مقالات دينية

الحقيقة …..بين العقل وألأيمان / الجزء الرابع

الكاتب: مشرف المنتدى الديني

 

الحقيقة …..بين العقل وألأيمان 
الجزء الرابع
الفلسفة 
نافع البرواري
للأسف الشديد عندما انفصل العلم عن الدين ، منذ القرن السابع عشر اصبح هناك خلل كبير في المعرفة من جهة معلومات علمية تعتمد على العقل فقط وبين الفلسفة (حب المعرفة) وعلم اللاهوت من جهة ثانية 
أي أصبح العلم تدريجيا لايعترف بالفلسفة التي بطبيعتها تعتمد على  المنطق والسببية والموثوقية الأساسية للأدراك الحسي .
ولا تعتمد على اللاهوت  كعلم يبحث عن حقيقة الله والأيمان به الذي هو اختبار شخصي قلبي ووجداني لايمكن للعلم فهمه او ادراكه 
وهكذا حدث الطلاق بين العلم والمعارف الأنسانية التي اسسها كبار فلاسفة اليونانيين امثال افلاطون وسقراط  …الخ
اليوم نرى التكنولوجيا واختراعات علمية واكتشافات افاق الكون والنجوم والكواكب  بسبب تقدم علوم الفلك والفيزياء والرياضيات ، ولكن تفتقر البشرية الى تلك العلاقة الروحية التي كانت تجمع العلماء الذين كانوا غالبيتهم مؤمنين مسيحيين امثال بليز باسكال ونيوتن وآخرين الذين كانوا يهتمون بشغف لأختباراتهم الروحية الشخصية .(1) 
يقول العالم اللاهوتي والفيلسوف المعروف “آر سي سبرول” في احدى  محاضراته . عندما يحدُّ العلماء عن الفلسفة والمنطق العقلاني، التي بني عليها أساس العلم ، فهنا يخرج العلم عن قواعده ويصبح لامنطقيا ، بينما الفلسفة مبنية على ثلاثة فرضيات اساسية: اولا – افتراض المنطق . ثانيا- قانون عدم التناقض . ثالثا- افتراض السببية” .
ويضيف قائلا:” انَّ من يرفض ألأيمان بالله الخالق سيرفض ايضا واحدا أو أكثر من مبادئ المعرفة  تلك : مثل المنطق و قانون عدم التناقض وقانون السببية” .(2) 
بحسب آراء العلماء الملحدون وعلى رأسهم ستيف هوكنج الذين يعتبرون أنّ العلم يجاوب على كُل ألأسئلة !!! وأنّ “الفلسفة ماتت ” حسب تعبير هوكنج ، مُدَّعيا أنَّ علم الفلسفة لم يواكب  التطورات الحديثة في العلوم ، وبالأخص في علم الفيزياء، . فاصبح العلماء هم حاملي شعلة ألأستكشافات المعرفية !!!!!!”(3)
ماهي الفلسفة ؟
*الفلسفة لفظة يونانية مركّبة من جزاين “فيلو” بمعنى “حب” و”سوفيا ” بمعنى “حكمة” . أي  أنَّ الفلسفة هي : محبة الحكمة
*الفلسفة محبّة ، محبة الحكمة ، محبّة أعلى شيء في الوجود (فيلوسوفيا)
Filosofia
 محبة الكلمة . وحالة الحب تفترض الحوار  
  Analo وليس    Dialok 
الديالوك هو ألأنفتاح على ألآخر والحوار مع ألآخر وصولا للحكمة .
*الفلسفة تعني : التفكير ، والذكاء ، والوعي ، والأستقصاء ، وألأستنتاج ، والفحص ، والتمحيص ، بالعقل .
لايمكن لأيِّ عقيدة  أو دين أو (أيدولوجية ) أن لا يستند على الفلسفة  أويستبعدها لشرح العقيدة أو الدين أو الفكر ألأيدولوجي .
التديُّن  بدون فلسفة خطر ويصبح المجتمع المتديّن معرضا بألأيمان بالخرافات والأساطير . ورجال الدين ليسوا ،في هذه الحالة ، الا دراويش ينشرون الخرافات والأساطير والسحر والشعوذ ة …. المسيحية لم تنتشر في المجتمع اليوناني والروماني إلاّ بعد ألأقناع وبالحوار بالكلمة . والفلاسفة (الوثنيين ) في ذلك الوقت كانوا بمثابة أنبياء . وأستطاعت المسيحية أن تحوّل هؤلاء الفلاسفة الى اساتذة في الللاهوت . واشتهرت المدارس في العالم المسيحي لتدريس الفلسفة واللاهوت في ، مدرسة ألأسكندرية وانطاكية وأثينا وغيرها. فالمسيحية قائمة على العقل وألأيمان … العقل وزنة من وزناة نعمة الله المعطى للأنسان  ليمارس التفكير والوعي . 
