والحق .
أما الأعشاب المرة فهي تحتوي على طعم العبودية القاسي ، فعلى الشعب المؤمن ألا ينسى هذا الطعم المرّ
لكيلا يقع ثانية في العبودية .
أما معنى الفصح فيشير إلى فعل العبور ، وكلمة عبري التي اطلقت على الشعب اليهودي جاءت من عبور
الرب فوق بيوت اليهود إلى بيوت المصريين ليضرب أبكارهم ، لأن الرب ( يعبر من فوقكم )
” خر 13:12″ . ففصح الرب هو العبور فوق بيوت العبرانيين الذين تناولوا الفصح وصبغوا أعتاب دورهم
بالدم . فعلى الإنسان اليوم أن يسهر أيضاً لكي ينتظر مواعيد الرب ويكون متأهباً لساعة لقاءه مع العريس كما
فعلوا العذرارى الخمس .
ختاماً نقول ، أن الفصح اليهودي ليس حدثاً ماضياً فحسب ، بل هو حدث ينظر نحو المستقبل حيث فصح المسيح . فإن كان الله قد خلص شعبه في الماضي ، فهذا يعني أيضاً إنه سيخلص شعب العهد الجديد . هكذا يجعلنا نحن المؤمنون في حالة العبور ، لكن ليس من عبودية المصريين إلى أرض الميعاد ، بل من أرض الميعاد إلى الديار الأبدية ، فعلينا أن نستعد ونتأهب لتقبل النعمة الإلهية لنصبح أحراراً والنعمة الإلهية مجانية تعطى للمؤمنين والتي تعيدهم إلى النور .
في الفصح المسيحي يجتمع المؤمنين في شركة مع ربهم ، محل الله الحقيقي إنه يشرك المؤمنين مع المسيح في
موته وقيامته اللذين حررهم من عبودية الخطيئة والموت . هنا إتصال واضح بين الفصح اليهودي والفصح المسيحي ، لكن الوضع تغيّر بالأنتقال من عهدٍ إلى عهد بواسطة فصح المسيح ، به أكتمل الفصح لأبناء العهد الجديد بعد موت وقيامة المذبوح الإلهي . فاللقاء مع الرب القائم يتم بالفصح الأرضي المقام في الأفخارستيا على مذابح الكنائس ، والإشتراك به ، وتناوله سيهيئهم إلى العبور إلى السماء . وفي الحقيقة ، كلمة ( فصح ) لا تعبر فقط عن سر موت المسيح وقيامته ، أو الأحتفال بسر الأفخارستيا فقط ، بل يشير إلى الوليمة السماوية التي نحوها نحن سائرون .
وللقائم من بين الأموات المجد دائماً

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!