مقالات دينية

التوبة هي التغيير الكامل للحياة

التوبة هي التغيير الكامل للحياة

بقلم / وردا إسحاق قلّو

 قال الرب  ( تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم ) ” مت 28:11″

   المسيحي الحقيقي الذي يسكن فيه الروح القدس هو الإنسان الذي هيىء جسده لسكنى ذلك الروح الإلهي . لأن روح الله القدوس لا يسكن في هياكل ملوثة بالخطيئة . والخطيئة تدفع الإنسان إلى العبودية ، فتبتعد من نور المسيح . أما الذي يعيش للمسيح فهو خليقة جديدة ، أما الأشياء العتيقة أي الخطيئة التي كانت تستعبده قد مضت بعد الإيمان والمعمودية ليصبح إنساناً جديداً . فالذي يريد أن يكون بحسب قلب الله وخادماً لأبنه يسوع ، فعليه أن يتوب أولاً ، لأن التوبة الفلبية تغيير المؤمن من الداخل والخارج فيتغيَر الذهن والقلب والإرادة والأعمال . بل سيتغيّر كل شىء ليصبح إنساناً مثالياً طاهراً وبحسب إرادة الله . تقول الآية ( ولا تشاركوا هذا الدهر ، بل تغيّروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة ) ” رو 2:12 ” وهكذا يتغيّر سلوك التائب بالقول والفعل لكي يعيش حياة جديدة مع المسيح وللمسيح عندما يتحرر من عبودية الخطيئة ، لأن الذي يعمل الخطيئة هو عبد لها .

قال يسوع ( الحق الحق أقول لكم : كل من يرتكب الخطيئة يكون عبداً للخطيئة ) ” 34:8 ” .

فالإنسان التائب يعيش حياة جديدة وطاهرة لكي يذهب كل عتيق فيه إلى ألزوال ، ولا يعود إليه مرة أخرى كما يقول الرسول ( عالمين أن إنساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كي لا نعود أيضاً نستعبد للخطيئة ) ” رو 6:6″ هكذا يجب أن يكون التائب قوياً لا يفارق فكره وإرادته حياة التوبة ، بل يدعوا الآخرين إلى التوبة . وكذلك يسعى إلى قيادة التائبين إلى ما هو أسمى ، إلى حياة ملؤها القداسة والكمال في المسيح ، كما قال بولس ( به نبشر فنعظ كل إنسان ونعلم كل إنسان كل حكمة لنجعل كل إنسان كاملاً في المسيح ) ” قول 28:1″ .

    التوبة تبدأ بالتواضع ومن ثم الإعتراف . فبطرس أتضع أمام الرب أولاً ، تقول الآية ( فلما رأى سمعان بطرس ذلك خر عند ركبتي يسوع قائلاً : أخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطىء ) ” يو 8:5″ فدعاه الرب لكي يصبح صياداً للبشر .

    كذلك النبي إشعياء أتضع وأعترف بأنه خاطىء عندما رأى مجد الرب ( أش 5:6 ) فدعاه الرب ، قال ( ثم سمعت صوت السيد قائلاً ، من أرسل ومن سذهب من أجلنا ، فقلت ها أنذا أرسلني ) ” أش 8:6 ” وكذلك السامرية الزانية وعلى بئر يعقوب قادها الرب في الكلام فأعترفت بخطاياهاالتي أظهرها لها الرب ، ولم تنتظر الدعوة للخدمة ، لكنها اسرعت للذهاب إلى السامرة لتشهد للمسيح المخلص . فالذي يريد أن يقدم نعمة التوبة للآخرين عليه هو أن يتذوقها أولاً . ويتحرر من الخطيئة وطرقها لكي يعيش حياة النعمة ( فأن الخطيئة لن تسودكم ، لأنكم لستم تحت الناموس ، بل تحت النعمة ) ” رو 14:6″ هكذا التائب يرفض أعمال الجسد ويرفض الخضوع لها ، بل يخضع لهمسات الروح . والروح يقوده إلى النور . فالتائب تتغير سلوكه وسيرته ويبتعد من مشتهيات الجسد لكي ينتعش بالروح ، لأن متطلبات الجسد هي عكس ما يريده الروح ، قال بولس  ( أسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد ، لأن الجسد يشتهي ما يخالف الروح ، والروح يشتهي ما يخالف الجسد ، وهذان يقاوم أحدهما الآخر حتى تفعلون ما لا تريدون ، فإذا كان الروح يقودكم ، فلستم في حكم الشريعة ) ” غل 5: 16-18″

   أما العوامل التي تدفع الإنسان إلى التوبة والمصالحة فكثيرة ، منها الروح القدس الساكن في المؤمن منذ قبول المعمودية ( ومتى جاء ذاك أخزى العالم على الخطيئة والبر والدينونة ) “ يو 8:16 ” . فالروح يعمل في الإنسان الخاطىء ويدفعه غلى التوبة بعد أن يشعر ضميره بجرم الخطيئة ويذكره بأقوال الرب بأن إجرة الخطيئة هي الموت . فيدفع الخاطىء إلى نبذ عمل الخطيئة ويعمل على التحرر منها ، ويسعى إلى تغيير الذات لكي يعمل أعمالاً صالحة تليق بالتوبة . وقد يكون سبب هذا الأندفاع هو الإصغاء لكلمة الله عن طريق القراءة أو الإصغاء فتلك الكلمة توبخه لكي يعود غلى طريق البر والصلاح ( كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح ) ” 2تي 3: 16-17 ” وهكذا كلمة الله تنقي ضمير الإنسان وقلبه من دنس الخطيئة وتدفعه إلى سر التوبة والإعتراف للتقدم نحو القداسة ، كما قال يسوع لتلاميذه ( أنتم الآن أنقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به ) ” يو 3:15 ” .

    ومن الأسباب الأخرى التي تفيق الخاطىء لكي يتوب ويعترف هي عمل الصلاة ، فلا توبة بدون صلاة وصوم كما فعل أهل نينوى . والله يسمع ويعطي لمن يسأل ويطلب بإنسحاق القلب وبدموع ، وحسب قوله ( الحق الحق أقول لكم ، إن كل ما طلبتم من الآب بأسمي يعطيكم ، إلى الآن لم تطلبوا شيئاً بإسمي . إطلبوا تنالوا ، فيكون فرحكم كاملاً ) ” يو 24:16 ” .

    الله يقبل توبتنا لأن رحمته كبيرة ( إنظر أف 2: 4-25 ) لكن الذي يخطىء عن عمد ، وعلى رجاء التوبة ، ولأعتقاده بأن الله رحيم ، فلمثل هذا لم تأتي رحمة الله ، أي كالذي يقرر بعمل خطيئة الزنى وبعدها يقول سأتوب وأعترف بخطيئتي فلا يحصل على رحمة الله ، فيبقى في خطيئته . ولإلهنا الرحيم المجد دائماً .

التوقيع : ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1″

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!