يسوع المسيح يقول “تُحب الهك من كُلِّ قلبك ومن كُلِّ عقلُك..” 
ويقول يوحنا الحبيب : “في البدأ كان الكلمة (اللوغوس ) أي العقل (يوحنا 1:1)
الكتاب المقدّس خاضع للعقل والمنطق ومن السهل على الأنسان استيعابه  ..
المسيحيّة تُطالب المسيحي بأمتحان كُلَّ شيء “إمتحنوا كُلّ شيء تمسكوا بالحسن “1تسالونيكي 5 :21 “
*الفلسفة هي أم ُّ العلوم والنضريات الجديدة في هذه العصر  تقوم بأعادة ألأعتبار للفلسفة  واعادتها الى مكانها الصحيح .(4)
*الفلسفة هي المعرفة المنظَّمة  التي نحصل عليها بأستعمال قوانا الطبيعية وموضوعها النفس والعقل وقوى ألأنسان ألأخلاقية ، والبديهيات ، والحق  ألأصلي  المطلق ، وجوهر الكائنات ألأصلي  والقوات ألأصلية في الكون ، وهي ،أي الفلسفة ، تبحث عن أصل هذه كُلَّها وأسبابها وقوانينها . أمّا علاقة الفلسفة بعلم اللاهوت  فلهما غاية واحدة ، وهي معرفة ما يختص بالخالق والمخلوق وعلاقتهما معا . غير أنَّ الفلسفة تبحث عن ذلك بواسطة العقل والحواس ، بغض النظر عن الوحي . والفلسفة الحقيقية (وكذلك العلم الصحيح) من جانب ، والوحي من جانب آخر ، لايتناقضان  ولن يتناقضا مطلقا.
 امّا علم اللاهوت فيستند على شهادة الوحي  ، ويبني تعاليمه على إعلانات الله . والطريقتان جيّدتان ولا تناقض بينهما . ولو أنَّ الفلسفة تكشف المسائل ولاتقطع باجوبتها ، بينما علم اللاهوت يقطع بأجوبة تلك المسائل ويحل معضلاتها ، فتكون الفلسفة  بمنزلة قفل وعلم اللاهوت بمنزلة مفتاحه . فالكتاب المقدّس لم يقصد تعليم الفلسفة ، إلا أنّه يوافقها .(5)
أمّا  فرانسيس شيفر في كتابه “إله غير صامت” يقول
أولا :* “الفلسفة والدين يبحثان في الوجود ، ماهو موجود ، وجود ألأنسان والخليقة ، يناقشان نفس المشاكل ألأساسية ، يبحثان نفس الموضوعات ، لكن لكُلّ منهما إجاباته وأسايبه المختلفة   . 
*الفلسفة والدين يناقشان ألأنسان وما فيه من ثنائية (أي ألأخلاق) وفي الطريقة التي يصل بها ألأنسان الى المعرفة . هذه ألأفكار تُعالجها ألفلسفة والدين .
اذا فنحن أمام ميدانين من ميادين الفكر الفلسفي 
ألأول :ميتافيزيقي  عن الوجود . والثاني: إخلاقي  . ثالثا : المعرفة .
 ثانيا : للفلسفة معنيان يجب أن لايخلطا حتى لاتختلط ألأمور أمامنا .
المعنى ألأول : كلمة فلسفة أنَّها : فكر أكاديمي أو مادة دراسية على مستوى فكري عالٍ – لايهتم بها الاّ قِلَّة قليلة من الناس . وبهذا المعنى فهناك قلة  تُطلق عليهم لفظ فلاسفة .
أمّا المعنى الثاني ، الذي لايجب إهماله – هو أنَّ الفلسفة هي نظرة ألأنسان للحياة . وبهذا المعنى يصبح كُلِّ الناس فلاسفة . لأنَّ كُلِّ إنسان نطرته الخاصة للحياة . كُلِّ إنسان فيلسوف ، سواء كان عاملا بدويا بسيطا أو أستاذا للفلسفة في الجامعة  .(6)
أمّا مشير باسيل عون في كتابه” نظريات في الفكر ألألحادي الحديث ” يقول:
“وظيفة الفلسفة أن تسأل عن الحقيقة ألأساسية وعناصر الواقع ، وهي الحقيقة التي يمكنها أن نضبطها كلّها في وحدة كيانية ومعرفة مترابطة متناسقة .
إنَّ *الفلسفة تسأل أيضا عن ألأجوبة الممكنة ومنها حقيقة المادة كاصل الوحدة الضابط للكُل . وحقيقة الحياة والروح  كأصلين للوحدة الضابطتان للكُل أيضا .
*الفلسفة تسأل عن الحقيقة ألأساسية التي تقوم في أصل ظواهر الوجود وعناصر الواقع ، وهي الحقيقة التي يمكنها أن تضبطها كُلَّها في وحدة كيانية ومعرفة مترابطة متناسقة . إنَّ الفلسفة تسال أيضا عن ألأجوبة الممكنة ومنها حقيقة المادة كأصل الوحدة الضابط للكل . وحقيقة الحياة والروح كأصلين للوحدة الضابطتان للكل ايضا . (7)
*الفلسفة : هي التساؤل والتدقيق في كل شيء ، والبحث عن ماهيته وقوانينه . فالمادة ألأساسية للفلسفة مادة واسعة ومتشعّبة ترتبط بكل اصناف العلوم وربما بكل جوانب الحياة …انها محاولة ألأجابة عن ألأسئلة ألأساسية التي يطرحها الوجود والكون .
البشرية ، وبعد أن بات العلم الحديث يثبت وجود الله بأدلّة قويّة ، وقد تجلّت القدرة ألألهية في الخليّة الحيّة التي لاترى بالعين المجرّدة ، وكذلك بعد التأمُّل في الفلسفة ، حتى أنَّ ” فرانسيس بيكون ” قال :“أنَّ القليل من الفلسفة يميل بعقل ألأنسان الى ألألحاد ، ولكن التعمُّق فيها ينتهي بالعقول الى ألأيمان ولهذا ظهر “ألألحاد المعاصر”  يتجاهل تماما وجود الله ، ويؤله ألأنسان . فإن كان الله موجودا (حسب فكر الملحدين) فليبقى في سمائه وليترك ألأنسان إلها ، لهذا الكون .يقول الشاعر الفرنسي “بريفير” :”أبانا الذي في السماوات ، ابقى فيها ” .
يقول “إيتان بورن ” عن ألألحاد المعاصر :“أنَّه مبدا أولي ، أو بالأحرى تصميم أولي  ، فيجب أن لايكون الله لكي يوجد ألأنسان “
شهدت الفلسفة تطورات عديدة مهمة فمن ألأغريق الذين أسّسوا قواعد الفلسفة ألأساسية كعلم يحاول بناء أ نظمة شمولية  للكون ظمن إطار النظرة الواقعية  الى الفلاسفة المسلمين الذين تفاعلوا مع الأرث اليوناني  دامجين اياه مع التجربة ومحوّلين الفلسفة الواقعية الى فلسفة اسمية  ثم الى فلسفة العلم والتجربة في عصر النهضة،ثم الفلسفات الوجودية (سواء الوجودية المسيحية ، اوالوجودية الألحادية)  وكذلك  الفلسفة المادية والتجريبية والطبيعية والبراغماتية والواقعية والظاهرية والداروينية الحديثة بالأضافة الى الفلسفات الأنسانية سواء الفلسفات العقلية والحلولية  ومذاهب الحداثة وما بعد الحداثة والعدمية.(9)

(1)

ار سي سبرول
ألأدراك الحسي العقل والأحاسيس
https://www.youtube.com/watch?v=Av4rlBWwpLk&list=PL60CBF769FDA59CBE&index=105
(2)
http://sehroyon.ahlamontada.com/t12562-topic
(3)
راجع الخلق والتطور… بين العلم والأيمان ج15
(4)
راجع سؤال جريء دكتور عصام عبدالله استاذ مساعد في جامعة عين شمي

(5)
راجع الموقع 
http://www.sonsofi.org/systematic_theology3.html
(6)
فرانسيس شيفر في كتابه “إله غير صامت”
(7)
راجع مقالة مشير باسيل عون : نظريات في الفكر ألألحادي الحديث 
http://www.alwasatnews.com/news/316069.html
(
راجع  كتاب الللاهوت الدفاعي لفريق من اللاهوتيين المسيحيين .

(9)

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9

 

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!